تفادت مدينة زحلة البقاعية أمس، تصعيداً كان يمكن أن يشكل امتداداً للأحداث التي شهدتها المدينة الأحد الماضي وذهب ضحيتها اثنان من حزب"الكتائب"هما نصري ماروني وسليم عاصي برصاص مناصر لرئيس"الكتلة الشعبية"النيابية الياس سكاف، وذلك بعدما نجحت الوساطات التي قادها ليل أول من أمس بطريرك انطاكيا وسائر المشرق للروم الملكيين الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام والسفير فؤاد الترك، في دفع سكاف إلى إلغاء مؤتمره الصحافي الذي كان أعلن أنه سيعقده أمس على خلفية الأحداث، الأمر الذي قاد بدوره إلى إلغاء حزب"الكتائب اللبنانية"و"القوات اللبنانية"اعتصامهما قبالة مكتب"الكتلة الشعبية". وكان رئيس حزب"الكتائب"الرئيس السابق أمين الجميل، تمنى في حديث إلى إذاعة"صوت لبنان"، على النائب الياس سكاف"صرف النظر عن مؤتمره الصحافي الذي ينوي عقده في زحلة وبذل الجهود لإخراج زحلة من دائرة التجاذبات السياسية وإفساح المجال للقوى الأمنية للقيام بدورها من اجل إلقاء القبض في أسرع وقت على المجرمين وإحالتهما على القضاء المختص". وبعدما استمع سكاف إلى دعوة الجميل، أصدر بياناً أعلن فيه إلغاء المؤتمر، وقال:"قرأنا بإيجابية تمني الرئيس الجميل، ونؤكد أن إخراج زحلة من دائرة التجاذبات السياسية هو هدفنا الوحيد، والحفاظ على وحدة المسيحيين، كان ولا يزال هدف عملنا السياسي منذ أن بدأنا به". وخاطب سكاف عائلتي الفقيدين، معتبرا أن"المصيبة مصيبتنا، ونطالب القضاء بأن يأخذ مجراه"، مجدداً تأكيده"رفع الغطاء عن أي شخص له علاقة بالجريمة". وكان سكاف، وصل صباحاً إلى مكتبه في سيدة النجاة، وأعلن في دردشة مع الإعلاميين:"ما زلنا نلتزم الهدوء والتهدئة حفاظا على استقرار المدينة". ولاحقاً علق الجميل على إلغاء سكاف مؤتمره الصحافي بإيجابية، مشيراً إلى أن"زحلة لا تتحمل صراعاً داخلياً". ورأى أن دعوة رئيس المجلس النيابي نبيه بري"ليست الطريقة الفضلى للتخاطب". واعتبر خلال استقبال المعزين في منزله في بكفيا أمس، أن"الحل يكون بالابتعاد من كل القيود والحياد الإيجابي"، ومؤكداً"عودة التسلح داخل المناطق الجنوبية". ومن بين المعزين السفير المصري أحمد البديوي ووفود من الأحزاب الأرمنية وشخصيات. تجمع رمزي وبدورهما، لاقى كل من"الكتائب"و"القوات"بيان سكاف بإيجابية، واستبدلا بالاعتصام أمام مكاتب"الكتلة الشعبية"في زحلة تجمعاً رمزياً أمام مدافن الشهداء وضعوا فيه أكاليل من الزهر على ضريحي الفقيدين. وقال رئيس قسم زحلة الكتائبي ايلي ماروني، شقيق نصري ماروني، خلال التجمع:"سنراقب الأوضاع ولن نترك أحداً يخدعنا أو يماطل في قضيتي الشهيدين أو يهدر دمهما، نحن فيمتابعة دقيقة وطلبنا من الشباب ضبط النفس". وكشف ماروني في حديث إلى موقع"ليبانون فايلز"أن عائلتي الشهيدين ماروني وعاصي"ستدّعيان الاثنين المقبل على سكاف، مطالباً الأجهزة الأمنية بالإسراع في عملية القبض على المجرمين. واستبعد ماروني أن يكون"حزب الله"هرب الجناة، لافتاً إلى أن"لا مصلحة للحزب في عملية التهريب". وقال:"لا أعرف ما هي المعلومات التي استند إليها رئيس الهيئة التنفيذية لپ"القوات اللبنانية"سمير جعجع في ذلك".پوشدد ماروني على مطلب تسليم الجناة المعروفين إلى القضاء"، لافتاً إلى أن"المؤتمر الصحافي الذي كان سيعقده الوزير سكاف أوجد في زحلة حالاً استفزازية لمشاعرنا وجراحنا، لذلك رفضنا أن يعقد قبل تسليم المجرمين". وأضاف:"الاتصالات صبّت كلها في خانة تجنيب زحلة مواجهة داخلية"، داعياً سكاف الذي"على تواصل دائم معهما"المتهمان الى أن يساعد الأجهزة الأمنية"، مشيراً إلى أن"قاتل سليم عاصي هو من مرافقي النائب سكاف وهذا ما قاله في تصريحه الى محطة"أو تي في". والمجرم الذي قتل نصري الماروني هو طعمه الزوقي شقيق جوزيف وهو شرطي في المجلس النيابي ومن مرافقي النائب سكاف". وأشار ماروني إلى أن سكاف كان رفع أكثر من دعوى قضائية على شقيقي نصري الذي كان يواجهه بحقائق الأمور في زحلة والذي كان تلقى الكثير من التهديدات بالقتل من الجناة أنفسهم"، معتبراً أن"على سكاف تسليم الجناة لإثبات براءته، خصوصاً انه تبين لنا بعد الجريمة أن أهالي المجرمين غادروا المدينة قبل 3 أيام من حصول الحادثة". ثم خاطبت الزميلة غادة ماروني عيد ابنة عم الفقيد ماروني، سكاف قائلة:"زحلة ليست لك يا إيلي سكاف، وانت تعرف أنني لا أقول إلا كلام حق". وأضافت:"لا أتهمك، ولا أسمح لنفسي بلصق تهمة التحريض بك، حتى تعلن نتائج التحقيقات، وستعلن للمرة الأولى نتائج التحقيقات في هذه الجريمة لأن المجرم معروف، ومن سهل هروبه سلم نفسه، واعترف إلى أين أوصله، وهو أوصله إلى قرب منزلك". كما سألت جعجع عن معلوماته التي جعلته يتهم"حزب الله"باخفاء المجرم الفار. إلى ذلك، ابرق ممثل اللجنة التنفيذية لپ"منظمة التحرير الفلسطينية"في لبنان عباس زكي إلى الجميل معزياً باستشهاد عضوي"الكتائب". استنكارات وجهود وساطة كما تواصلت المواقف الشاجبة للجريمة والداعية إلى أن تأخذ العدالة مجراها. وبرز تصريح لعضو"الكتلة الشعبية"عاصم عراجي كشف فيه عن زيارة سيقوم بها النائب كميل معلوف إلى مقر حزب"الكتائب"اليوم بغية التواصل والوساطة بين الجميل وسكاف بهدف التخفيف من حدة التوتر. وأعلن عراجي في حديث الى وكالة"الشرق الجديد"عن استمرار الاتصالات بين"الكتائب"بشخص الرئيس الجميل وبين سكاف سواء مباشرة أم غير مباشرة. وطمأن مطران زحلة والفرزل والبقاع وتوابعهما للروم الملكيين الكاثوليك اندره حداد إلى أن"الجو في زحلة بات هادئاً تماماً بعد نجاح مساعي التهدئة التي قام بها الأساقفة مع كل أصحاب النيات الطيبة من الفاعليات الزحلية وغيرها"، لافتاً إلى أن"زيارة سكاف عائلة الشهيدين لتقديم واجب التعزية أمر وارد، لأنه في النتيجة ايلي سكاف لم يرد أن يحصل هذا الحادث"، ومناشداً"الجميع الحفاظ على جو التهدئة". وأشار في حديث إلى"صوت لبنان"إلى أن سكاف يقول إن لا علم لديه بمكان وجود القتلة، وأنه رفع الغطاء عنهم، كما انه يترك للدولة أن تأخذ كل الإجراءات اللازمة للقبض عليهم أينما كانوا". ودعا النائب الثاني لرئيس حزب"الكتائب"سليم الصايغ في حديث إلى"وكالة الشرق الجديد"إلى حصر ساحة الصراع بعد أحداث زحلة بالسياسة، محذراً من ان الخروج عن هذه الأصول سيعرض زحلة إلى حمام دم بدأ باغتيال قياديي حزب"الكتائب"، ومشدداً على ضرورة تجنيب زحلة وأبنائها المأساة. كما شدد على ضرورة عدم اعتبار الإشكال قضية شخصية بين الجميل وسكاف. ومن جهتها، دعت هيئة"قدامى القوات اللبنانية"في بيان لها"الحكومة البتراء إلى القيام بواجبها الأمني على الأقل في القبض على المجرمين طالما هم معروفون وتقع عليها المسؤولية المباشرة في الكشف عن هذه الجريمة"، مؤيدة"فاعليات زحلة ومطارنتها في الدعوة إلى التهدئة في المدينة، وان تكون دماء الشهيدين حافزاً جديداً للتوحد عند المسيحيين، والابتعاد من الخطابات المتشنجة". واعتبر عضو"اللقاء الديموقراطي"النيابي هنري حلو في حديث إلى"إذاعة لبنان"أن"حادثة زحلة تدخل في إطار العراقيل التي توضع أمام انتخاب رئيس للجمهورية واستمرار التعطيل والفراغ في سدة الرئاسة"، داعياً إلى"ضرورة الإسراع في القبض على الجناة". على صعيد آخر، أفادت المديرية العامة للأمن العام في بيان أمس، رداً على ما تناقلته بعض وسائل الإعلام عن حادثة زحلة، أن"شقيق الجاني مرتكب جريمة زحلة جوزف الزوقي المدعو طعمة الزوقي لا علاقة له لا من قريب أو بعيد بالمديرية وهو ليس موظفاً ولا تربطه صلة من أي نوع كانت مع المديرية العامة للأمن العام"، كما أوضحت أن"ابن المغدور نصري ماروني المدعو ميشال ماروني، هو مفتش ممتاز في الأمن العام". بيان للسفارة الأميركية وأعلنت السفارة الأميركية في بيروت في بيان أمس، أنها"ستحد من تنقلات موظفيها إلى منطقة زحلة، وستستمر في الحد من تنقلات موظفيها نظراً إلى الوضع الأمني المتقلب والأزمة السياسية في البلاد". وقالت في بيان لها:"نشجع الأميركيين المقيمين في لبنان على الحفاظ على مستوى عال من التنبه وإبلاغ السلطات اللبنانية فوراً عن أي تحركات مشبوهة وغير عادية. وكما هي العادة، يجب على المواطنين الأميركيين الحفاظ على حد أدنى من الظهور العلني".