في سهول أراوكا تدور فصول جديدة من الحرب الكولومبية الداخلية أو الأخوية. ويخوض الحرب الأخوية هذه القوى المسلحة الثورية الكولومبية، المعروفة بالپ"فارك"، وهي التي أفرجت عن بعض رهائنها ولا تزال تحتجز آخرين منهم السيدة انغريد بيتانكور وپ"جيش التحرير الوطني". وترعى في أراوكا قطعان حمر وحشي، وتشيد قرى رعاة بقر، وتعج المدن بالجنود، وتنتشر آبار النفط الغنية. وجعل الرئيس ألفارو أوربي أراوكا منطقة معسكرة. وأراد، في المرتبة الأولى، حماية المنشآت النفطية، وتعود ملكيتها الى"أوكسي"، الشركة الأميركية. ويضطر المزارعون والفلاحون من أهالي السهل الى النزوح الى مدن قريبة أو بعيدة هرباً من اقتتال المجموعات المسلحة، شبه العسكرية تلك التي يسلحها الجيش والثورية. فالسهل يكاد يكون"مختبر حرب"، على قول المنظمات غير الحكومية. وهو على الحدود الفينزويلية ? الكولومبية، وموقعه من عوامل تعقيد المنازعات وتغذيتها. وتعود حظوة أراوكا الى 1983، حين اكتشاف النفط هناك. فتقاطر التجار والمغامرون والحركات المسلحة. وأسهم الفقر في انضمام الفقراء الى منظمات حرب العصابات والغوار. واشترت المنظمات هذه الإدارة المحلية، وفرضت"الخوة"على شركات النفط وابتزتها. وفي الأثناء نددت بنهب"الغرينغو"الأميركيين الذهب الأسود الوطني. فاقتسمت"القوات المسلحة الثورية"، الماركسية، السهل وموارده، مع"جيش التحرير"الغيفاري. ومنذ عامين اندلعت حرب الفصيلين. فهجر المزارعون والفلاحون القرى القريبة من جبهة القتال. وتسعى"القوات المسلحة"في الاستيلاء على الجهات التي التزمت الإنتاج لشركة"أوكسي"، وتعمل بالوكالة عنها. وينتشر مقاتلوها جماعات وشللاً قليلة العدد، مشياً على الأقدام، أو ركوباً على دراجات نارية. ويرصد المقاتلون من الفريقين مخيمات الفريق الآخر. وبعض الأخوة يقاتلون في صفوف الفريقين ويقتتلون. وقلما يقتتل الفصيلان مباشرة. فهما يتوسلان بالمدنيين. ويرى المسافر على جهتي الطرق مدافن القتلى، وأكاليل الورد عليها. ومنذ كانون الثاني يناير قتل 40 مزارعاً وفلاحاً. وما أخفق أنصار العسكر والحكومة في إنجازه، وهو تحطيم الحركة الاجتماعية الفلاحية وتهجير السكان، أنجزته المنظمات المسلحة الثورية على خير وجه، على ما لاحظ أحد النقابيين المحليين. وفي آخر 2005، أدى اغتيال"جيش التحرير"قائد"القوات الثورية"الأسطوري،"إل تشي"، الى اندلاع الاقتتال والاغتيالات. وكان"الجيش"حاول مفاوضة الحكومة. فعدَّ خصمه المحاولة خيانة. ويأسف ضباط"الجيش"لحرب أخوة"الثورة"، ويدعون خصمهم الى الحوار، ويتهمونه بالستالينية. وبعض النافذين في أراوكا يدعون الرئيس الفينزويلي، هوغو تشافيز، الى التوسط في النزاع. عن باسكالي مارياني وروميو لانغلوا،"لوفيغارو"الفرنسية، 28/2/2008