جزم مسؤولون اميركيون في مكافحة الارهاب بإستخدام محققي وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أي وسائل تعذيب غير تقليدية في التحقيقات التي اجروها مع عناصر تنظيم "القاعدة" في قاعدة غوانتانامو. وشملت الوسائل الاغراق بالماء، خصوصاً خلال التحقيق مع خالد الشيخ محمد المتهم بهجمات 11 أيلول سبتمبر، اضافة الى ابلاغ بعض المعتقلين بأنهم سيواجهون عقوبة التصفية في بلدان العالم الثالث. واصر مسؤولو ال"سي آي أي" على ان هذه الاساليب اثمرت نتائج جيدة، وانها لم تنتهك القوانين المعتمدة في التحقيقات عموماً. على صعيد آخر، اطلقت محكمة عسكرية الملاح الجوي السوري الاصل احمد الحلبي الذي كان يعمل مترجماً في غوانتانامو، وذلك في انتظار محاكمته. نقلت صحيفة "نيويورك تايمز" عن مسؤولين اميركيين حاليين وسابقين في مكافحة الارهاب، ان محققي وكالة الاستخبارات المركزية سي آي أي استخدموا اساليب تعذيب مبتكرة في التحقيقات التي اجروها مع عناصر تنظيم "القاعدة" المحتجزين في قاعدة غوانتانامو في كوبا. وبات محققو ال"سي اي اي" يخشون من العواقب المحتملة لاعمالهم بعدما اتخذت اجراءات تأديبية في حق احد زملائهم الذي هدد معتقلاً بمسدس صوبه الى رأسه خلال الاستجواب. كما انهم يعيشون حالياً هاجس امكان التدقيق في اجراءاتهم ضد معتقلي غوانتانامو من خلال جلسات تحقيق علنية تعرضهم لفضائح جديدة غير متوقعة، في وقت يسعون الى معالجة ازمة الانتهاكات التي ارتكبت في السجون العراقية والافغانية. ويتخوف بعض الاشخاص المتورطين باجراءات التعذيب من حصول تغيير رئاسي في البلاد يمكن ان يعرضهم لملاحقات تأديبية او قضائية. واستخدم مسؤولو ال"سي اي اي" وسائل اقناع "منطقية" لازالة مخاوف المحققين، واستندت الى حقائق ان الاساليب المستخدمة في التحقيق مع "ابو زبيدة" عقب القبض عليه في نيسان ابريل 2002 والذي اشرف على عملية تطويع انصار "القاعدة" في افغانستان بإيعاز من زعيم التنظيم اسامة بن لادن، افضت الى القبض بعد شهر واحد على الاميركي من اصل بورتوريكي خوسيه باديلا والذي اعتنق الاسلام بتهمة الاعداد لتفجير قنبلة مشعة في شيكاغو. الاغراق في الماء واكد مسؤولو ال"سي اي اي" للمحققين ان اساليب التعذيب التي اعتمدت تحديداً في التحقيقات مع خالد الشيخ محمد كشفت مساهمته في الاعداد لاعتداءات 11 أيلول سبتمبر 2001. واعتمد تقنية "مرساة الماء" والتي لحظت ايهام محمد بالغرق من خلال تثبيته بقيود فترة طويلة تحت الماء. وشملت الاساليب ايضاً ارسال بعض المعتقلين الى دول في العالم الثالث، وابلاغهم بأنهم سيواجهون عقوبة التصفية، او خداع بعضهم بإحتمال تنفيذ هذا الاجراء في حقهم. واللافت ان ادارة الرئيس جورج بوش كانت اعدت بنفسها قانوناً سرياً خاصاً لاستخدام ثلاثة اساليب في التحقيقات لم يعرف مقدار التزام محققي ال"سي اي اي" بها او تخطيهم اياها، لكن ازعجت في اي حال من الاحوال مسؤولي مكتب التحقيقات الفيديرالي والذين طالبوا عملاءهم بعدم حضور جلسات الاستجواب من اجل تفادي سلبيات تلقنهم تقنياتها واستخدامها لاحقاً في تحقيقاتهم المرتبطة بجرائم مختلفة. التعذيب ضمن القانون من جهتهم اكد مسؤولو ال"سي اي اي" ان اساليبهم لم تنتهك القوانين المعتمدة في التحقيقات، ووصفوها بانها ضرورية لكشف مخططات جديدة لشن هجمات على الولاياتالمتحدة. وهم اشاروا الى ان تقنية الاغراق في الماء تستخدم في تدريب عناصر العمليات الخاصة في الجيش لجعلهم اكثر تحملاً للتعذيب إذا وقعوا اسرى في ايدي قوات العدو. ويذكر ان عدداً يتراوح بين 12 و20 من كبار قادة "القاعدة" يخضعون لنظام اعتقال سري خاص بال"سي اي اي" في اماكن غير معلنة لا يعرفها حتي الرئيس بوش، علماً ان الاميركيين يشرفون على بعضهم في حين تتولى حكومات دول اجنبية مهمة مراقبة آخرين. وفي استراليا، اشار ستيفن كيني محامي المعتقل الاسترالي في غوانتانامو ديفيد هايكس أن الاخير تلقى معاملة سيئة فاقت الحدود كلها في العامين الماضيين، وابدى استعداده لاطلاع المسؤولين الحكوميين الاستراليين على تفاصيل المعاملة السيئة شرط ألا تسلم إلى الاميركيين "لأننا قلقون من تسترتهم على حقائق كثيرة". اطلاق "جاسوس" غوانتانامو وبعيداً من الجدل الدائر في قضية التعذيب في غوانتانامو، امرت محكمة عسكرية اميركية بالافراج عن ضابط في سلاح الجو السوري الاصل احمد الحلبي المحتجز منذ تموز يوليو 2003 بتهمة التجسس واساءة استخدام معلومات اثناء عمله بصفة مترجم في غوانتانامو والسماح له بالعودة الى عمله المعتاد حتى محاكمته. وتقدم مسؤول في القوات الجوية الاميركية من الحلبي وهنأه على الافراج عنه وصافحه لدى مبادرته الى مغادرة قاعة المحكمة. ويواجه الحلبي عقوبة السجن مدى الحياة في حال ادين بالتهم المنسوبة اليه، والتي تشمل حمل خرائط للسجن ورسائل ووثائق اخرى وبعث رسائل بالبريد الالكتروني بالنيابة عن سجناء. وناقشت محكمة عسكرية أخرى قضية الجندي الأميركي رايان أندرسون المتهم بالتجسس لحساب تنظيم "القاعدة" وتضمنت الجلسة شريط شرح فيه المتهم خططه لمهاجمة دبابات. وفي باكستان، توقعت وزارة الداخلية افراج الولاياتالمتحدة عن عشرين مواطناً معتقلين في غوانتانامو في نهاية ايار مايو الجاري، واوضحت ان اربعين باكستانياً لا يزالون قيد الاعتقال. الاميركيون سجّانون فاشلون وفي لندن، اعلنت منظمة "هيومن رايتس ووتش" المدافعة عن حقوق الانسان ان معاملة الاستخبارات الاميركية السيئة للسجناء الافغان امر "شائع"، وطالبت بنشر نتائج التحقيقات الاميركية السابقة في هذا الشأن، واحالة مرتكبيها الى العدالة وضمان وصول "مراقبين مستقلين" الى السجون. واشار ممثل المنظمة لشؤون افغانستان جون سيفتون الى ان الولاياتالمتحدة لم تقدم حتى الآن اي توضيح مقنع في شأن وفاة ثلاثة معتقلين في افغانستان عامي 2002 و2003.