قالت مصادر سورية مطلعة لپ"الحياة" امس ان زيارة مبعوثي الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي دمشق فتحت"صفحة جديدة"بين دمشقوباريس تتضمن توفير المظلة السياسية لتعزيز العلاقات الثقافية والاقتصادية بين البلدين، متوقعة ان يشارك الرئيس بشار الأسد في القمة المتوسطية المقررة في باريس في 13 تموز يوليو المقبل والعرض العسكري في مناسبة العيد الوطني الفرنسي. وكان الأسد تسلم رسالة من ساركوزي خلال لقائه في دمشق امس الأمين العام للرئاسة الفرنسية كلود غيان والمستشار الديبلوماسي جان ديفيد ليفيت في حضور وزير الخارجية وليد المعلم والسفير الفرنسي في دمشق ميشال دوكلو. واستكمل المبعوثان الفرنسيان بعد لقائهما الأسد، محادثاتهما مع الوزير المعلم في وزارة الخارجية والى مأدبة غداء. وجاء في بيان مشترك ان المحادثات تتاولت العلاقات الثنائية والوضع في الشرق الاوسط وخصوصاً الوضع في لبنان والمسار التفاوضي السوري - الاسرائيلي ومشروع الاتحاد المتوسطي. وأضاف البيان:"ان المحادثات كانت مفيدة وبناءة، واتفق الجانبان على ضرورة تعزيز العلاقات السورية - الفرنسية ومتابعة جهود التنسيق بين البلدين من اجل الوصول الى سلام عادل وشامل في المنطقة والاستمرار في تشجيع اللبنانيين على تطبيق اتفاق الدوحة". وبحسب المعلومات المتوافرة لپ"الحياة"، فان المحادثات السورية - الفرنسية تناولت اربعة ملفات: العلاقات الثنائية، الوضع في لبنان، المفاوضات غير المباشرة بين سورية واسرائيل والمشروع المتوسطي. وبدا ان الجانب الفرنسي"يريد اعطاء دفع اكبر للعلاقات الثنائية في المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية"مع تأكيده اهمية تعيين سفير سوري في باريس، مع ربط اتخاذ خطوات ملموسة من قبل باريس بمدى التقدم في العلاقات بين سورية ولبنان. وقالت:"ان تطورات العلاقات يستدعي تعيين سفير سوري في باريس"، مشيرة الى ان العلاقات السورية - الايرانية لم تكن موضوع بحث. وقالت مصادر ديبلوماسية ل"الحياة"ان ساركوزي"اوفى بوعده، فاستأنف الاتصالات بعد انتخاب العماد ميشال سليمان"، في حين قالت اوساط سورية ان"موقف دمشق من الازمة اللبنانية كان منسجماً، اذ ان مقاربتها لحلها لم تتغير خلال الاتصالات السورية - الفرنسية وفي اتفاق الدوحة"القائمة على ان يكون الحل سلة متكاملة تتضمن الثلث الضامن في الحكومة للمعارضة والاتفاق على قانون الانتخابات. وعلم ان المبعوثين الفرنسيين شددا على اهمية اقامة العلاقات الديبلوماسية بين دمشق وبيروت وحض الاطراف اللبنانيين على تشكيل حكومة وحدة وطنية. وقالت المصادر السورية ان دمشق"لن تتدخل في تفاصيل تركيبة حكومة الوحدة الوطنية وتعزيز الحقائب الوزارية"، مضيفة انها"موافقة من حيث المبدأ على اقامة العلاقات الديبلوماسية، غير ان تنفيذ ذلك مرتبط بتشكيل حكومة الوحدة". واشارت المصادر الى قول الاسد في هذا الإطار. وأوضحت المصادر:"ان موضوع مزارع شبعا لم يطرح في الجلسة الرسمية للمحادثات. كما تناولت المحادثات السورية - الفرنسية موضوع المشروع المتوسطي. واوضحت المصادر ان الجانب السوري طرح على غيان وليفيت خلاصة نتائج القمة العربية السداسية التي عقدت في طرابلس الثلثاء الماضي، وتشديد الجانب العربي على اهمية تغيير اسم المشروع وازالة عبارة"اتحاد"على اساس عدم جواز المشاركة في اتحاد مع اسرائيل في ظل غياب السلام، إضافة الى امكان الاعتراض على المشاركة الجماعية. وتركيبة سكرتارية المشروع. وقالت المصادر ان الوفد الفرنسي وعد باثارة الموضوع مع الشركاء الأوروبيين. واطلع الجانب السوري المبعوثين الفرنسيين على نتائج المفاوضات غير المباشرة بين سورية واسرائيل برعاية تركية. وفي مقابل دعم باريس هذه الجهود، طلب الجانب السوري حشد دعم اوروبي لها وتخفيف الاعتراض الاميركي عليها. وقالت المصادر:"سورية تريد تعاوناً فرنسياً وتنسيقاً لتحقيق السلام الشامل وإنهاء الصراع". وفي باريس، وصف بيان صادر عن الرئاسة الفرنسية أمس محادثات مبعوثي نيكولا ساركوزي الى دمشق، مع الأسد ووزير خارجيته وليد المعلم بأنها"كانت مفيدة وبناءة". وأن الجانبين اتفقا على"ضرورة تعزيز العلاقة الثنائية والاستمرار في بذل الجهود للتنسيق بين الجانبين من أجل سلام عادل وشامل في المنطقة والاستمرار في تشجيع اللبنانيين على تنفيذ اتفاق الدوحة". وأشارت الى"ان المبعوثين سلما رسالة من ساركوزي الى الأسد، وإلى أنهما تناولا في محادثاتهما العلاقات الثنائية والوضع في الشرق الأوسط، خصوصاً في لبنان والشق الاسرائيلي - السوري لمسيرة السلام ومشروع اتحاد المتوسط". الى ذلك، قال مصدر فرنسي مطلع على محادثات الرئيسين الأميركي جورج بوش وساركوزي في قصر الاليزيه يومي الجمعة والسبت الماضيين ان بوش لم يوجه انتقاداً مباشراً لساركوزي في موضوع دعوته الأسد الى فرنسا، ولكنه اكتفى بتوجيه أسئلة الى الجانب الفرنسي حول ما إذا كان الرئيس الفرنسي متأكداً من ان سورية"لا تكذب"عليه أو حول ما إذا كانت فرنسا تثق بما تعده سورية، ولكنه لم يقل مباشرة انه مستاء من عودة الحوار بين فرنسا وسورية. وقال المصدر ان باريس تعلم ان الإدارة الأميركية غير راضية عن عودة العلاقة الفرنسية - السورية، ولكن بوش امتنع عن قول ذلك لأنه يولي أهمية كبيرة لعلاقته بفرنسا، ما جعله يتخلى عن إثارة مواضيع خلاف في العمق بين البلدين. وأكد ساركوزي لبوش انه عاود الحوار مع الأسد التزاماً بوعده بأنه إذا تم انتخاب الرئيس في لبنان سيعاود الحديث معه، ولكنه قال لبوش انه"لا يثق بالأسد"وأن لا أوهام لديه حوله،"ولكن هناك ما ينبغي ان يقوم به الاسد ليظهر إذا كانت نيته طيبة أو لا". وكان هناك اتفاق تام بين الجانبين الفرنسي والأميركي على الاستمرار في دعم"الأصدقاء اللبنانيين"، وقال المصدر ان الجانب الأميركي يعترف في شكل أو في آخر بأن عودة الحوار مع سورية، حتى ولو أنه لا يريد القيام به، قد يكون الطريقة الفضلى لفك ارتباط سورية بإيران على المدى المتوسط، وهذا ما قاله بوش لساركوزي. الجانب الفرنسي مقتنع بأن ذلك لن يحدث بين يوم وآخر، لكنه يرى ان في إمكان الحوار مع سورية إثارة ثغرة صغيرة في الحلف الإيراني - السوري"الذي له تأثير مؤذ جداً في لبنان"باعتقاد فرنسا والولايات المتحدة. وأضاف المصدر أن الجانبين على قناعة بأن الإيرانيين"يستخدمون سورية و"حزب الله"لأمور أخرى"، والتقارب الفرنسي مع سورية، بحسب المصدر،"لا يعني تسليم لبنان إلى سورية، بل هو محاولة لحماية لبنان من التدخلات الإيرانية عبر محاولة خلق ثغرة بين سورية وإيران". وإذ لاحظ المصدر ان الجانب الفرنسي يدرك أن في العمق، كان من الأفضل عدم الاتصال بالأسد ودعوته إلى فرنسا، قال:"هناك اعتراف أميركي بأن تطوراً حصل في لبنان مع انتخاب سليمان وان إسرائيل بدأت تتحدث مع سورية عبر القناة التركية، وكل ذلك يمكنه أن يساهم في بداية مسار لعزل إيران ودفع الأسد الى التفكير وإقناعه بأن يلتحق بالعائلة العربية". وقال المصدر ان الإدارة الأميركية تريد أن تستمر فرنسا والولايات المتحدة في دعم أصدقائهما في لبنان، كذلك الإسراع في إنشاء المحكمة الدولية ليخلص الى ان لا تغيير في الموقفين الأميركي والفرنسي تجاه لبنان، سوى أن فرنسا عاودت حوارها مع سورية، وهذا تطور مهم، لكن التوافق بين البلدين ما زال قوياً، وأكد ذلك البيان المشترك الذي حمل هذا المعنى حول الموقف الموحد من لبنان سيداً ومستقلاً وحراً وأيضاً الموقف نفسه من استمرار الدعم للمحكمة الدولية، وهذا ما شدد عليه الرئيس ساركوزي علناً وفي محادثاته الثنائية.