سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
القائد العام لإدارة المعتقلات الأميركية في العراق يتحدث الى "الحياة" عن أوضاع 22 ألف محتجز . اللواء دوغلاس ستون : تعلمنا درساً من "أبو غريب" ولا نضمن غياب التعذيب في السجون العراقية
في مقابلة خاصة مع "الحياة"، تناول نائب القائد العام للقوات المتعددة الجنسية في العراق، القائد العام لإدارة المعتقلات، اللواء دوغلاس ستون وضع نحو 22 الف معتقل في مراكز الاحتجاز الخاضعة للإدارة الأميركية، وظروفهم داخل تلك المعتقلات. وكشف ستون عن أعداد المعتقلين وجنسياتهم وأسباب احتجازهم، كما أوضح تفاصيل الأرضية القانونية التي تتيح لقوات التحالف بناء هذه المعتقلات وإدارتها وهي تفويض من الحكومة العراقية عبر مجلس الامن. ولم يخف ستون وجود ازدواجية قانونية لجهة معايير الاعتقال وشروط إطلاق السراح بين السلطات العراقية والقوات الأميركية بما يجعل العراقيين في وضع قانوني محير، مشيراً إلى أن هناك نظامين قضائيين يطبقان بحسب الجهة التي تدير المعتقل. ولم يستبعد ستون إمكان تعرض السجناء الذين يحالون إلى الجهات العراقية للتعذيب أو لسوء المعاملة، لكنه أوضح في المقابل أن لا صلاحية له داخل تلك السجون وأنها تخضع لحكومة دولة ذات سيادة. وتحدث ستون عن البرامج التأهيلية والتعليمية التي أدخلت على المعتقلات والتحسينات التي أجريت منذ تسلمه مهماته وأهمها السماح للمعتقل بالمثول أمام لجنة وتوضيح وجهة نظره، فلا يبقى مجرد رقم على ملف. لكنه في المقابل وفي سياق الحديث عن كيفية الاعتقال وأسبابه في غياب محاكمات وتوجيه تهم واضحة، قال ستون إن السبب الرئيس لاعتقال هؤلاء هو أنهم يشكلون تهديداً أمنياً مباشراً على قوات التحالف والحكومة العراقية والشعب العراقي. وكشف ستون الدروس المستقاة من تجربة"أبو غريب"وتناول ملابسات قضية عماد الجبوري التي أثيرت منذ فترة وأطلقت فضيحة تعذيب نزلاء المعتقلات الأميركية بعضهم بعضاً. في ما يأتي نص المقابلة التي أجريت مع ستون في مقره في العاصمة العراقية. بداية كم مركز اعتقال لديكم؟ - حالياً لدينا اثنان: بوكا في البصرة وكروبر في بغداد. ما هو عدد المعتقلين فيهما؟ كان العدد يقارب 26 ألفاً لكنه انخفض الآن إلى 22 ألفاً، 18الفاً و800 منهم في معتقل بوكا والبقية في كروبر. ما هي نسبة الأحداث والنساء بينهم؟ - لدينا 12 امرأة في سجن كروبر و540 حدثاً وكانوا أكثر من ألف. ما هي نسبة الشيعة والسنة بين المعتقلين العراقيين؟ - لا أعرف النسبة الدقيقة في معتقل كروبر، لكن في معتقل بوكا لدينا 4 آلاف شيعي، ما يعني أن الغالبية الساحقة هي من السنة. أي في شكل عام يشكل السنة 81 في المئة من العدد الإجمالي للمعتقلين. لكن البرامج التي نقوم بها داخل المعتقلات والأعمال اليدوية والبرامج التعليمية، كلها مختلطة بين السنة والشيعة. حتى أنهم في اثنين من المباني يبيتون معاً. لكن في صفوف النقاش الديني التي تلاقي اقبالاً واسعاً بين المعتقلين، تفصل القاعات لأن السنة يشكلون الغالبية وتختلف ممارسة بعض الشعائر الدينية بينهم وبين الشيعة. ما هي هذه الصفوف؟ هل تعلمونهم دينهم من جديد؟ - نحن لا نلقن المعتقلين شيئاً في هذه الصفوف بل هو نقاش ديني عام لا يتطرق إلا إلى ما يطبق لدى السنة والشيعة على السواء ويشرف عليه أئمة وأساتذة فقه عراقيون. ويتناول النقاش أيضاً ممارسات بعض المتشددين في المعتقل الذين يوضعون في جهة بعيدة من بقية المعتقلين وأين أخطأوا ولماذا هم هنا إضافة الى السيرة النبوية. ما هو عدد المتشددين لديكم؟ وكيف تفصلون بين المتدين والمتشدد؟ - بينت الإحصاءات التي أجريناها على المعتقلين أن 38 في المئة منهم لم يذهبوا إلى المسجد في حياتهم قط. ما يعني أنهم بالإجمال ليسوا متدينين كثيراً. أما المتشددون فيمكن معرفتهم مباشرة كما يدل عليهم معتقلون آخرون. هل لديكم علم بعدد المعتقلات التي تخضع لإدارة الحكومة العراقية؟ - لا، لا أعرف. رأيت تقريراً يفيد أن هناك 27 ألف معتقل لدى الجهات العراقية لكنني لا أتدخل في هذه المسألة. أليس هناك أي تنسيق أو علاقة بينكم وبين السلطات العراقية في ما يتعلق بإدارة السجون؟ - لا، هم لديهم نظام قضائي مختلف عن نظامنا. وما يخولنا نحن احتجاز الأشخاص ووضعهم قيد الاعتقال هو قرار صادر عن مجلس الأمن يمنحنا حق اعتقال أي شخص قد يشكل خطراً أمنياً على قوات التحالف. المعتقلون لدينا لم يخرقوا القوانين وليس لدينا أدلة على ذلك، كما أنهم لم يرتكبوا جرائم لذا فهم لا يدخلون ضمن نظام السجون العراقية. إنهم هنا لأنهم يشكلون تهديداً أمنياً مباشراً. ولا تتم إحالتهم إلى السجون الحكومية إلا إذا وجدنا أدلة في قضيتهم تستوجب ذلك. لكن حتى الآن لا تتخطى نسبة هذه الحالات ال 10 في المئة فقط من مجموع عدد المعتقلين. ماذا فعل هؤلاء ليتم اعتقالهم خصوصاً أنكم لا توجهون التهم إليهم؟ ما هي قاعدتكم القانونية؟ - بداية القاعدة القانونية هي قرار مجلس الأمن. فعندما ترى قوات التحالف شخصاً يقوم بأمور مريبة، أو مثلاً يتم إطلاق النار على دورية من أحد المنازل تداهم المنزل وتجد بقايا رصاص أو آثار رصاص على يدي رجل وتأخذ إفادات من الموجودين أو الجيران... ثمة أدلة كثيرة على تورط المعتقلين بهذه الأعمال كالإفادات والصور. في الواقع غالبيتهم لديهم صور ورسوم بيانية تكشف إقدامهم على التخطيط لشيء ما ضد قوات التحالف. كيف تؤخذ تلك الإفادات؟ وكيف يوقع الأشخاص على أوراق لا يفهمون لغتها؟ وماذا عن الأحداث؟ - الإفادات يقدمها شهود وتدونها قوات التحالف في سجلاتها. غالبية المعتقلين لا تدلي بإفادات. يتم استجوابهم وطرح أسئلة عليهم. مثلاً هنا في كروبر يجلسون في غرفة ويناقشون المسألة. بعضهم عليه أدلة كافية لدفع القضاة العراقيين إلى فتح تحقيق قضائي بحقه ويوجهون إليه التهمة ثم يحيلونه على المحاكمة. هناك مئات الأشخاص الذين صدرت في حقهم أحكام إعدام أو مؤبد... إذاً المرحلة الأولى تبدأ عندكم كنوع من الحجز الاحترازي ثم تحيلون المعتقل على السلطات العراقية إذا وجدتم ذلك مناسباً؟ - نعم، لكن ذلك حصل في 10 في المئة من الحالات فقط. كيف تضمنون ألاّ يتعرض المعتقلون للتعذيب في السجون العراقية؟ - لا نتأكد من ذلك. عندما يحال المعتقل إلى الحكومة العراقية يصبح ضمن مسؤولياتها. لا أتفقدهم بعد خروجهم من هنا. كل ما افعله أنني أوقع أوراق خروجهم. لكن لدينا برنامج مع وزارة حقوق الإنسان العراقية التي تتفقد السجون. لم لا تبرمون اتفاقاً مع الحكومة العراقية لكشف عدد السجون لديها وضمان حقوق المعتقلين؟ - ما تقوم به وزارة العدل الأميركية أنها تنظر في نظام السجون كما أنها توفد أشخاصاً من جمعيات رصد إلى داخل السجون لمراقبة ما يحدث فيها. الآن منحت الحكومة العراقية الاذن عبر سفارتها لوزارة الخارجية لإرسال مراقبين. وأنا في الوقت نفسه لا أدير نظام سجون هنا، بل معتقلات ومراكز احتجاز لأشخاص مدنيين. أما الحكومة العراقية فتدير سجوناً تضم محكومين عليهم أو متهمين لم يصدر حكم بحقهم بعد. هذان نظامان مختلفان يعملان وفق قوانين مختلفة وشروط مختلفة وأسباب احتجاز مختلفة. وفي نظامنا نحن نقوم أنا والجنرال دايفيد باتريوس بتوقيع أوراق دخولهم وخروجهم. ونحن نطلق سراحهم حالما نتأكد من أنهم لا يشكلون تهديداً أمنياً مباشراً. أما في نظام السجون العراقي فيتم استجوابهم، ومحاكمتهم وسجنهم بحسب التهم الموجهة إليهم. هل يعي العراقيون الفارق بين القانونين ونظامي الاعتقال؟ - لا أعتقد ذلك، وكل ما نقوم به تفسير ذلك مراراً وتكراراً عبر اللقاءات الصحافية. عقدنا مؤتمرين صحافيين لتوضيح هذه المسألة وحضرهما عدد من المراسلين العرب، لكن في النهاية كل يكتب ما يحلو له. نحن نشرح كثيراً لأن الأمور محيرة أحياناً. فمن ناحية يسمح لنا بممارسة مهماتنا وفق قانون الحرب، ومن ناحية أخرى للعراقيين دولة ذات سيادة، ولها دستور وجسم تشريعي وقضائي يعمل القضاة والمحامون والمدعون العامون من ضمنه. نحن فقط نأخذ المعتقلين ونحتفظ بهم ريثما نتأكد من وضعهم. صدام مثلاً كنا نأخذه من سجنه أو مركز احتجازه إلى جلسات المحاكمة ونعيده. وعندما صدر الحكم بحقه حولناه إلى السلطات العراقية. إذا كان العراق يتمتع بكامل السيادة كما تقول فلماذا لا يسيطر على كل السجون ومراكز الاعتقال فيه؟ - هذا شأن يخضع لمفاوضات جديدة بدأت هذا العام. فمن الناحية القانونية طلبت الحكومة العراقية من الولاياتالمتحدة وعبر مجلس الأمن الدولي أن تعمل القوات الأميركية على أرضه ضمن قوات التحالف. الحكومة طلبت منا أن نكون هنا. ونظراً إلى طبيعة عملنا العسكري والمواجهات التي نخوضها نحن لا نريد أن نقتل كل من يظهر في وجهنا. لذلك بدلاً من إطلاق النار مباشرة نقوم بالاعتقال. هذا لا يزهق الأرواح ونعتقد أن تلك طريقة سلمية أكثر في خوض الحرب. فعندما نأخذ هؤلاء الأشخاص، ننزع سلاحهم، ونستجوبهم ونعرف ما إذا كانوا يثيرون المشاكل أو لا. وفي هذه الحالة نطلق سراحهم. وفي نهاية العام الحالي، ستغير المفاوضات الجارية بين الحكومتين العراقية والأميركية هذه العلاقة، وقد تتجه أكثر نحو وضع يد الحكومة العراقية على كل السجون ومراكز الاعتقال. وإذا قررت الحكومة العراقية سحب الإذن الممنوح للسلطات الأميركية في متابعة مهماتها الحالية فسنتوقف عن ذلك حالاً. باختصار الجواب على السؤال هو أن الحكومة العراقية أعطتنا تفويضاً قانونياً بإمكان الاعتقال. ما مصير هؤلاء المعتقلين في حال قررت الإدارة الأميركية سحب قواتها من العراق؟ - آمل بأنه عندما يحين ذلك الوقت سيكون تم الإفراج عنهم كلهم. وماذا لو كان بعضهم يشكل خطراً فعلياً كما تقولون؟ - من هناك أدلة كافية على تشكيله خطراً أمنياً أحيل على المحاكمة، ومن بقي هنا ولا أدلة فعلية عليه هو معتقل أمني فحسب. لا أنكر أن بعضهم أشرار طبعاً، لكن مسؤولية محاكمتهم وصلاحية الفصل في قضاياهم تقع على عاتق الحكومة العراقية. إذا كنتم لا تملكون تلك الأدلة وليس لديكم ما يثبت فعلياً أنهم متورطون بأعمال تهدد الأمن على أي أساس قانوني تعتقلونهم؟ - كما سبق وقلت هناك نظامان قضائيان، النظام العراقي ونظام قوات التحالف. قد لا نملك أدلة حسية على تورط هؤلاء المعتقلين، لكننا نملك في المقابل معلومات استخباراتية عنهم تكفي من وجهة نظرنا لاعتقالهم. وتلك المعلومات غالباً ما تكون سرية ومصدرها سري لذا لا يمكن كشفها. ولدينا ضباط مكلفون النظر في تلك المعلومات السرية يتحدثون مع المعتقل. وبناء على توصياتهم إما أن يفرج عن الشخص وإما يبقى قيد الاعتقال. وما سيحدث في مرحلة لاحقة هو إمكان مشاركة الجهات العراقية في هذا التقويم. وسيسمح للعراقيين الاطلاع على المعلومات التي لدينا ليشاركوا أيضاً في اتخاذ قرار تمديد الاعتقال أو إطلاق السراح. تقديري أن العراقيين سيقررون في النهاية. نحن اليوم نفرج عن كثيرين وخفضنا العدد من 26 ألفاً إلى 22 وسنستمر بهذه الاستراتيجية، وبالعمل مع المعتقلين خلال فترة احتجازهم على برامج تأهيل وتدريب وتعليم. وما نلاحظه أن من نتائج تلك البرامج ألا يعود المعتقلون إلى النشاط القتالي بعد خروجهم من المعتقل. فبعد تطبيق البرامج التأهيلية، أفرجنا عن نحو 7 آلاف معتقل عاد منهم 20 فقط وهو رقم ضئيل جداً مقارنة بما كان الوضع عليه سابقاً. هذا هو المسار الذي نتبعه، وأعتقد أنه يجب على الجهات العراقية أن تطلع عليه بدورها، لكنني بصراحة لا أعلم ماذا يريدون أن يفعلوا، عليهم أن يقولوا لنا. ما هي الأسباب التي تجعل من الشخص خطراً أو موضع شبهات خصوصاً أن العراقيين يخضعون لمعايير مزدوجة، ومعلوماتكم الاستخباراتية تعتمد أحياناً على تقارير غير موضوعية يرسلها جيران متخاصمون مثلاً؟ - السؤال مهم، وقد خصصت لهذا الموضوع محاضرة كاملة ألقيتها على فيلق تسلم مهماته حديثاً. نحن حريصون على أن يتوافر عدد من الشروط قبل اعتقال الشخص، وأولها الصور والتصريحات والبصمات والمعدات التي بحوزته أو صورها. لا نعتمد على التقارير التي تردنا وحدها وإنما على مجموعة متكاملة من المعلومات. اعتقد ان في ما مضى كان الاعتماد اكبر بكثير على المعلومات والتقارير التي ترد من أشخاص. لكن اليوم أنا مرتاح الى هذه الناحية خصوصاً بعدما أفرجت شخصياً عن عدد كبير اعتقل بهذه الطريقة. قد لا تتوافر أدلة كافية لإدخالهم السجن وإحالتهم على المحاكمة، ولكن هناك ما يكفي للاعتقاد بأنهم اقترفوا أمراً ما ونحتاج للتحدث معهم. والآن الجديد لدينا هو جلسات الاستماع، أو لنسمها اجتماعات مع المعتقلين. فبات يمكن للمعتقل أن يلتقي لجنة من العسكريين تتابع ملفه مرتين في السنة على الأقل وقد تصل أحياناً إلى ثلاث مرات. قمنا ب 32 ألفاً من الاجتماعات تقرر الإفراج بعدها عن 45 في المئة من المعتقلين وإعادة نظر في حالات 26 في المئة منهم، فيما تقرر تمديد فترة اعتقال ال29 في المئة المتبقين ليقيننا بأنه يجب إبقاؤهم فترة أطول. ما هو معدل فترة الاعتقال للبالغين والأحداث؟ - حالياً يبلغ متوسط فترة الاعتقال 331 يوماً وهي بانخفاض مستمر لأننا بصدد الإفراج عن أعداد كبيرة. أما الأحداث فالمدة القصوى التي يقضونها هي 364 يوماً يفرج عنهم بعدها. هل لديكم معتقلون من جنسيات أخرى؟ - لدينا 226 معتقلاً من غير العراقيين يتوزعون على 22 جنسية. العدد الأكبر بينهم مصريون يليهم السوريون ثم السعوديون فالأردنيون. هل تسلمونهم إلى بلدانهم أم إلى السلطات العراقية؟ - إذا ارتكبوا جريمة أو خرقوا القوانين العراقية نسلمهم الى السلطات العراقية. أما إذا كان كل ما نملك هو معلومات سرية فنحاول إعادتهم إلى بلدانهم، ولكن بعدما نتأكد من أنهم لن يتعرضوا للأذى أو التعذيب. ونحاول أن نتعاون مع بعض الدول لتطبيق برامج تأهيل. والسلطات السعودية تقوم بعمل جيد جداً على هذا الصعيد وحققت تقدماً لافتاً. ماذا عن"سجون الدول الوسيطة"التي ينقل إليها المعتقلون ويتعرضون للتعذيب وسوء المعاملة؟ - لا علم لي بها. لكن أحياناً نحضر محققين من بلدان المعتقلين أنفسهم ليقوموا بالتحقيق معهم هنا، لأننا مسؤولون عن أمنهم وحمايتهم حتى لحظة الإفراج عنهم. وطوال فترة اعتقالهم لا يخرجون من البلد او من المعتقل سواء كروبر أو بوكا. هل يمكن أن تشرح كيفية عمل هؤلاء المحققين؟ - يسمح لبعض المحققين بالمجيء إلى ما يسمى"المركز الاستراتيجي لاستجواب المعتقلين"هنا في كروبر حيث أشرف على التحقيقات. أعطيهم الأذن بالدخول برفقة حارس أميركي والتحقيق مع المعتقلين في الغرف نفسها التي نحقق فيها وفي الظروف ذاتها لنحرص على أنهم يقومون بعملهم وفق معاييرنا. وهناك كاميرات تصور ذلك. كيف يُجرى استجواب المعتقل والتحقيق معه؟ - نأخذ كل المادة التي في حوزتنا ونحيلها إلى محامين ليطلعوا عليها ويقرروا إذا كانت كافية لتشكل قضية فنرفعها إلى السلطات العراقية التي تقوم بتحقيقاتها الخاصة. هل يخضع الحراس والمحققون الذي يعملون في المعتقل لتقويم نفسي وتدريب خاص؟ - هناك الشرطة العسكرية وأقسام عسكرية أخرى تعمل في المعتقلات وهؤلاء يتدربون شهوراً كثيرة قبل تسلمهم مهماتهم. وهناك مشرفون يتابعون الحراس وحاجاتهم وأوضاعهم، كما أن طاقم الأطباء موضوع في خدمتهم. وكانت لدينا بعض الحالات التي عانى فيها الحراس من الأرق والوهن الذهني وطلبوا نقلهم فكان لهم ذلك. إنها مسألة تقويم مستمر للمعتقلين والحراس. أثارت قضية عماد الجبوري مسألة العنف بين المعتقلين وبدا كأنكم تحيلون بعض المهمات عليهم وتغضون الطرف عنها بما يبقي الجنود غير متورطين مباشرة. ما ردكم؟ - منذ أكثر من 22 أسبوعاً لم نشهد حالات عنف بين المعتقلين أو اعتداء من المعتقلين على الحراس. وقعت حالات طفيفة نتيجة عراك صغير هنا أو هناك، لكن لا شيء جدياً. والسبب هو أنه فصلنا المتشددين عن البقية، وهم في غالبيتهم تكفيريون من أبناء العشائر وكانوا يريدون فرض وجهة نظرهم على الآخرين بالقوة فابعدناهم عنهم. لكن من غير الممكن أبداً أن يسكت حارس عن عنف يوجهه معتقل الى معتقل آخر أو أن يحرض عليه. وقصة الجبوري تعود إلى شهر تشرين الأول أكتوبر الماضي على ما أعتقد. وكان هو من طلب نقله للعيش مع المجموعة المتشددة وقال"هم تكفيريون وأنا تكفيري، هم من القاعدة وأنا من القاعدة". وعندما وصل بدأ يصلي معهم، وبعد ست ساعات أو أقل، نادى المسؤول عن المعتقلين وهو شخص ينتخبونه بينهم، على اكثر من 20 معتقلاً وانهالوا على الجبوري ضرباً وتعذيباً. فتدخلنا سريعاً وأخرجناه من بين أيديهم وأنقذنا حياته. وكان الجبوري زعيم خلية تابعة لتنظيم"القاعدة"وأحيل على المحاكمة. لم أفرجتم عنه إذاً؟ - استفاد مما يسمى"إطلاق سراح رؤوف"لأنه بالنظر إلى درجة الأذى الذي تعرض له كان من الأفضل إعادته الى عائلته. ما هو الدرس الذي تعلمه الأميركيون من معتقل أبو غريب؟ - الدرس الأول ربما هو أنه على القيادة التي تتولى إدارة المنطقة أن تكون معنية في شكل مباشر بكل التفاصيل وفي كل الأوقات. يجب أن تحرص على تطبيق معايير أخلاقية صارمة كاحترام المعتقلين وثقافتهم ورعايتهم في شكل جيد خلال فترة احتجازهم. تعلمنا أيضاً أن التحقيق لا ينفصل عن الرعاية ويجب أن يكون مرجعهما واحداً ليراقب ويحاسب ويحرص على الا تنتهك المعايير الإنسانية. وهذا عملي، فأنا أحرص على أن تطبق التعليمات بحذافيرها وأن يتلقى المعتقلون أفضل معاملة وكذلك العلاج والطعام. وزرعت كاميرات في الزوايا وفي قاعات التحقيق لهذه المهمة وأنا أعود وأشاهد ما تسجله بنفسي وأحياناً أحضر التحقيقات أيضاً. ولكن، إذا صدر أي شيء يوحي بأن حارساً أو محققاً أساء معاملة معتقل نحيله الى التحقيق. ونجد أحياناً حراساً يقسون على شخص ما، ليس كما حدث في أبو غريب بطبيعة الحال، ولكنهم مثلاً يمسكونه بقوة، أو يحكمون رباط يديه فنوجه إليهم إنذاراً.