"البركة"، التي تحدث عنها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مراراً فورر توليه منصبه حيث كان الطقس الجيد في باريس يواكب شعبيته القياسية، زالت مع نتائج استطلاعات الرأي التي أظهرت أن 41 في المئة فقط من الفرنسيين يؤيدونه، مقارنة بأكثر من 60 في المئة غداة انتخابه. ومع تدهور شعبية ساركوزي بات الاحتمال كبيراً في خسارة حزب"الاتحاد من أجل الحركة الشعبية"الذي يتزعمه مواقعه في مدن عدة أساسية، خلال الانتخابات البلدية. ونشرت صحيفة"ليبراسيون"أن عدداً من المدن المعتبرة معاقل للحزب الحاكم، تواجه خطر السقوط في أيدي المعارضة ومنها مرسيليا وتولوز وبوردو. ويواجه رئيس الحكومة السابق آلان جوبيه في الأخيرة تحدياً كبيراً، في ظل احتمال سيطرة الحزب الاشتراكي على هذه المدينة للمرة الأولى. والتطور الآخر الذي تناولته الصحافة الفرنسية مطولاً، هو إعلان نجل الرئيس الفرنسي جان ساركوزي خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، عزمه على خوض المعركة الانتخابية في ضاحية نوبي سورسين، الباريسية الغنية التي شكلت المعقل السياسي لوالده على مدى العقود الماضية. وكان الرئيس الفرنسي قرر ترشيح الناطق باسمه دافيد مارتينون في هذه المنطقة المهمة بالنسبة إليه، على رأس لائحة تضم نجله جان. لكن استطلاعات الرأي أظهرت أن مارتينون المقرب من زوجة ساركوزي السابقة سيسيليا لن يفلح في انتخابات بلدية نوبي. وبحسب إحدى الصحف الفرنسية، عقد يوم السبت الماضي، اجتماع في قصر الإليزيه اتخذ خلاله القرار بسحب مارتينون والإبقاء على جان ساركوزي. وتناولت الصحف الفرنسية هذا التطور بسخرية ووصفته بأنه"مسرحية قام بها ساركوزي الإبن، فتناولت صحيفة"لو باريزيان""خلافات في فريق ساركوزي". فيما أشارت"ليبراسيون"الى أن سحب مارتينون تم بتدخل من ساركوزي نظراً الى استطلاعات الرأي غير المواتية له. ولم يرافق مارتينون الرئيس الفرنسي في رحلته الى غويانا، وأعلن أمس انسحابه من الانتخابات البلدية في نوبي، وقدم استقالته من منصبه في القصر الرئاسي لكن ساركوزي رفضها. ويعد مارتينون من أقرب المقربين من سيسيليا ساركوزي وتعرض أكثر من مرة لانتقادات شديدة اللهجة من رئيسه أمام الصحافة الأميركية وأيضاً العربية. ومعروف عن ساركوزي أنه عصبي وكثيراً ما يوبخ أقرب المقربين منه ثم يهدأ بسرعة بعد ذلك. والصحافة الفرنسية التي كانت على مدى الأشهر الماضية تشيد به وتمدحه، غيرت لهجتها حياله. والمجلات الفرنسية الثلاث التي صدرت هذا الأسبوع حملت غلافاتها موضوع انخفاض شعبية الريس الفرنسي. وخصصت مجلة"لو نوفيل أوبسيرفاتور"غلافها لصورة ساركوزي يمسك بيد زوجته الجديدة كارلا بروني مرفقة بعبارة معناها"الرئيس الذي نُفّس"، وأوردت"لو بوان"على صفحتها الأولى صورة لساركوزي وأرفقتها بعبارة"الخلل"، أما مجلة"ليكسبريس"فحملت صورة للرئيس وعليها عبارة"الخيبة". وتناولت هذه المجلات أسباب ابتعاد الفرنسيين عن ساركوزي والمأزق الاقتصادي، والذعر في اليمين الفرنسي. ومنذ أن ظهرت صور ساركوزي مع كارلا بروني، بدأت صورته بالتدهور في الرأي العام الذي رآه في مصر ثم في البتراء، ويبدو من خلالها رئيساً غير جدي يمضي أوقاته مع كارلا وأصدقائها في عالم الاستعراضات، وهي صورة لا يحبذها الفرنسيون لرئيسهم. ونتيجة الاستطلاعات، عمل ساركوزي على الزواج من بروني بعيداً من الأضواء، لكن الصحافة عادت لتناول حياته الخاصة عندما ذكر موقع حملة"لو نوفيل أوبسيرفاتور"على الانترنت أن ساركوزي بعث برسالة بواسطة الهاتف الجوال الى زوجته السابقة سيسيليا، قائلاً:"عودي وسألغي كل شيء"أي زواجه من كارلا. إلا أن ساركوزي نفى الخبر وأقام دعوى قضائية ضد المجلة التي قال مديرها إنه سيواجه الرئيس أمام القضاء لأنه مقتنع ان الشكوى القضائية سببها الفعلي الانتقادات الشديدة الموجهة إليه في عدد المجلة. وانتهى شهر العسل بين ساركوزي والإعلام والرأي العام الفرنسيين، وتحول الى انتقاد شديد في حين أن رئيس حكومته فرنسوا فيون شهد ارتفاعاً في عدد مؤيديه ما شكل تطوراً مستجداً. وكان فيون منذ تعيينه، صامتاً حتى إن الرأي العام كان يقول إنه غير موجود في ظل رئيس يحتل الواجهة على كل الأصعدة. وظهر ساركوزي مساء الأحد على شاشة التلفزيون، على غرار أسلافه من الرؤساء ليتحدث عن أوروبا والانتصار الذي حققه عبر إقرار المعاهدة الأوروبية. وكتبت إحدى الصحف في البيرينيه أن"من سخريات القدر أن يصبح الموضوع المحظور في الحملة الانتخابية، بمثابة ملجأ سياسي"، مستخلصة أنه سبق للفرنسيين أن شهدوا أزمنة أفضل. وكتبت"لا بروفانس"عن خطاب ساركوزي حول أوروبا أن"الرجل السريع فقد خمسة أشهر خلال دقائق، فتناول موضوع رئاسة فرنسا لأوروبا في تموز يوليو المقبل وذكر بفلسفته لأوروبا والتزاماته في إطار حملته الانتخابية".