"الاوبانيشاد" أقدم دستور ديني, فعمره يصل إلى ستة آلاف عام، ويمثل المرجع الرئيس للهندوس، ومن هنا تأتي أهمية صدوره مترجماً إلى اللغة العربية عن"مؤسسة شمس للنشر والإعلام"في القاهرة. وهذه الترجمة أنجزها الكاتب والأكاديمي التونسي عبدالسلام زيان المقيم في السويد، هي الترجمة الأولى الى اللغة العربية, إذا استثنينا الجزء الذي ترجمه محمد بن أحمد البيروني في العهد العباسي وضاع للأسف. و"الفيدا"هي مجموعة الكتب الدينية لدى الهندوس، تنقسم إلى قسمين، قسم نظري يحتوي على معلومات عن الله والحقيقة السامية ويتمثل في"الاوبانيشاد"، وقسم عملي يحتوي على الأناشيد الدينية وقوانين الطقوس والحفلات الدينية والطب وقوانين فحص الحياة اليومية، ومنها كتاب"الغاب"الذي يجب على الهندوسي قراءته عندما يكون وحيداً في الغابة. و"البراهمن"وهو من أهم رموز الاوبانيشاد والفيدا إذ يمثل الإله المطلق والقائم بذاته والحقيقة العليا وهو خال من كل الصفات ولا يمكن الحديث عنه بالكلمات. تبدأ"الاوبانيشاد"مع فاجاسرافا وابنه ناخيكيتا الذي يتعرض لابتلاء تلخصه قصة شديدة الشبه بقصة نبي الله إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام وتقديم إسماعيل نفسه قرباناً لله ولا نجد الشبه فقط في الخطوط العامة للقصة بل حتى في بعض الجمل. يا أبتِ أهبك نفسي فافعل بها ما تشاء ستجدني من الطيعين الممتثلين لكن ناخيكيتا يتعلم على يد إلهة الموت الكثير من الحكمة والأسرار حتى يخرج من هذا الاختبار أكثر حكمة وعمقاً وتفهماً لذاته والوجود وپ"البراهمن". تقدم"الاوبانيشاد"التعاليم والنصائح التي تمكّن الفرد من بلوغ حقيقة مؤداها أن"البراهمن"هو الطاقة التي تجدها وراء كل تعابير حياة الإنسان والطبيعة، ومن يصل إلى هذه الحقيقة يتجاوز الموت ويصل الى"الأبدية السامية". ومن التعاليم التي تؤكدها"الأوبانيشاد"أن الإنسان يتماهى مع بقية أرجاء الكون: أنا هو الذات/ الذات هي الحياة التي لا تموت/ انتصر على الأكوان/ أنا المملوء بالنور الذهبي/ الذين يعرفونني يحييون الحقيقة. وتطرح مجموعة من التساؤلات التي تبرز أهمية العناصر الخمسة الأولى: الهواء والنار والماء والأثير والأرض التي تتكون منها الموجودات كافة. وفي ختام"الأوبانيشاد"مجموعة ضخمة من الأسئلة والحوادث والقصص تجمع مفاهيم الديانة ومعتقداتها وحدودها وقوانينها وتفسيراتها.