أعاد نائب الرئيس الأميركي السابق آل غور عقارب الساعة ثماني سنوات الى وراء، وخاطب الأميركيين في التاريخ ذاته الذي أطلق فيه حملته الرئاسية في العام 1999، معلناً هذه المرة دعمه المرشح الديموقراطي للرئاسة باراك أوباما، الذي يتصدر استطلاعات الرأي أمام الجمهوري جون ماكين، ويستعد لجولة خارجية تشمل العراق وأفغانستان. وفي خطوة باتجاه توحيد صفوف الديموقراطيين، وضع غور ثقله السياسي والمادي خلف أوباما، في حفلة انتخابية في ديترويت، مثنياً على صفاته القيادية، ومنتقداً رصيد الرئيس جورج بوش، خصوصاً على صعيد السياسة الخارجية، معتبراً أنه"الأسوأ في التاريخ الأميركي". وجاء إعلان نائب الرئيس السابق متأخراً، لتفضيله الانتظار حتى انتهاء الانتخابات التمهيدية بين أوباما وهيلاري كلينتون، والتي كان شاركها قاعات البيت الأبيض لفترة ثماني سنوات خلال ولايتي بيل كلينتون، وقبل ترشحه في العام 1999 وخسارته أمام بوش. ويحظى غور بشعبية واسعة في صفوف الحزب، خصوصاً بعد اطلاقه الحملة لمكافحة الاحتباس الحراري وتصويره الوثائقي"حقيقة غير تقليدية"الذي منحه جائزتي أوسكار ونوبل للسلام. يأتي دعم غور في وقت يسعى أوباما لرص صفوف الحزب الديموقراطي المنقسم، بعد خروج كلينتون من السباق وتحول 19 في المئة من مناصريه استطلاع وول ستريت جورنال الى الجمهوري ماكين. لكن أوباما يبقى متصدراً الاستطلاعات، على خلفية استياء غالبية الأميركيين من أداء الإدارة الجمهورية لبوش، وتدهور الوضع الاقتصادي وارتفاع أسعار النفط واستمرار الحرب في العراق. وتعطي الأرقام تقدماً للمرشح الافريقي - الأميركي بنسبة 4 في المئة، كما تعكس الاستطلاعات خرقاً لحملته في أماكن محسوبة تقليدياً للجمهوريين مثل فيرجينيا ونيفادا، حيث يتعادل مع ماكين. وحاول المرشح الجمهوري بلا جدوى حشر أوباما لقبول مشاركته تجمعات انتخابية مصغرة شبيهة بالمناظرات. وأكد أوباما ليل الاثنين - الثلثاء، أنه ينوي زيارة العراق وأفغانستان في غضون الشهور الستة المقبلة، كما سيجري، بحسب صحيفة"واشنطن بوست"، جولة أوروبية كانت مقررة مسبقاً وتأجلت بسبب اطالة المعركة الديموقراطية. وسبق أن تعرض أوباما لانتقادات حادة من الجمهوريين، لعدم زيارته العراق سوى مرة واحدة منذ مطلع 2006، حتى أن قيادات يمينية سخرت من استعداده للقاء الرئيسين الايراني محمود احمدي نجاد، والكوبي راؤول كاسترو، وعدم زيارة العراق للاجتماع بقائد قوات التحالف هناك ديفيد بترايوس. وقال ماكين في ندوة صحافية:"أنصحه بالذهاب إلى هناك، والاجتماع ببترايوس وقادتنا العسكريين الآخرين في المنطقة". في غضون ذلك، انضمت المديرة السابقة لحملة هيلاري كلينتون باتي سوليس دويل، التي جرى فصلها عن الحملة في شباط فبراير الفائت، إلى فريق أوباما، لتطلق تكهنات متناقضة حول احتمال اختيار كلينتون لمنصب نائب الرئيس. اذ ستتولى دويل المسؤولية عن فريق المرشح المقبل لمنصب نائب الرئيس. لكن ثمة من رأى أن اختيار دويل هدفه استمالة ناخبي كلينتون. وأظهرت استطلاعات الرأي أن 61 في المئة من مناصري كلينتون يدعمون أوباما، فيما انشق 19 في المئة لمصلحة ماكين. ويكرر المرشح الجمهوري اطراءه لكلينتون في التجمعات الانتخابية، لجذب أصوات قاعدتها. وحذر اوباما النساء من منافسه ماكين، الذي قاد حملة لاستقطاب أصوات اللواتي خاب أملهن على اثر هزيمة هيلاري كلينتون. وقال اوباما للشبكة التلفزيونية"اي بي سي"ان ماكين"لم يؤيد تقريباً كل الملفات التي تعتبر مهمة في نظر النساء". وأضاف:"تعرفن انه يدعم القضاة الذين يتراجعون عن قانون الإجهاض, وعارض التكافؤ على صعيد الرواتب", مؤكداً ان ماكين"عارض جهوداً لحماية النساء من بعض التمييز الذي يتعرضن له في أماكن العمل". وخلص الى القول:"اعتقد بأن هذه الحصيلة ليست جذابة للنساء". وبحسب صحيفة"نيويورك تايمز"، يبدو من خلال نظرة إلى سجل ماكين الممتد منذ 25 سنة في مجلسي النواب والشيوخ الأميركيين، التطابق بين مواقفه ومواقف الرئيس بوش حول المواضيع الكبيرة: الاقتصاد ودعم استمرار الحرب على العراق والرعاية الصحية. وأشارت الصحيفة إلى أن مواقف ماكين مطابقة لمواقف بوش في مسألة الإجهاض ونوعية القضاة الذين قال إنه يرغب في تعيينهم في المحكمة العليا. لكن في مسائل البيئة والديبلوماسية الأميركية والتسريب النووي، فإن مواقف ماكين مختلفة في شكل ساطع عن مواقف الرئيس الأميركي، وفي حين أنه يتقاسم مع بوش الأهداف المشتركة حول العراق، إلا أن المرشح الجمهوري كان في بعض الأحيان من المنتقدين علناً لكيفية إدارة الحرب في البلد الشرق أوسطي. في المقابل، أشارت الصحيفة إلى أن التفاوت بين الرجلين حول مسائل أخرى ليس واضحاً بهذا المقدار. فقد بدأ ماكين، وخلافاً لرأي الغالبية في الحزب الجمهوري، بتفضيل مسيرة منح الجنسية لملايين المهاجرين غير الشرعيين، ثم تراجع عن موقفه وشدد على مسألة أمن الحدود، وهي المسيرة التي تحظى بتأييد غالبية الجمهوريين. وعندما يتعلق الأمر بكيفية التعامل مع الإرهابيين المشتبه بهم، دعم ماكين مسألة فرض قوانين صارمة عوضاً عن المسار المفضّل للإدارة من خلال اللجوء إلى تقنيات قاسية في الاستجوابات، لكنه كان يعبر دائماً عن تضامنه مع الرئيس بوش في ما يتعلق بتحديد الحقوق القانونية لمعتقلي غوانتانامو. وفي مؤشر إلى تقاربه مع بوش، أفادت حملة ماكين الانتخابية بأن السيناتور الجمهوري يؤمن بأن من الصلاحيات الدستورية للرئيس أن يجيز التنصت من دون الحصول على مذكرات قانونية، لمراقبة المكالمات الهاتفية الدولية والرسائل البريدية الإلكترونية للأميركيين.