واشنطن - «نشرة واشنطن» - تعكف مؤسسات الأعمال الزراعية على إنتاج آلات تساعد صغار المزارعين، في بلدان تسعى جاهدة لزيادة إنتاج محصولها من الغذاء. وهو اتجاه يحظى بترحيب كبير، نظراً لأنه سيساعد على إبطاء وتيرة النقص المتوقع في المواد الغذائية خلال السنوات المقبلة. فقد دعا تقرير صدر حديثاً، إلى مضاعفة إنتاج المزارع من الغذاء بحلول عام 2050، لتأمين الغذاء الكافي لسكان العالم الذين يتنامى عددهم، ما يتطلب نمواً في الإنتاج الزراعي بمعدل 1.75 في المئة سنوياً، لكن معدل النمو السنوي على مدى الأعوام السبعة الماضية بلغ 1.4 في المئة. وتُصدر «مبادرة الحصاد العالمي» (اتحاد من شركات الأعمال الزراعية وجماعات معنية بالحفاظ على البيئة)، تقريراً بعنوان «الإنتاجية الزراعية العالمية». ودعا مديرها بيل ليشر «إلى توفير الدعم من القطاعين العام والخاص، لما يعرف بالثورة الدائمةِ الخضرة، والتي ستكون أطول أمداً، وأكثر إنتاجاً من سابقتها، من دون استخدام موارد طبيعية إضافية». ويتوقع تقرير عام 2010، اتساع الفجوة بين الإنتاج الغذائي وتزايد أعداد السكان. وأشار ليشر إلى التحسينات الجارية في الآلات الزراعية في حديثه عن «ثورة جديدة»، يقارنها بما يعرف ب «الثورة الخضراء» في ستينات القرن الماضي وسبعيناته، التي أنقذت بليون شخص وجنبتهم المجاعة. أما شركتا «دير أند كومباني» و «بيونير هاي بريد» الأميركيتان لتصنيع البذور، فتصنعان أيضاً آلات ومعدّات للمزارعين في آسيا وأفريقيا جنوب الصحراء، وهما منطقتان يتوقع أن تشهدا زيادات سكانية كبيرة، كما ذكر ليشر. في حين رأى مدير «دير اند كومباني»، جي بي بين، ان «التحدي الذي يواجه الصناعة في المجال الزراعي، يتمثل في التيقن من انها ستحسّن التكنولوجيا الزراعية بالسرعة الكافية»، لتلبية الاحتياجات المستقبلية. وحتى الدول التي تشق طرقات وتوجد بيئات عمل تشجع الاستثمارات الأجنبية، ستساعد في جعل الآلات الزراعية المستحدثة في متناول قطاع أكبر من المزارعين. وباشر مصنع «دير» خلال هذا العام صنع جرارات صغيرة الحجم في الهند، وآلات مثل المعاول والمقصات المصممة للاستخدام في أراض صغيرة المساحة لا تتعدى هكتارات عدة. وصُدّرت هذه المعدّات إلى 70 بلداً، ما يتيح للمزارعين فيها ممن زرعوا وحصدوا يدوياً، أو من طريق المحراث الذي تجره الثيران، أن يعملوا بوتيرة أسرع، حين تكون درجات الحرارة مناسبة، وهطول المطر مواتياً. ويصرف المزارعون الذين يستخدمون جرارات أصغر حجماً وقتاً أقل في الحصاد، وفي إمكانهم استخدام الوقت الموفر لزراعة محصولين سنوياً، وبالتالي جني عوائد أكبر. فعوضاً عن الحصول على 1.4 طن من الحبوب من كل هكتار من الأراضي الزراعية سنوياً، فإنهم سيتجهون للحصول على 4 أطنان من كل هكتار بحسب ما أوضح بين. كما زادت «دير» من حجم صناعة منظومات الري بالتقطير، التي تقطر الماء مباشرة على البذور. وتنتج هذه المنظومات كمية الغلال ذاتها مستخدمة مياهاً بنسبة تقل 30 في المئة عن منظومات أخرى تغمر الحقول بالمياه. أما شركة «بايونير» وبالتعاون مع شركاء دوليين، فتعكف على تطوير أصناف جديدة من المحاصيل مثل الذرة البيضاء والذرة الصفراء، لا سيما تلك التي تناسب مناخات أفريقيا جنوب الصحراء وتربتها، بحسب مدير البحوث في الشركة مارك ألبرتسن. وتحدد «بايونير» سلالات أنواع الذرة التي تنمو جيداً في تربة قليلة النيتروجين في الجزء الجنوبي من أفريقيا. وهي ترمي إلى الجمع بين أقوى السلالات لاستنباط أنواع هجينة تستخدم النيتروجين بصورة اكفأ، من خلال امتصاصه من التربة بسرعة، والعمل على انتقاله من الجذور إلى الأوراق. ويلعب النيتروجين دوراً أساسياً في نمو أوراق سنابل الذرة وأعناقها وحبوبها. وتنوي الشركة، بدعم من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية، وشركات بحوث دولية ومؤسسة بيل وميليندا غيتس الخيرية، توفير بذور مطورة بأسعار ميسرة لأصحاب المزارع الصغيرة، بعد إجراء تجارب عليها في افريقيا. وسيتم انتاج أولى البذور تقليدياً لتطويرها للمزارعين ولتجهيزها للبيع عام 2014. ولدى الشركة مشروع آخر تدعمه مؤسسة غيتس، يهدف إلى تحسين صحة أكثر من 300 مليون أفريقي ممن يعتمدون على الذرة البيضاء، للتزود بالمواد الغذائية الرئيسة. وستطور بالتعاون مع اتحاد تقوده مؤسسة تكنولوجيا الحصاد الإحيائية الدولية، أصنافاً من الذرة البيضاء أسهل هضماً ومدعمة بمقادير أعلى من فيتامين «أ»، والحديد والزنك. وتتركز البحوث الاولى على تحسين أصناف الذرة البيضاء التي تزرع في كينيا وبوركينا فاسو ونيجيريا، حيث تحول ظروف التربة دون نمو محاصيل أفضل تغذية مثل الذرة الصفراء والبقول والخضار. يشار إلى ان مؤسسة المزارع ووزارة الزراعة الأميركية شاركتا في إعداد تقرير «إنتاجية الزراعة العالمية» لعام 2010.