انه يشخر بقوة. حاولت أن تنهره بوخزة صغيرة عله يتوقف عن الشخير، فانقلب على جنبه الآخر، لكنه بعد فترة تابع اللحن ذاته. قالت له انه يشخر عله يقر في أن لديه مشكلة. رد عليها بنبرة حادة"أنا أشخر، معاذ الله". كيف له أن يعترف ما دام الشخير لا يترك أثراً في الذاكرة. وفي كل ليلة يحصل الموال عينه، الزوج يشخر بغضب، والزوجة تراقب بصمت مطبق خوفاً من وقوع مشاكل زوجية. الشخير عزف منفرد على الأعصاب، وهو ظاهرة شائعة تشاهد لدى ثلث سكان العالم ان لم يكن أكثر. وهو ينتج من ارتطام الهواء بأنسجة الحلق الرخوة، أي شراع الحنك واللهاة، فتنتج من هذا التصادم ذبذبة صوتية قوية قد تطيّر النوم من أعين القاطنين في الجوار من الشركاء والأقرباء وحتى الغرباء. ان رخاوة العضلات في سقف الحلق هي السبب المؤهب للشخير، والنوم على الظهر في هذه الحال يزيد الطين بلة لأنه يساعد على تراجع اللسان الى الخلف معرقلاً حركة الهواء في المجاري التنفسية. والشخير شائع بين الرجال أكثر من النساء، والأخيرات يبقين محميات بعض الشيء منه لوجود عامل هورموني له دوره في هذا الأمر، لكن هذه الحماية ليست دائمة إذ تزول متى عبرت المرأة عتبة سن اليأس، فعندها ترتفع نسبة الإصابة بالشخير لتقترب من تلك التي لدى الرجال. واذا كان الشخير يسبب أذى معنوياً ونفسياً للسامعين، فإن أذاه أشد وأدهى على أصحابه، ففي حال ترافق الشخير مع انقطاعات وتوقفات تنفسية خلال عملية النوم، فإن هذا الوضع تترتب عنه مشاكل صحية خطيرة للغاية بل مهددة للحياة. ان التوقفات التنفسية المتعاقبة أثناء النوم تحدث خللاً طارئاً في التوازن ما بين الأوكسيجين وثاني أوكسيد الكربون في الدم، اذ يقل الأول ويزيد الثاني وهذا بحد ذاته يعتبر نوعاً من الاختناق الجزئي الذي قد يترك وراءه، عاجلاً أو آجلاً، ما لا يحمد عقباه. ان القلب والدماغ هما العضوان الأكثر تضرراً من الشخير، وفي هذا الإطار أفادت دراسة مجرية حديثة أجريت على اكثر من 12 ألف شخص نشرت معطياتها في مجلة"سليب"ان الذين يشخرون بقوة وصوت عال يرتفع عندهم خطر الإصابة بالأزمات القلبية بنسبة 34 في المئة والأزمات الدماغية بنسبة 67 في المئة مقارنة بأولئك الذين لا يشخرون. على صعيد آخر، أفادت دراسة نشرت حديثاً في مجلة أمراض الرئة الأوروبية شملت 300 شخص واستغرقت سبع سنوات، ان الذين يشخرون معرضون أكثر من غيرهم خمس مرات لمشاكل في القلب والشرايين. والشخير لا يؤثر في القلب والشرايين وحسب، بل تمتد أخطاره الى مواضع أخرى في الجسم، فقد وجد الباحثون الألمان ان اضطرابات النوم الناتجة من الشخير تؤثر سلباً في الرغبة الجنسية لكل من الرجال والنساء، ولكن هذا التأثير أبلغ في شكل فاضح عند الجنس الخشن خصوصاً عند أولئك الذين يعانون من البدانة. هناك أناس أكثر عرضة لزيارة الشخير لتوافر عوامل خطر لديهم، منها: - زيادة الوزن التي تعتبر من أبرز العوامل التي تشجع على حدوث الشخير. - الأدوية المهدئة والمشروبات الكحولية، لأنها تسبب ارتخاء في عضلات الحنجرة أثناء النوم. - التدخين، فهو يدفع الى حدوث الاحتقان في أنسجة الطرق التنفسية العلوية. - وجود أمراض في الأنف والأذن والحنجرة. - النوم على الظهر. قد يسأل سائل: كيف أعرف انني مصاب بشخير مضر للصحة؟ في الواقع هناك إشارات يمكن ان تثير الانتباه، منها: 1- أوجاع الرأس الصباحية. 2- الاستيقاظ الليلي المتكرر. 3- التعب المستمر من دون سبب واضح. 4- الرغبة الملحة في النوم نهاراً أثناء مشاهدة التلفاز وأثناء قيادة السيارة والاجتماعات وغيرها. 5- قلة الانتباه وضعف التركيز. 6- الاختناق أو ما يعرف في العامية ب?"الشرقة"أثناء النوم. 7- المعاناة من القلق صباحاً. ماذا عن الشخير عند الأطفال؟ الأطفال في شكل عام لا يشخرون، واذا أصيبوا به فإنه يؤدي الى ما ليس في الحسبان، واذا أخذنا بنتائج دراسة أميركية أجراها باحثون من مستشفى سينسيناتي للأطفال وطاولت 681 أسرة، فإن هناك علاقة ما بين الشخير والإصابة بمرض الحساسية. الى جانب ذلك أوضحت المعطيات أن الأطفال الذين يعاني آباؤهم الشخير تزيد احتمالات إصابتهم بالشخير ثلاثة أضعاف بالنسبة الى رفاقهم الذين لا يشخرون، ما يدفع الى طرح السؤال الآتي: هل للوراثة دور في الإصابة بالشخير؟ جواباً عن هذا السؤال يقول علماء بريطانيون ان الشخير له علاقة بالسمنة في الأسرة وليس بالجينات الوراثية. ويجدر التنويه الى أنه سبق لاثنين من الباحثين الأميركيين أن بيّنا أن الشخير يمكن أن يلحق ضربة موجعة بالقدرات الإدراكية والعقلية عند الطفل في سن ما قبل المدرسة وفي سن المدرسة أيضاً. هل من حل لمشكلة الشخير؟ إذا كان الشخير من النوع الخفيف المعتدل أو الذي يحصل من فترة الى أخرى، فإن الأكاديمية الأميركية للأنف والأذن والحنجرة توصي بالآتي: - ممارسة نشاط رياضي منتظم ودوري لتقوية العضلات وإنزال الوزن. - الابتعاد عن تناول المسكنات والمهدئات والمنومات ومضادات الحساسية قبل النوم. - تجنب أكل وجبات ثقيلة في الساعات الثلاث التي تسبق الذهاب الى النوم. - تجنب المشروبات الكحولية. - النوم في أوقات منتظمة. - تجنب التعب والإرهاق. - النوم على أحد الجانبين مع وضع طابة في ثوب النوم لتفادي النوم على الظهر. ختاماً بقي ان نعرف: ان نظرة الناس الى الشخير تختلف من مجتمع الى آخر، فإذا كان بعضهم يعتبره مصدر خطر للصحة، فإن آخرين ينظرون اليه نظرة حسنة، فالشخير عند الفراعنة كان مفخرة للرجال لأنه علامة إنذار للصوص لئلا يفكروا في الاقتراب من منازلهم. أما الصينيون فيقولون عنه انه علامة من علامات الصحة. وفقاً لدراسة ألمانية، فإن شخير الزوج المزعج يمكن ان يضيع من شريكة الحياة أربع ساعات من النوم أسبوعياً، ولكن يا ترى كم يفقد الزوج عند وخز الزوجة له وهو في عز نومه؟ سؤال برسم الإجابة من الباحثين الألمان أو من غيرهم.