حذرت موسكو من "أخطار" حصول كوسوفو على اعتراف دولي باستقلالها. وتحدث سياسيون روس عن 200 منطقة متوترة في العالم، مستعدة لتطبيق هذا السيناريو الانفصالي، فيما راوحت مواقف جمهوريات سوفياتية سابقة، بين رفض مباشر لإعلان الاستقلال وتحفظ عن النتائج المحتملة بعد هذا التطور. ومع التحرك السريع لموسكو داخل مجلس الأمن، بدأ الروس حشد المواقف لمنع الإقليم من الحصول على اعتراف دولي باستقلاله. وأصدرت الخارجية الروسية بياناً حضت فيه على عدم التعامل مع الإعلان الصادر عن بريشتينا، وأكدت أن قيام إدارة إقليم كوسوفو بإعلان استقلال من جانب واحد، يعني انتهاك سيادة جمهورية صربيا وميثاق الأممالمتحدة وقرار مجلس الأمن الدولي الرقم 1244. وشددت الخارجية الروسية على تأييد طلب بلغراد استعادة وحدة أراضي صربيا. ورأت الخارجية الروسية أن"قرارات قادة كوسوفو تنذر بتصعيد التوتر والعنف الاثني في الإقليم وباندلاع نزاع جديد في البلقان"، ودعت المجتمع الدولي إلى"ضرورة الرد على هذا التحدي". وأعرب بيان الخارجية في موسكو عن أملها في"ألا يغيب عن بال من شجع على إعلان الاستقلال في هذا الشكل، أن أفعاله قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على النظام العالمي واستقرار المجتمع الدولي". وحذر رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الفيديرالية الشيوخ الروسي ميخائيل مارغيلوف من أن"نحو 200 منطقة في العالم مستعدة لتطبيق سيناريو كوسوفو، ما يجر العالم إلى فوضى شاملة". وأكد السياسي القريب من الكرملين أن دول الاتحاد الأوروبي، لن تتمكن من التوصل الى موقف موحد تجاه مسألة الاعتراف بانفصال كوسوفو عن صربيا، مشيراً إلى وجود الكثير من الدول التي لن تعترف بهذا الاستقلال لأسباب معروفة كإسبانيا التي تخشى انفصال إقليم الباسك. ولفت مارغيلوف إلى أن بلاده عانت أيضاً من الحركات الانفصالية التي ظهرت في شمال القوقاز. في غضون ذلك، سارع زعيما جمهوريتي أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا ادوارد كوكويتي وسيرغي باغابش الساعيتين إلى الانفصال عن جورجيا، إلى استغلال الموقف في موسكو حيث أعلنا أن الجمهوريتين ستطلبان من روسيا ورابطة الدول المستقلة ومنظمة الأممالمتحدة الاعتراف باستقلالهما. وأشار باغابش إلى وجود برنامجين سلميين لدى أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية للسير نحو الاستقلال. وذكر أن الجمهوريتين تتوقعان الاصطدام بالكثير من الموانع في هذا الطريق"ليس فقط من جانب جورجيا". كما أعلن المتمردون الشيشان ترحيبهم باستقلال كوسوفو، علماً ان موسكو لم تعترف أبداً باستقلال الجمهورية الشيشانية، وخاضت حرباً مع القوى"الانفصالية"فيها. في غضون ذلك، توالت ردود الفعل في الجمهوريات السوفياتية السابقة، وحملت غالبيتها مواقف معارضة أو متحفظة، في حين تسود المخاوف في هذه المنطقة أكثر من غيرها بسبب وجود أقاليم ساعية إلى الانفصال فيها. وجاء أسرع ردود الفعل من تبليسي حيث أصدرت الخارجية الجورجية بياناً بعد ساعات على إعلان استقلال كوسوفو أعلنت فيه إنها"لن تعترف أبداً بهذا الاستقلال". وقال سياسيون جورجيون أمس، أن الاعتراف الدولي بكوسوفو"يشكل خطراً مباشراً على جورجيا وليس من المستبعد أن تلجأ جهات معادية إلى استغلاله لمحاولة تقطيع أوصال جورجيا"، في إشارة إلى مخاوف بسبب إصرار أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية على تعزيز استقلالهما المعلن من طرف واحد منذ سنوات. وتعاملت مولدافيا التي تخشى من الطموحات الاستقلالية في إقليم بريدنوستروفيه بالطريقة ذاتها مع قضية استقلال كوسوفو، إذ أعلنت رفضها الاعتراف بالدولة المعلنة وحذرت من خطورة التداعيات المحتملة بعد هذا الإعلان. من جانبها، أعلنت العاصمة الاذربيجانية باكو أنها لن تعترف بدورها بالدولة المعلنة. واعتبر الناطق باسم الخارجية الأذربيجانية خضر إبراهيم أمس، أن إعلان قيادة كوسوفو الانفصال عن صربيا"غير قانوني ويتعارض مع قواعد القانون الدولي". كما أعلن يرجان اشيكبايف، الناطق باسم الخارجية الكازاخستانية عن موقف مماثل، وقال إن بلاده"لا تؤيد انتهاك وحدة أراضي الدول، وإعلان الاستقلال من جانب واحد". وحذر من أن ذلك من شأنه"أن يشكل سابقة لكل الكيانات غير المعترف بها". وجاء موقف أوكرانيا الساعية إلى الانضمام إلى حلف الأطلسي أكثر اعتدالاً على رغم أنه حمل تحفظاً أيضاً على إعلان الاستقلال. وقال بيان أصدرته الخارجية في كييف أن استقلال كوسوفو"لا يمكن أن يشكل سابقة لمناطق أخرى بسبب تميز الوضع في كوسوفو التي يرتبط مستقبلها بأوروبا". لكن كييف لم تشر مع ذلك إلى استعدادها للاعتراف بالدولة الوليدة، واكتفى بيان الخارجية بتأكيد أهمية إعادة فتح الحوار بين الأطراف المعنية والبحث عن حل بالاعتماد على الآليات الدولية وجهود الأممالمتحدة.