ترمب: سنعمل مع السعودية لتحقيق مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للعالم    الفتح يتغلب على العروبة بهدف في دوري روشن للمحترفين    شقيق سعيد الصبحي إلى رحمة الله    أمير المنطقة الشرقية يكرّم البنك العربي الوطني لشراكته المصرفية في منتدى الأحساء 2025    رئيس البرلمان العربي يستقبل وفد منظمة التحرير الفلسطينية والمجلس الوطني    "البريك"تهنئ القيادة والشعب السعودي بمناسبة يوم التأسيس    جولة يوم التأسيس : التعادل السلبي يحسم لقاء الفيحاء والخليج    فيصل بن فرحان يبحث العلاقات الثنائية مع وزير خارجية المملكة المتحدة    وزارة الخارجية السعودية تعرب عن تضامنها مع دولة الكويت    محافظ الطائف يهني النقيب الشمري    الأمير سعود بن نهار يلتقي مدير المساجد والدعوة والإرشاد بالمحافظة    قطاع أحد رفيدة يُفعّل "اليوم العالمي للسرطان"    ميدان التأسيس في محافظة الأسياح معلمًا بارزاً يعزز الهوية الوطنية .    بلدية محافظة الشماسية تستعد للاحتفال بيوم التأسيس    جامعتا الملك سعود والإمام عبدالرحمن في نهائي قدم الجامعات «أ»    أكثر من 5 ملايين مُصلٍ في المسجد النبوي خلال الأسبوع الماضي    القبض على إثيوبي في جازان لتهريبه (17) كجم "حشيش"    أنشيلوتي : مبابي يستطيع الوصول إلى مستوى رونالدو    لقاء أخوي غير رسمي.. ولي العهد يلتقي قادة دول مجلس التعاون وملك الأردن والرئيس المصري    مقتل شخصين وإصابة آخرين إثر هجوم بسكين في التشيك    أكثر من 4 آلاف مبادرة لكفاءة الإنفاق في الجهات الحكومية    الرياض تحتفي بيوم التأسيس برفع أعلام الدولة السعودية الأولى    تشكيل لجنة كويتية أمريكية للتحقيق في مقتل جنديين أثناء التدريب    فندق موڤنبيك الخبر يُرسّخ مكانته كوجهة مثالية للعمل والترفيه في قلب المدينة    تعزيزًا لهوية المملكة المالية والاقتصادية.. خادم الحرمين الشريفين يعتمد رمز عملة الريال السعودي    هيئة تقويم التعليم والتدريب تعتمد 62 برنامجاً أكاديمياً    أمير المدينة يلتقي الأهالي ويدشن موسم العسل بوادي الفرع    "تعليم الطائف" تعلن مواعيد بدء اليوم الدراسي خلال شهر رمضان المبارك    د. سليمان الحبيب: الكلية مجهزة لإعداد كوادر تمريضية على قدرٍ عالٍ من الكفاءة والتميز وستعزز جوانب الصحة المجتمعية    قطر تؤكد أن استقرار المنطقة والعالم مرتبط بحل عادل وشامل للقضية الفلسطينية    نائب أمير الرياض يرعى الحفل السنوي لجمعية كيان للأيتام    1:42 أفضل وقت لنوم القيلولة    الاستحمام بالماء البارد يعزز النوم والراحة    رمضان اقترب.. جهّز جسمك للصوم    قلم أخضر    خلال مشاركته في المنتدى السعودي للإعلام.. وزير الطاقة: ولي العهد صانع التأثير والتغيير    ترمب: شكرا ل «محمد بن سلمان».. والسعودية مميزة    «الشؤون الإسلامية»: البرنامج يستهدف 61 دولة    "حافلات المدينة" تطلق خدمات النقل الترددي بداية شهر رمضان    القيادة تهنئ رئيس نيبال بذكرى يوم الديمقراطية لبلاده    مقتل طفلة ضرباً لسرقتها شوكولاتة    إرهابيون من 50 دولة على حدوده.. والملف مسؤولية دولية.. العراق يطالب دول العالم بسحب رعاياها من «الهول»    بحضور الأمير سعود بن جلوي.. قنصلية دولة الكويت تحتفل باليوم الوطني ال64    الطائف تودع الزمزمي أقدم تاجر لأدوات الخياطة    الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز..سيرة عطرة ومسيرة ملهمة    «بوريس جونسون»: محمد بن سلمان قائد شجاع    فيصل بن نواف يتسلم تقرير أحوال الجوف    مستقبل السعودية.. جذور متأصلة ورؤية متمكنة    قاعة تركي السديري: إرث إعلامي يحتضن المستقبل في المنتدى السعودي للإعلام    توظيف التقنية للحفاظ على الحرف التراثية    د. عادل عزّت يشكر المعزّين في وفاة والده    المملكة تبحث سبل دعم العمل الإنساني في طاجيكستان    "الداخلية" تنظم ندوة يوم التأسيس    علاقة الحلم بالاستدعاء الذهني    الجمعية التعاونية متعددة الأغراض بجازان تستضيف فريق صياغة الإستراتيجية بالجامعة لمناقشة أوجه التعاون المشترك    جمعية«اتزان» تعقد اجتماعاً تحضيرياً لفعاليات يوم التأسيس بجازان    الهيئة العالمية للتبادل المعرفي تكرم رواد التربية والتعليم    مؤتمر بناء الجسور بين المذاهب الإسلامية في مكة المكرمة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



غاب المتقاتلون وحضر جيل لا يعرف الرواية الكاملة للحرب ... وضاعت المسؤوليات . نيسان اللبناني ... ذاكرة الأهل الحاضرة
نشر في الحياة يوم 16 - 04 - 2008

أحيا اللبنانيون ذكرى اندلاع حربهم الأهلية في العام 1975. طغت المادة الإعلامية وتراجعت اللغة السياسية. حضرت الحرب، ولم يحضر المتحاربون. ما زالت"الفعلة المدمرة"تقيد ضد مجهول!
لعل الانشغال بالحرب المستديمة، صرف انتباه أمراء الطوائف عن الالتفات إلى مناسبة انفراط العقد الأهلي في الربع الأخير من القرن الماضي. ولعل التمادي في ارتكاب فعل"الفرط الوطني"والإيغال فيه، ينفيان صفة الماضي والفوات عن"الحدث الأصلي"، بل يعيدان تأكيد استمراريته، كقيد ثقيل يمسك بعنق الحياة السياسية اللبنانية، ويحصي عليها أنفاسها... بعد أن يسد أفق تنفسها الرحب.
غاب المتقاتلون، وغُيبت المسؤوليات، واستحضر جيل لا يعرف الرواية الكاملة للحرب، ويجهل مجرياتها ويومياتها، لكنه يُحمَّل انقساماتها، ويُخلَع عليه لبوس شعاراتها، ويحتل بالتالي خطوط التماس الجديدة المرسومة له بدقة، من جانب الأمراء الطوائفيين، وبقبول، لا يخلو من الحماسة، من جانب جيل الورثة هذا. لا يستطيع المتقاتلون، قديماً وحديثاً، استعادة تجربتهم بالنقد السياسي والفكري، الواجب واللازم. ففي إدانة الماضي القتالي، اتهام صارخ للحاضر الطوائفي السجالي، ولأن النقد يستوجب"نقد السلاح"، يصير من المستحيل على أصحاب"المنظومة المفهومية"الطائفية، رمي مفاهيمهم"الماضية"وشعاراتها بسهام التفنيد والتجاوز، لأن"المنظومة"إياها، ما زالت السلاح الأمضى والأفعل والأنسب، في معركة الاصطفافات الطائفية الحالية، التي تجاوز صفاؤها حال اصطفافات الطوائف في زمن سياسي لبناني غابر، وفاق توحدها حول نواتها الصلبة، ما عرفه الوضع الطوائفي اللبناني، حتى الآن، من توحد.
لا تكتسب الوقفة أمام حدث الحرب لئلا نقول ذكراها جديتها إلا إذا أعادت استحضار مواضيع الانقسام الفعلية التي انتشر فوق مساحتها اللبنانيون، وإلا إذا أعيد طرح السؤال حول مسلك القوى السياسية والأطر"الدولتية"المتاحة، التي تضافرت جهودها لجعل الإنسداد السياسي أمام التسوية الممكنة"أفقاً"أوحد، وانفجار القتال"مخرجاً"لا بديل منه لتعديل موازين القوى السياسية السائدة! لقد أسست الطوائفية السياسية اللبنانية، التي كانت تمسك بمقاليد الإدارة"النظامية"، للانفجار الأهلي، بسبب امتناع نظامها من استقبال التعديلات"المجتمعية"والسياسية، وبالتالي، قبولها والشروع في معالجتها، تمهيداً لإدراجها اللاحق في سياق"الانتظام الوطني"العام... عجز النظام السياسي اللبناني، بنيوياً، عن الإقدام على ذلك، وسد مسامعه، فلم تصلها، طلبات"المشاركة... والغبن... ورفع الحرمان وملامسة شيء من التحديث في بنيته المتهرئة...". كان القمع العاري وسيلة التعامل، بعدما بات"القمع المبطن، غير ذي فعالية ناجعة.
"الصمود الرسمي"في وجه"المطالبات الشعبية"المتنامية، واكبه صمود من نوع آخر، خلف تعريفات للموقع اللبناني في معادلة الصراع العربي - الإسرائيلي، تراوحت بين"الحيادية ومحاولات الإنسحاب"، أو الاكتفاء من"وجه لبنان العربي"بعروبة مفصلة على قياس رؤية النظام لنفسه، رؤية تكتفي من كل مشاكل"الانتماء إلى المحيط، بعروبة اقتصادية"، وبما تبثه من شذرات"أيديولوجية". كان كل ذلك الأرضية الملائمة، بل الثابتة للخيارات السياسية الأخرى. هكذا قام شبه"حلف فكري"بين الإقفال على الداخل، ومحاولة الإفلات من"أحكام الخارج"، العربي تحديداً، ما دفع لأن يكون لپ"الداخل اللبناني الآخر"، المعارض والمعترض، خارجه الفكري والأيديولوجي الذي يستقوي به ويقيم بينه وبين"خياره الفكري"الداخلي، أواصر ارتباط وعلاقات تحالف متينة.
من الصعب على قيادة الحرب السابقة أن تعرض أسبابها السياسية للنقد، لأن الأسباب نفسها، ما زالت وسيلة التعبئة الأفضل للقيادة نفسها. النقد، في المقام الطوائفي، نقض وجودي، فلا يعقل أن يقدم"طائفي"على إلغاء ذاته، من خلال تعريض كل"الخطاب الطوائفي"لسجال تجاوزي. وما يساعد في الالتفاف على عملية معاينة الأخطاء، هو الوضع السياسي الحالي، الذي بات الانقسام المذهبي والفئوي مظهراً له، بحيث تراجعت الانقسامات الإجمالية التي شكلت مظلة سياسية لجميع الفرقاء، لدى اندلاع شرارة الحرب في العام 1975. لا يغيب عن البال أن الصراع دار"حول السيطرة على لبنان"، بمعنى الفوز بقرار تحديد خياراته ووجهته العامة، في الداخل ومع الخارج، كذلك لا يفوت"المتذكر"أن توزع البلد شطرين كان"موقتاً"، ومجرد قاعدة أولى للانطلاق نحو الشطر الآخر للسيطرة عليه، فكانت الوحدة القسرية مطلباً ألحّ على فرقاء الحرب، الذين اكتشفوا لاحقاً أن ما سعوا إليه كان ضرباً من الأوهام.
إذا كان هذا ما دار في ذهن المتصارعين يومها، فإن واقع الحال اليوم، يغيّب، كلاماً وممارسة، هاجس استعادة الوحدة الداخلية، مثلما يحجم عن الخوض في بحث شروطها. عليه صار السائد، والحاضر أبداً، وبإلحاح، مصير هذه الفئة اللبنانية أو تلك، وحجم مصالحها الخاصة، قبل البحث في موضوع المصالح العامة. لذلك صار حساب الربح والخسارة مقروءاً بنظارات الفئوية الضيقة وليس بمنظار الاجتماع اللبناني الرحب.
لم تصر الحرب إلى الذكرى، لأن اللبنانيين مستمرون في كتابة فصولها. لذلك ما زالت خاتمة الرواية السعيدة، حلماً يراود الأجيال.
* كاتب لبناني.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.