مع ارتفاع أسعار الغذاء وانخفاض المخزون، ازدادت حاجة العالم إلى محصول وفير، لكن الأسمدة التي كانت محركاً للثورة الخضراء، وساعدت في إنقاذ الملايين من الجوع، أضحت نادرة وباهظة، وخارج قدرة مزارعين كثر في العالم. ويقدّر ان ربع البروتين الذي يستهلكه الإنسان يأتي من الأسمدة، لذلك فإن الأسعار المرتفعة، والنقص في السوق الفورية، يزيد الضغط على منظومة الغذاء المعتلة أصلاً. وقال خايمي تاديو، وهو مزارع رز من الفيليبين لوكالة"رويترز":"لا يمكن توقع محصول كبير، من دون استخدام الأسمدة، ولكن السعر يخنقنا"، مضيفاً ان شوال الأسمدة يباع بنحو 1800 بيزو 43 دولاراً مقارنة بأقل من ألف بيزو قبل سنة،"وإذا واصلت أسعار الأسمدة ارتفاعها مع استمرار صعود أسعار النفط، فإن كثيرين لن يتمكنوا من الاستمرار". والأسمدة مثل الفيتامينات بالنسبة إلى التربة، وتنقسم إلى ثلاثة أنواع رئيسة، النيتروجين والبوتاس والفوسفات. وتقتفي بعض الأسمدة مثل النيتروجين، الذي يستهلك طاقة خلال عمليات إنتاجه، أثر أسعار النفط. ويشهد البعض الآخر طلباً كبيراً، على رغم تأكيدات الخبراء بأن النقص ليس نتيجة قلة الإمدادات. والشهر الماضي، وافقت الصين على دفع أكثر من ثلاثة أمثال السعر الذي كانت تسدده قبل سنة لتحصل على إمدادات البوتاس، ما أدى إلى صعود أسعار أسهم شركات عالمية لإنتاج الأسمدة لمستويات قياسية. وقدر محللون ان الصين، وهي اكبر سوق لاستيراد الأسمدة ستدفع بين 650 و670 دولاراً للطن. وقال الرئيس التنفيذي لشركة البوتاس الكندية"بيل دويل""ان واقع صناعتنا في المستقبل القريب، يتعلق بالضغط المكثف على إنتاج الغذاء في العالم، والنمو المستمر للطلب على البوتاس". ويُعتبر السعر المرتفع عبئاً على المزارعين الأثرياء والفقراء على السواء، على رغم ارتفاع الأسعار العالمية للمحاصيل. فإذا سارت الأمور في شكل جيد يمكن ان يحصل المزارع على ثلاثة دولارات مقابل كل دولار واحد يستثمر في الأسمدة. ويقول روبرت ماكلين، وهو مزارع للحبوب في كندا:"نأمل بأن تتعاون الطبيعة معنا، لنتمكن من ملء الصوامع، بعد ان جازفنا كثيراً". وارتفعت أسعار الفوسفات خلال سنة 50 في المئة إلى 570 دولاراً كندياً للطن، مشيراً إلى ان المزارعين الذين انتظروا حتى الربيع لشراء أسمدتهم دفعوا نحو 1230 دولاراً كندياً للطن. وتساعد الأسمدة مع المطر الكافي والحرارة المناسبة المزارعين على جني أرباح من أسعار الحبوب، التي سجلت مستويات تاريخية. لكن المحصول الضعيف سيجعل شراء إمدادات للسنة المقبلة مشكلة. ولعبت الأسمدة دوراً حيوياً في الثورة الخضراء في العقود القليلة الماضية، إذ تمكن مزارعون في الدول الفقيرة من تحقيق زيادة كبيرة في المحصول. وبدأت الثورة الخضراء في أربعينات القرن العشرين، وساعدت الأسمدة غير العضوية التي طُورت حديثاً في تحقيق زيادة كبيرة في الإنتاج الغذائي، وأنقذت دولاً مثل الهند من المجاعة. ونما استخدام الأسمدة في العالم أكثر من 11 ضعفاً، من 14.5 مليون طن عام 1950 إلى 169.4 مليون عام 2007، بينما قفز تعداد سكان العالم من 2.5 بليون نسمة إلى 6.6 بليون. ومع ارتفاع أسعار الأسمدة والوقود حالياً، يتخوف البعض من انهيار إنتاج الحبوب، ما يمثل ضغطاً على المزارعين، خصوصاً في الدول النامية. واعتبر راجيف شاه، الذي يدير برنامج تنمية الزراعة في مؤسسة"بيل وميلندا غيتس"، التي تنفذ برامج معونة ضخمة في أفريقيا ارتفاع الأسعار"مشكلة هائلة بالنسبة إلى المزارعين منخفضي الدخل". وأوضح ان استخدام الأسمدة كان يمثل تحدياً في أفريقيا منذ فترة طويلة، إذ يستخدم المزارعون عُشر ما يستخدمه المزارع الأميركي. وتتفاقم المشاكل الآن مع اضطرار الفلاحين إلى استخدام كميات اقل من الأسمدة، كما يواجهون نقصاً ويتعاملون مع تجار يبيعون منتجات قليلة الجودة. وتُعتبر المجازفة كبيرة هذا الموسم. ويعتقد البعض ان الحل الوحيد الممكن يتمثل في زيادة الدعم الحكومي للمزارعين الفقراء. ويقول بدرو سانشيز من"معهد الأرض"في جامعة كولومبيا، ان الدعم الضخم للأسمدة افضل وسيلة للمزارعين لمواجهة الأسعار"المقلقة"، مضيفاً:"يتكيفون مع الوضع بالحصول على أسمدة مدعومة، وحبوب محسنة. إنها بصفة أساسية تضاعف إنتاج المحاصيل الغذائية الأساسية مثل الذرة. وهم يحققون فائضا".