بعد سنوات طويلة من الحديث عنها، بدأ العد التنازلي لاستخدام تقنية "هاي ديفينيشن" High Definition وترجمتها"الوضوح العالي"أو"الدقة العالية""المعروفة اختصاراً بالرمز"اتش دي"HD. والمفارقة أنها ابتكرت قبل إطلاقها بسنوات، وأنها مرت بفترة من"السبات"الاجباري قبل عودتها للنشاط أخيراً. فقد ظهرت قبل سنوات أجهزة التلفزيون التي تعمل بتقنية"أتش دي"، وكانت باهظة الثمن. وفي المقابل، فإنها لم تكن قابلة للاستعمال! والسبب؟ أن السلسلة التي تصل استوديوهات البث بجهاز المستخدم والتي تشمل مراكز الارسال في المحطات التلفزيونية والاقمار الاصطناعية، لم تكن قد اعتمدت التقنيات التي تتلاءم مع شاشات"اتش دي"! وتغيرت هذه الصورة راهناً، كما ظهر في احتفاء"كابسات دبي 2008" CabSat Dubai 2008 المعرض السنوي للكوابل والاتصالات والبث، بهذه التقنية. ولم يتردد بعض الخبراء في القول إن اللحظة الراهنة تحمل نهاية عصر تقنية"ستاندرد ديفينيشن"Standard Definition وترجمتها"الوضوح القياسي"أو"الدقة التقليدية"، وبداية زمن"اتش دي". وشبهوه بالانتقال من عصر التلفزيون الأبيض والأسود إلى البثّ الملوّن. وغني عن القول ان تقنية"الوضوح العالي"دخلت المنطقة العربية في لحظة تتفجر فيها سماؤها بالمحطات الفضائية والأقمار الاصطناعية أيضاً. العرب خارج"الوضوح العالي"! قدم"كابسات دبي 2008"أول عربة بث تلفزيوني متنقلة تعمل بتقنية"اتش دي"في منطقة الشرق الأوسط. وفي لقاء مع"الحياة"، كشف الرئيس التنفيذي ل"المؤسسة العربية للاتصالات الفضائية"عربسات خالد بن أحمد بالخيور خطة المؤسسة لإطلاق قمرين اصطناعيين من الجيل الخامس الذي يدعم تقنية"أتش دي"خلال العامين المقبلين. وأوضح أن القمر"بدر 5"سيطلق في نهاية العام 2009، ويليه"بدر 5أ"في العام 2011. وأوضح أيضاً أن الأقمار الجديدة، وضمنها واحد يطلق في حزيران يونيو المقبل، تحتوي تقنيات متطورة مثل استعادة البيانات في الفضاء والتعافي من الكوارث في حالة حدوث مشاكل في المحطات الأرضية، إضافة الى تقنية"اتش دي". وتملك"عربسات"راهناً محطة أرضية رئيسية في السعودية وأخرى احتياطية في تونس. و"سيصبح القمر"بدر 5"الأول شرق أوسطياً في توفير تقنية"باك آب"Back Up في الفضاء لحماية خدمات الاتصالات الفضائية من الأعطال... وتخطط المؤسسة لإطلاق قمر اصطناعي جديد كل سنة خلال السنوات الأربع المقبلة لمواجهة الطفرة الكبيرة في صناعة الفضاء العربية والعدد الكبير من القنوات الفضائية التي تظهر سنوياً. وستُصنّع تلك الأقمار وفقاً لأحدث التقنيات. وستستخدم في توسيع النطاق الجغرافي للتغطية ليشمل الشرق الأوسط وأجزاء كبيرة من أوروبا وأفريقيا. ولأنها تعمل ضمن طاقة أعلى، يصبح من السهل التقاط بثها بأطباق أصغر حجماً مع وضوح أعلى ومرونة في التقاط محطات أوروبية وافريقية. كما تدعم تلك الأقمار النطاق الجديد المعروف باسم"كي أيه باند"KA Band الذي يخدم الانترنت العالي السرعة كما يغطي دولاً مجاورة للدول العربية مثل تركيا، أفغانستان، إيران، بنغلاديش وغيرها. واعترف بالخيور بأن تقنية"أتش دي"لا تزال في بداياتها. وتوقع أن تستغرق سنوات، موضحاً ان"في الشرق الأوسط توجد 3 قنوات تعمل بتقنية"اتش دي". ولا توجد أي قناة عربية على"عربسات"بتلك التقنية، التي تعتمدها قناتان أوروبيتان على سبيل التجربة". وكشف بالخيور عن اتفاق مع"اتحاد إذاعات الدول العربية"لتشجيع عملية التحوّل من خلال بث القنوات الفضائية بتقنية"اتش دي"، ومن دون مقابل في الفترة الأولى. وتوقع ان تنخفض أسعار المنتجات التي تدعم تلك التقنية تدريجاً. وفي سياق متصل، توقع"مركز دبي التجاري العالمي"، الذي نظّم"كابسات 2008"، تزايد ميل شركات التلفزة لتبني"البث العالي الدقة". وفي الاتجاه عينه سار تقرير"جمعية الأقمار الاصطناعية"متوقعاً ارتفاعاً كبيراً، قد يصل الى 600 في المئة خلال السنوات الخمس المقبلة. وفي سياق متصل، عرضت مؤسسة"سلام ميديا كاست"المتخصّصة في الاتصالات نموذجاً من استوديو للعروض الحيّة العالية الدقة، لتسليط الضوء على عملية إعداد بيئة العمل المناسبة لتلك التقنية. ولاحظ مدير عام المركز سعيد المري ان شركات البث في المنطقة بدأت بالتجاوب مع تقنية"اتش دي"، كما يبرز من خلال تزايد أعداد شركات المعدات والتجهيزات المتصلة بتلك التقنية في معرض"كابسات"على مدار السنوات الخمس الماضية. "أي بي تي في"وتلفزيون الخليوي واستقطب المعرض في نسخته الرابعة عشرة أكثر من 650 شركة عارضة من 50 دولة. وسجّل نمواً في مساحة العرض بلغ 30 في المئة. واستضاف قمة ل"المنتدى العالمي للأقمار الاصطناعية"ميناسات. وقدّم تجربة حقيقية عن عمليات التحوّل الرقمي في منطقة الشرق الأوسط. وناقش آفاق تلفزتي الانترنت والخليوي، وآثارهما على عملية صنع القرار في قطاع البث. وشهد المعرض انطلاق شركة إماراتية جديدة للأقمار الاصطناعية هي"ياه للاتصالات الفضائية"التي أعلنت بدء العمل لاطلاق قناة"ياه سات"التي ستكون أول من يوفر تقنيات نظام الاتصالات الفضائية المتعددة الأغراض في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وجنوب غربي آسيا. وتأسست الشركة المملوكة لمؤسسة"مبادلة للتنمية"التابعة لحكومة أبو ظبي في تشرين الثاني نوفمبر 2007، بهدف تطوير نظام الأقمار الفضائية وامتلاكه وتشغيله. وأعلنت الشركة توقيع عقد تصنيع أقمارها الفضائية مع تحالف من شركتي"إي أي دي أس استر يوم"و"تالس الينيا الفضائية"بقيمة 1.7 بليون دولار أميركي. ومن المقرّر إطلاق قمر"ياه سات الأول"Yahsat 1A بواسطة الصاروخ"اريان سبايس"في النصف الثاني من العام 2010. كما وقعت الشركة اتفاقية أخرى مع شركة"إنترناشيونال سيرفيسيز"من أجل إطلاق قمر"ياه سات"الثاني Yahsat 1B في النصف الأول من العام 2011. وأوضح المدير التنفيذي لشركة"ياه سات"جاسم محمد الزعابي أنها تعمل على توفير حلول الاتصالات المبتكرة والذكية والمصممة وفق احتياجات العملاء في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأوروبا وجنوب غربي آسيا، وأنها ستركز في عملياتها في تقديم خدمات الاتصالات الفضائية لقطاع البث التلفزيوني وخدمات الانترنت وتوفير حلول شبكات البيانات للشركات، إضافة إلى نقل المكالمات الهاتفية والاتصالات مع الانترنت. ووقعت خلال المعرض اتفاق شراكة بقيمة 400 مليون درهم مع شركة"إيميرجينغ ماركتس كوميونيكيشينز"Emerging Markets Communications مقابل استئجار وحدات استقبال وبث عبر قمر"ياه سات الأول". وفي سياق متصل، أطلقت شركة"برو تكنولوجي"المتخصصة في الاتصالات والحماية والتخزين الرقمي، مجموعة من حلول التخزين الذكية واسترجاع البيانات بواسطة تقنية"رايد"RAID المتطورة. وفي إطار الاستفادة من الطلب المتنامي في الأسواق الإقليمية على أجهزة التخزين الذكية، أطلقت شركة"ستوريج فليكس"أنظمتها من نوع"إف آي 240"Fi240 التي تُعدّ حلولاً خفيضة التكاليف للتخزين الالكتروني. وأشاد المسؤول في شركة"ستوريج فليكس"بول تشان بتقنية"أف آي240"التي توفّر تخزين الملفات ورسائل البريد الالكتروني ومحتوى المواقع الالكترونية وقواعد البيانات وتطبيقات النسخ الاحتياطي، من دون استخدام البنى التحتية في مجال"القنوات الألياف الضوئية"المكلفة. وكذلك أكّد المدير الإقليمي في الشركة خالد رملاوي دور العوامل السياسية في تغيير التوجهات التقنية لقطاع البث. فبعد أحداث 11 أيلول سبتمبر 2001، بدأت تقنيات البث تتجه نحو توفير معايير أمنية أعلى لهذه الصناعة التي لا يمكنها ان تتوقف حتى في ظل الكوارث. وأشار إلى ما حدث مع قناة"المنار"اللبنانية خلال عدوان إسرائيل على لبنان في صيف العام 2006 إذ استمرت القناة في البث على رغم قصف المقر الرئيسي لها، بفضل وجود أجهزة للبث احتياطية في أماكن غير معلومة:"بات من الضروري لكل قناة فضائية أن يكون لها مواقع بث في مدن ودول مختلفة". وكشف رملاوي عن برمجيات لشركته بإمكانها حفظ البيانات على شبكة الانترنت، ثم استرجاعها مرة أخرى وإعادة بثها وبسرعة شديدة. وأفاد الرئيس التنفيذي في"برو تكنولوجي"جمال مرقة ان"كابسات 2008"شهد إطلاق مجموعة من التقنيات المتعلقة بأشرطة الفيديو والوسائط المتعددة، التي تعتمد على نظام"ماك"الذي تصنعه شركة"آبل". ونوّه باطلاق مجموعة من التقنيات الرقمية مثل أنظمة التخزين السريعة والعالية الكثافة مع أجهزة النسخ الاحتياطي ومسجلات الشرائط من شركة"نيكسان"، والهوائيات المسطحة للاتصالات اللاسلكية العالية السرعة من شركة"نترونيكس". وكذلك لفت الى أهمية المنصة الرقمية التي صنعتها شركته مع مؤسسة"إي ان بي اس"ENPS البريطانية التي قدّمت إصدارها الجديد من"نظام الأخبار". وأشاد بما عرضه قسم الاتصالات والشبكات اللاسلكية في"برو تكنولوجي"من انظمة الاتصالات والأمن والمراقبة المُتطورة.