يستضيف الرئيس نيكولا ساركوزي الرئيس الاميركي جورج دبليو بوش إلى مائدة عشاء في القصر الرئاسي مساء الجمعة ثم يلتقيه مجدداً لجلسة عمل يوم السبت. وينتظر أن ينقل ساركوزي إلى بوش انطباعاته عن زيارته إلى لبنان ومحادثاته مع الرئيس ميشال سليمان والصعوبات التي يواجهها هذا البلد، كما سيشرح له وجهة نظره حول معاودة الحوار مع سورية ورئيسها بشار الأسد، حيث يرسل ساركوزي يوم السبت إلى دمشق فريقه الرئاسي الذي يضم الأمين العام للرئاسة كلود غيان ومستشاره الديبلوماسي جان دافيد ليفيت ومساعده للشرق الأوسط الديبلوماسي الشاب بوريس بوالون. وكما طمأن ساركوزي بعض الأقطاب اللبنانيين الذين تخوفوا من هذا التطبيع الفرنسي - السوري السريع، وقال إنه يعاود الحوار مع سورية"من دون سذاجة وثقة كاملة"، وإنه لن يزور دمشق إلا بعد أن تكون لسورية سفارة في بيروت وبعد"استتباب الأمن فيه ووقف الاغتيالات وتشكيل الحكومة"، فينتظر أن ينقل الموقف نفسه الى بوش. إلا أن الموقف الأميركي ازاء سورية مختلف عن التوجه الفرنسي. فالإدارة الأميركية عبرت باستمرار عن تخوفها من عودة التحاور بين غيان ودمشق. وكان بوش مطمئناً الى حلفه الجديد وثقته بساركوزي"الأميركي"، ولكن طيلة تحرك باريس باتجاه دمشق ومسعى غيان كانت الإدارة الأميركية غير مرتاحة لهذا التحرك الذي لم يعط نتائج سوى الانطباع أن فرنسا أخرجت سورية من عزلتها من دون أن تأخذ نتيجة في لبنان مقابل ذلك. وساركوزي عازم بعد عودته من لبنان، وقبل توجهه في 22 من الشهر الجاري إلى إسرائيل، على لعب دور مهم في الشرق الأوسط، خصوصاً خلال رئاسة فرنسا للاتحاد الاوروبي. وهو على قناعة أن الحلف السوري - الإيراني غير ايجابي، ويقول إن الحوار مع سورية ممكن، فيما الحوار مع رئيس إيران الذي يريد"ازالة إسرائيل من الخريطة"غير ممكن. إلا أن ساركوزي يعتقد بأنه بالإمكان إبعاد سورية عن حلفها مع إيران. لكن هذا افتراض غير واقعي، خصوصاً بالنسبة الى لبنان. فقد اثبتت ممارسات"حزب الله"خلال الأحداث الأخيرة في بيروت، أن لايران وسورية دوراً أساسياً في دعم هذا الحزب في لبنان، كما أن ل"حزب الله"دوراً في تعزيز الدور الإيراني في العراق. فقد كُشف عن توقيف مسؤول كبير من"حزب الله"في العراق كان يدرب القوى العراقية المؤيدة لإيران، وهذا ما أكده مسؤول عراقي لوزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير خلال زيارته الى بغداد. ويرغب ساركوزي في لعب دور في الشرق الأوسط يقوم على علاقات طبيعية مع سورية وعلاقات جيدة مع إسرائيل والحفاظ على لبنان سيد وحر ومستقل. إلا أن السؤال: هل بإمكانه النجاح في هذه المهمة مع السياسة الحالية لسورية في لبنان؟ فالأحداث الأمنية التي يشهدها لبنان على الأرض هي نتيجة عدم الاطمئنان إلى مرحلة صعبة حتى الانتخابات التشريعية. فالرئيس ميشال سليمان، كما وصفه ساركوزي، رجل نزيه وشجاع، ولكن الوضع اللبناني بالغ الصعوبة مع بقاء سلاح"حزب الله"الذي تم استخدامه في الداخل. والجيش اللبناني غير قادر على السيطرة على الأحداث الأمنية طالما أنه يحقق مع جهة واحدة والتحقيق مع"حزب الله"محرّم عليه. ان الأمور ما زالت صعبة في لبنان ومحادثات بوش وساركوزي لن تغيّر شيئاً في المواقف، فإدارة بوش اصبحت في مرحلتها النهائية، ولا يمكن قبل نهاية ولايته أن يحدث أي خرق على الصعيد الإسرائيلي - الفلسطيني، وكذلك الأمر بالنسبة الى"حلم"اللبنانيين بعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل. واظهر ساركوزي قدراً كبيراً من الواقعية عندما قال للرئيس سليمان إنه لا يمكن أن يعود اللاجئون الفلسطينيون من لبنان إلى"مكان آخر"إلا إلى الدولة الفلسطينية، لذا سيبذل جهداً لانشائها.