وصف المدير العام لصندوق النقد الدولي دومينيك ستروس - كان العالم في نفحة شعرية، بأنه واقع اليوم بين الجليد والنار، ملخصاً أهم القضايا المطروحة على اجتماعات الربيع التي يبدأها وزراء المال ومحافظو المصارف المركزية في واشنطن اليوم، بين"جليد تباطؤ الاقتصاد العالمي"متأثراً بتداعيات أزمة الرهن العقاري الأميركية على أسواق الائتمان والركود المتوقع في الولاياتالمتحدة، ونار تعاظم أخطار التضخم نتيجة الاندفاع المحموم لأسعار السلع والمواد الغذائية". ولفت في مشاركته الأولى في اجتماعات دولية بعد توليه منصبه الجديد، إلى أن محادثات مسؤولي المال ستجري على خلفية أن"أكبر التحديات التي تواجه العالم، تكمن في احتمال تردي الأوضاع المتأزمة أصلاً في أسواق الائتمان الأميركية والأوروبية، وتزايد نفور المستثمرين من الأخطار". وحذر من أن"يزيد تحقق هذا الاحتمال تباطؤ الاقتصاد العالمي حدة بسبب أخطاره، التي يمكن أن تشمل حصول تراجع حاد، وربما انقطاع كلي في حركة انتقال رأس المال إلى الاقتصادات الناشئة في الجنوب وأوروبا الشرقية". ورجح، في مؤتمر صحافي عقده للحديث عن دورة الربيع من الاجتماعات المشتركة لصندوق النقد والبنك الدولي اليوم وغداً، أن"تنمو الاقتصادات الصاعدة التي تنفرد بأكبر مساهمة في نمو الاقتصاد العالمي بوتيرة قوية"، لكن ذلك"لا يعني أنها محصنة ضد الأزمة الراهنة". ورأى أن"فك الارتباط بين ما يحدث في الشمال وما يمكن أن يحصل في الجنوب ليس أكثر من نظرية مضللة". لكن تجاهل كلياً ما تتوقعه الدول الصاعدة والنامية من اجتماعات الربيع، لا سيما مجموعة السبع لمعالجة أزمة أسواق الائتمان وتحييد أخطارها التي تهدد الاقتصاد العالمي، تاركاً هذه المهمة الصعبة لرئيس مجلس الاحتياط الفيديرالي المصرف المركزي الأميركي بن برنانكي". وأعلن برنانكي، في كلمة أمام مجلس الشؤون الدولية في ولاية فرجينيا أول من أمس، أن من شأن تطبيق التوصيات الصادرة عن مجموعة العمل الرئاسية الأميركية أخيراً لإصلاح قطاع المال الأميركي، بما في ذلك زيادة الشفافية وتحسين إجراءات إدارة الأخطار وتعميق التنسيق بين الهيئات الرقابية، وپ"العمل مع شركائنا الدوليين لتطبيق إجراءات متسقة أو مكملة في بلدانهم، أن يحققا منافع كثيرة، خصوصاً المساهمة بقوة في إعادة أسواق المال إلى حالها الطبيعية". وكان وزير الخزانة الأميركي جون بولسون، أشار في بيان إلى أنه ونظراءه في مجموعة السبع،"سيستمعون في لقائهم على هامش اجتماعات الربيع، إلى نتائج تحليل الهيئة الدولية"منتدى الاستقرار المالي"، مكامن الضعف في أسواق المال، والتوصيات المقترحة في شأن إدارة الأخطار والشفافية وتدقيق الحسابات وتسعير المشتقات المورقة، ووكالات التصنيف الائتماني، والتعاون بين الهيئات الرقابية، مؤكداً تطلع بلاده إلى"العمل مع شركائها لتطبيق هذه التوصيات بسرعة وفاعلية". وبالنسبة إلى القرارات المتوقع أن تتمخض عنها الاجتماعات الدولية لمكافحة نار التضخم، نبه المدير العام لصندوق النقد الدولي من أخطار"مستويات مرتفعة ومستدامة"من التضخم الناجم عن الارتفاع المحموم والمستمر في أسعار السلع. وحذر من أن أسعار المواد الغذائية التي ارتفع مؤشرها 48 في المئة منذ نهاية 2006، بفعل عوامل العرض والطلب والمخزون والوقود الحيوي،"باتت تهدد كل المكاسب التي حققناها في مكافحة الفقر". وعرض رئيس البنك الدولي روبرت زوليك في مؤتمر صحافي منفصل، أمثلة صارخة عن خطورة ارتفاع أسعار الغذاء، مشيراً إلى أن العامل اليمني"أصبح ينفق نصف دخله اليومي على شراء الخبز، وبالكاد يكفي نصف دخل الأسرة في بنغلادش لشراء كيلوغرامين من الرز". وبينت دراسة للبنك أن أسعار التصدير للقمح الأميركي"ارتفعت من 375 إلى 440 دولاراً للطن في الشهور الثلاثة الأولى، بعدما قفزت 181 في المئة في السنوات الثلاث الأخيرة". واستبعد ستروس كان، أن تتوصل اجتماعات الربيع إلى قرارات جماعية لمكافحة التضخم، لكن زوليك جدّد اقتراحه بدعوة صناديق الثروات السيادية إلى تخصيص واحد في المئة من أصولها، ما يصل إلى 30 بليون دولار، للاستثمار في مشاريع الإنتاج الزراعي والغذائي في البلدان الأكثر فقراً في أفريقيا". وحض المجتمع الدولي على"تلبية الاحتياجات الطارئة لبرنامج الغذاء العالمي والمقدرة بنحو 500 مليون دولار".