يمثل طارق عزيز، الوجه الأبرز في نظام صدام حسين على المستوى الدولي، أمام محكمة الجنايات العليا في بغداد في إطار قضية إعدام تجّار عراقيين صيف عام 1992. وسيحاكم عزيز في قضية إعدام هؤلاء التجار، مع سبعة مسؤولين آخرين من النظام السابق بينهم علي حسن المجيد الملقّب ب"علي الكيماوي"الذي حكم عليه بالاعدام في قضية"الأنفال"ضدّ الأكراد. وكان عزيز 72 عاماً سلّم نفسه في 24 نيسان أبريل عام 2003 إلى القوات الأميركية بعد أيام على دخولها العاصمة العراقية، وتطالب عائلته باستمرار باطلاقه بسبب وضعه الصحي المتدهور. وسبق لعزيز أن مثل أمام المحكمة نفسها كشاهد في قضية الدجيل. وسبق أن أعلن بديع عارف عزّت محامي عزيز لوكالة"فرانس برس"الأربعاء الماضي أن عزيز سيمثل الثلثاء أمام محكمة الجنايات العليا في قضية اعدام التجار العراقيين. وتعود قضية اعدام التجار العراقيين الى صيف عام 1992 عندما كان العراق يرزح تحت حصار دولي مشدد بسبب غزوه الكويت، إذ شهدت الاسعار وقتها ارتفاعاً حاداً ما دفع بالنظام السابق الى اعتقال 40 تاجراً واعدامهم بحجة مساهمتهم في زيادة الأسعار والعمل على تخريب الاقتصاد الوطني. والمتهمون السبعة الآخرون الذين سيمثلون أمام المحكمة في القضية هم وطبان ابراهيم الحسن الذي كان يشغل منصب وزير الداخلية ابان تنفيذ عملية الاعدام بالتجار، وسبعاوي ابراهيم الحسن مدير الأمن العام 1991-1995، وعلي حسن المجيد ومزبان خضر هادي كاعضاء في مجلس قيادة الثورة المنحل، وعبد حميد محمود سكرتير صدام حسين، واحمد حسين خضير وزير المال 1992-1995، وعصام رشيد حويش محافظ البنك المركزي 1994-2003. ونفى زياد، نجل طارق عزيز الذي يعيش في عمّان تورط والده في القضية، وقال ل"فرانس برس":"قال لي والدي شخصياً إنه ليس له أي علاقة بهذه القضية، وسمع بها حاله حال معظم العراقيين عبر وسائل الاعلام". وأضاف أن والدي"كان في ذلك الوقت في مهمة رسمية خارج العراق حيث كان يشغل منصب نائب رئيس الوزراء، وكان مكلفاً متابعة مسألة لجان التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل عندما كانت هذه القضية في أوجها". وأوضح:"لم يتقدم أي من عائلات أولئك التجار بشكوى ضد والدي ومعظم الشكاوى مقدمة ضد وطبان ابراهيم الحسن وسبعاوي ابراهيم الحسن الاخوين غير الشقيقين للرئيس السابق صدام حسين اللذين كلفهما صدام شخصياً متابعة القضية". وأكد أن"هذا الموضوع اختير كأضعف تهمة ضدّ والدي حتى لا يستفيد من قانون العفو الذي أصدرته الحكومة الحالية، وتنص المادة 3، فقرة باء منه، على ضرورة اطلاق الشخص الذي مضى على اعتقاله عام دون أن يكون أُحيل الى المحكمة المختصة أو ستة شهور من دون تحقيق". وتابع زياد أن"والدي موجود في المعتقل منذ خمسة أعوام دون تهمة أو محاكمة أو تحقيق". ومعلوم أن هذه المحاكمة هي الرابعة التي تعدها محكمة الجنايات العراقية العليا التي أُنشئت لمحاكمة مسؤولي أركان النظام السابق. وسيترأس المحكمة التي ستحاكم عزيز القاضي رؤوف عبدالرحمن الذي حكم بالاعدام على الرئيس العراقي صدام حسين عام 2006 بتهمة قتل 148 قروياً من سكان قرية الدجيل الشيعية الذين اتهمهم بمحاولة اغتياله. وأُعدم صدام في 30 كانون الأول ديسمبر من العام ذاته. كما أُعدم نائبه طه ياسين رمضان وعواد أحمد البندر رئيس محكمة الثورة، بعد فترة قصيرة لثبوت تورطهم في القضية ذاتها. وحُكم على علي حسن المجيد بالاعدام بقضية حملة الانفال مع اثنين من كبار المسؤولين العراقيين. ولا يزال المجيد يحاكم في قضية قمع الانتفاضة الشيعية التي تلت حرب الخليج عام 1991. وأشاد عزيز في احدى جلسات محاكمة الأنفال التي استدعي إليها كشاهد، بصدام قائلاً:"أتشرف بالعمل مع النظام السابق، ومع البطل صدام حسين". وأضاف"أنه بطل في وحدة العراق وسيادته. إن ذلك شرف لي". وأمضى عزيز اكثر من خمس سنوات في الاعتقال منذ سلّم نفسه، وكثيراً ما شكى محاميه من تدهور صحته. ولم يُسمع كثير من عزيز سوى تصريحات يطلقها محاميه عارف عن صحته. وتردد أن عزيز تعرض إلى جلطة دماغية التي غالباً ما تحدث نتيجة ارتفاع ضغط الدم، ما يؤدي الى انسداد في أحد شرايين الدماغ. وفي كانون الأول الماضي، قال نجل عزيز إنه يعاني من سكتة قلبية. يذكر أن عزيز وُلد في مدينة الموصل شمال العراق من عائلة مسيحية آشورية، وبدل اسمه من ميخائيل يوحنا الى طارق عزيز. وتعرف على صدام منذ عام 1950، وأصبح أحد كبار الشخصيات المعروفة، على رغم كونه خارج الدائرة المغلقة التي كانت تحكم البلاد.