فشل البرلمان العراقي مجدداً في اقرار مشاريع مجالس المحافظات والعفو العام والموازنة العامة الاتحادية للسنة 2008، ما دفع برئيسه محمود المشهداني الى التحذير من تداعيات استمرار هذا الفشل واحتمال انهيار المجلس والعملية السياسية في البلاد. وعلمت"الحياة"ان الخلاف بين الكتل السياسية على أولوية التصويت على المشاريع المطروحة كان سبباً في افشال الجلسة، فيما أكد بعض النواب ان استمرار الخلاف بين الأكراد وبعض الكتل حول حصة اقليم كردستان من الموازنة هو السبب وراء تأجيل الجلسة. ونقلت وكالة"فرانس برس"عن رئيس مجلس النواب محمود المشهداني انه"تقرر تأجيل التصويت على قانون الموازنة وقانون المحافظات والعفو العام الى الثلثاء اليوم بسبب الخلافات بين الكتل السياسية". واضاف في مؤتمر صحافي بعد سلسلة من الاجتماعات التي عقدها مع قادة الكتل النيابية ان"مسألة النسبة المخصصة لاقليم كردستان حسب الاحصاءات التي وصلت الى مجلس النواب تبلغ ما بين 12 الى 13 في المئة من الموازنة". واضاف ان"التحالف الكردستاني يطالب ب 17 في المئة، الامر الذي احدث اشكالية لدى الكتل البرلمانية، ولم نستطع ان نحلها حتى الان". وتابع"هناك اصرار من الاكراد على حصتهم التي تقررت في زمن رئيس الوزراء الاسبق اياد علاوي واستمرت في فترة ابراهيم الجعفري والسنة الاولى من رئاسة المالكي". وقال المشهداني"كان هناك نشاط سياسي للوصول الى صفقة بين الكتل النيابية لتمرير قانون مقابل الموافقة على آخر، لكن لم يتم التوصل اليها". ونقلت"رويترز"عن المشهداني قوله:"لم نستطع ان نحل هذه الخلافات او ان نقرّب من وجهات النظر بين المختلفين حتى الآن". وتابع ان"المشكلة التي تواجهنا في مجلس النواب هي انه يجب ان يكون هناك نصاب لاتخاذ قرار. فهيئة الرئاسة لا تستطيع ان تتخذ قراراً ما لم يكن هناك نصاب". وكشف المشهداني في المؤتمر عن"صفقة"قال انها كانت على وشك انهاء الخلافات بين الكتل البرلمانية وانها تتلخص في تقديم حزمة من ثلاثة قوانين الى البرلمان للتصويت عليها دفعة واحدة هي مشاريع الموازنة العامة ومجالس المحافظات غير المنتظمة باقليم والعفو العام. وتطالب الكتلة الكردية بنسبة 17 في المئة من الموازنة لعام 2008 والتي تبلغ 48 بليون دولار، وهي نسبة يقول الاكراد انها تعادل نسبتهم من سكان العراق، بينما تصر الكتل الاخرى على نسبة 13 في المئة حيث ترى انها تعادل نسبة الاكراد من سكان العراق. ويصر"الائتلاف العراقي الموحد"على ربط قانون الموازنة بقانون المحافظات غير المنتظمة بإقليم بسبب تداخل صلاحيات القانونين في عدد من الفقرات. وانضمت"جبهة التوافق"الى الخلاف بمطالبتها بإدراج قانون العفو عن السجناء وان يتم التصويت عليه دفعة واحدة مع قانوني الموازنة والمحافظات. وقال المشهداني ان"كل الاطراف البرلمانية شاركت بهذه الصفقة. العرب السنة دخلوا الصفقة في قانون العفو العام. والائتلاف الشيعي دخل من باب قانون المحافظات غير المنتظمة باقليم والاكراد من باب الموازنة العامة والنسبة التي يريدونها". وحذر المشهداني من استمرار فشل البرلمان وعدم قدرته على تمرير الموازنة واعتبر ان"تأجيل التصويت على الموازنة ظاهرة خطيرة ينبغي ان يلتفت اليها قادة الكتل السياسية". وقال ان هذا الفشل"قد يدخل البرلمان في حلقة مفرغة تتمثل بعدم حصول النصاب او التوافق على رأي محدد". وحذر من ان"البرلمان، اذا استمر بهذا الاسلوب، فسيكون وجوده مشكوكا في جدواه. وهذا يعني ان هناك اشكالا خطيرا في الآلية والموقف وربما يؤدي هذا الى انهيار الدولة". وناشد المشهداني"جميع قادة الكتل النيابية ومن خلفهم القادة الحقيقيون الذين يسيرون العملية السياسية ان يتداركوا هذا الوضع اليوم قبل الغد". واضاف"نفد صبرنا ولم يعد بامكاننا الاستمرار بهذه الآلية البائسة التي يختزل بها مجلس النواب بمواقف غير واضحة المعالم". وتابع ان هناك حلولاً معقولة مطروحة امام الكتل البرلمانية لحل هذه الخلافات، وهي تحتاج الى عقد جلسة للمجلس يتحقق فيها النصاب من اجل التصويت على القوانين. واضاف"قد لا اكون احطت بكل تفاصيل هذه الخلافات تفادياً للاحراج ولاعطاء الفرصة الاخيرة لاعضاء الكتل النيابية كي يحزموا امرهم والا سيكون لموقف الرئاسة موقف آخر". وقال النائب عن"القائمة العراقية"اسامة النجيفي ل"الحياة"انه"لم يتم الاتفاق على جدول اعمال جلسة الامس، لا سيما وان بعض الكتل ارادت ان يكون حظها الاول في التصويت على القانون او مشروع القانون الذي يصب في مصلحتها"موضحا ان"الخلاف بين الاكراد والائتلاف العراقي الموحد على تمرير موازنة العام 2008 قبل التصويت على قانون مجالس المحافظات كان السبب الابرز في عدم انجاح الجلسة بسبب انسحاب غالبية اعضاء الكتل عن قاعة الاجتماع". وأبدى الاكراد امتعاضهم من بعض الكتل البرلمانية التي رفضت مجددا تحديد نسبة 17 في المئة من الموازنة لاقليم كردستان. وقال النائب عن التحالف الكردستاني محسن سعدون ل"الحياة"ان"بعض الكتل تنظر، للأسف، الى مصادقة رئاسة الوزراء على تحديد ما نسبته 17 في المئة من الموازنة للاكراد بطابع سياسي، باعتبار ان هذه الفقرة غير منصوص عليها في الدستور. وهذا امر خاطئ لاننا توصلنا الى اتفاق مسبق مع الحكومات المتعاقبة الموقتة والانتقالية والدائمة". وطالب السعدون الحكومة بالتدخل لانهاء هذه الاشكالية و"حل الخلاف الدائر لا سيما ان هذا الموضوع مرتبط بقوت الشعب ويفترض توزيعه بشكل عادل. وليس من مصلحة احد التلاعب وعرقلة اقرار موازنة هذا العام وفق التعديلات التي اقرتها الحكومة". لكن النائب عن"المجلس الاعلى الاسلامي"منى الزلزلة اكدت ل"الحياة"ان"الاكراد رفضوا تمرير مشروع الموازنة عن طريق التصويت وطالبوا بالمصادقة على موازنة هذا العام من خلال توافق اعضاء المجلس الامر الذي رفضه البعض واضطرهم الى مغادرة القاعة". ولفتت الى ان"هذا الامر عرقل عملية التصويت ايضا على قانون العفو العام وقانون مجالس المحافظات".