عالقون في الفنادق والمطارات، خلف علب التلفزيون وفي شباك الانترنت، ينتظرون خبراً عن انفراجة ما، أو وسيلة عبور آمنة تعيدهم إلى لبنان. إنها حال الزوار اللبنانيين في قطر. وإذا اشتهر الشباب اللبناني بسعيه إلى مغادرة بلاده بحثاً عن فرص عمل وحياة أفضل في الخارج، فالاشتباكات الأخيرة في بيروت والمناطق عكست واقعاً آخر، يتمثل في استماتة للعودة، على رغم كل ما يحصل. وتعج فنادق الدوحة ب"مهجّرين قسريين"ً، بعضهم في ترانزيت من دول آسيوية، وبعضهم الآخر كان قصد العاصمة القطرية في مهمة عمل. حقائب جاهزة وزيارات متكررة إلى المطار، ذهاباً وإياباً، علّ طائرة تقلع فجأة. علاء برغل ونزار علّو وابراهيم برشلي، ثلاثة تجار لبنانيين عادوا من زيارة قصيرة للصين... فضلوا تحويل رحلاتهم إلى بيروت عبر مطار دمشق، بعدما تجاوز مكوثهم في كوانغزو المدة المحددة. وهم قصدوا مطار الإقليم ثلاث مرات، حتى توافرت لهم رحلة إلى سورية. برغل بدا معتاداً أكثر من زميليه على هذه التجربة. فرجل الأعمال هذا شهد أربع أزمات مماثلة. أولها كان عام 1996، تاريخ عملية"عناقيد الغضب"، وعلق حينها في هونغ كونغ. والمرة الثانية كانت 2000، حين أقفل المطار وبقي أسير الانتظار في دبي، ليتكرر ذلك وهو في مونتريال عام 2006 مع حرب تموز يوليو. وكانت تجربته في هذا الميدان بدأت مع الاجتياح الاسرائيلي بيروت عام 1982، حين عبر سورية ليحتجز في الهرمل. وإذا كان برغل مرتاحاً لوضعه نسبياً، فإن زميله علّو بدا أكثر انفعالاً. يقول:"تسببت في مشكلة في مطار كوانغزو، وحضرت الشرطة لطردي. فحجز سفري وجهته بيروت، وطلبت استقلال الطائرة المتوجهة إلى سورية، عبر الدوحة. رفضت شركة الطيران تحويل وجهتي، واستقدمت عناصر الأمن. لكني أصررت على المغادرة، ونجحت حيث فشل لبنانيون آخرون لا يزالون في الصين ينتظرون حلاً". اما برشلي، فجلس صامتاً، يفكر في أي طريق يسلكها الثلاثي لدى وصولهم إلى دمشق. وفي هذا الإطار، يقول برغل:"طريق المصنع غير سالكة، فالاشتباكات إلى زيادة، كذلك معبر الدبوسية لن يكون سهلاً، وإذا عبرناه سنعلق في طرابلس"، معتبراً أفضل حل هو سلك طريق حمص في اتجاه بعلبك. وفيما شكلت تسريبات عن تشغيل مطار القليعات في سهل عكار شمال لاستقبال وفود عربية أو طائرات لإجلاء رعايا، متنفساً، نفى السفير اللبناني في قطر حسن سعد أن يفتح المطار امام المسافرين، مطمئناً"الحياة"في اتصال للاستفسار عن رحلات قد تعلم بها السفارة، إلى أن"مطار بيروت يعمل، وهناك رحلات تحط بين الحين والآخر!"، مشيراً إلى أن"طريق سورية سالكة، وكذلك الأردن...". وفيما لا تهدأ الاتصالات بحثاً عن طريق آمنة، فتحت سوق سوداء للانتقال من لبنان وإليه. وفي ظل صعوبة السفر براً، والشلل جواً، نشطت التنقلات بحراً، عبر مراكب خاصة، يتناقل الأصحاب أرقام هواتف مشغّليها. ومن الخيارات مركب خاص يقل العالق في الخارج من قبرص إلى ميناء في الضبية، بكلفة 800 يورو، من دون ذكر كلفة الانتقال إلى الجزيرة.