قررت الأممالمتحدة اعتبار العام 2009 السنة العالمية لاستطلاع النجوم. بينما تفقد المنظمة الدولية دورها على الأرض، لعلها تبحث عن بارقة أمل في السماء. الظروف الحالية ليست سهلة على بان كي مون القادم من ثقافة العمل الواضح التعليمات مع الابتسام الدؤوب. الوثائق واضحة انما التنفيذ غامض. في الوثائق مثلاً ان المرجعية الاساسية للقضية الفلسطينية هي الشرعية الدولية، أي الاممالمتحدة، فإذا به يجد انه مجرد واحد من أربعة على الأقل، يشارك في الاجتماعات ويكاد لا يشترك في القرار. قيل له، مثلاً أيضاً، ان هناك خريطة طريق، فإذا به يكتشف ان الطريق مقفل بداعي الإصلاحات. أعلن، حسب الطلب، ان رئيس وزراء بريطانيا السابق توني بلير أصبح الممثل الخاص للرباعية"حيث سيقضي وقتاً أساسياً في المنطقة لحشد الدعم الدولي لمساعدة الشعب الفلسطيني"، ولكن ما ان اشتدت الأزمة وأظلمت حتى اختفى توني بلير السائح في الأقصر بعد ان ربح المليون دولار من أحد بنوك نيويورك. عندما تسلم الأمانة العامة للأمم المتحدة قيل للديبلوماسي الكوري إن هناك أكثر من ثمانين موفداً ومبعوثاً وممثلاً خاصاً له شخصياً يتحركون في كل بقاع الدنيا. ولكنه طوال سنة كاملة لم يتلق من أي منهم ما يشفي الغليل في أي مكان. في افريقيا وحدها مثلاً يوجد حوالي العشرين موفداً متجولاً انما الأحوال تزداد انهياراً من دارفور ومقديشو الى الكونغو وساحل العاج ناهيك عن طلائع معركة بين اثيوبيا واريتريا. ثم ماذا يقول لسلفه الذي لم يحل مشكلة طوال عشر سنوات، والآن يوفد نفسه للوساطة في كينيا قبيل وصوله هو الأمين العام الحالي الى نيروبي ببضعة أيام، خصوصاً بعد ان ارتفع عدد الضحايا في اليوم التالي للمساعي الحميدة الى ألف قتيل. السيد بان مرهف السمع وراغب جداً في الخدمة، وهو مستعد بلا شك للقيام بأكثر من حضور الاجتماعات وإصدار البيانات، انما الدول الكبرى خصوصاً، لا تثبت على قرار أكيد. فالمطلوب رسمياً غير المرغوب فعلياً. المعلن غير المخفي. والمفهوم غير المعلوم. ثم ان قادة الدول ليسوا في حال أفضل. الحدث الوحيد المؤكد للرئيس جورج بوش الذي تنتهي ولايته هذا العام هو زواج ابنته الجميلة جينا. أما الرئيس ساركوزي فلا بد من انتظار وقع زواجه الثالث وولادة أول طفل في قصر"الاليزيه". رومانو برودي سقط والحكومة الايطالية الجديدة موقتة تمهيداً لحكومة أخرى موقتة كذلك. غوردون براون ما زال يتأمل أحوال البلاد قبل أن يقرر نهائياً موعد الاقتراع في بريطانيا. فلادمير بوتين سيغادر الكرملين من دون أن يترك الحكم. صديقنا في مدريد ثاباتيرو، والاسم يعني"بائع الأحذية"، لم يكتشف بعد إذا كان"حلف الحضارات"الموهوم سيساعده في انتخابات الشهر المقبل أم أنه سيغلق الدكان. في الارجنتين السيدة كيرشنر خلفت زوجها السيد كيرشنر من دون أن يعرف من يحكم بالفعل. في جنوب افريقيا، احدى أكثر دول العالم الثالث نفوذاً واستقراراً حتى الآن لم يتضح بعد إذا كان الأمر فيها بيد الرئيس مبيكي أم الزعيم الجديد للحزب الوطني الدكتور زوما، بينما توقفت مناجم الذهب لعطل كهربائي طويل الأمد. الجنرال برويز مشرف ما زال يحاول معرفة ما هو المطلوب منه دولياً بالضبط. حتى حامد كارزاي لم يعد مضمون التأييد بعد أن بدأ يتدخل في شؤون افغانستان الداخلية! منذ ان اكتشف العالم الايطالي غاليليو ان الأرض مستديرة تدور حول نفسها والناس تسعى بمختلف الوسائل لمعرفة ما يدور حولها. على الأخص في الأزمنة الرديئة يتزايد الاقبال على استطلاع الافلاك لعل في طيّاتها بعض حسن الطالع. فالتنجيم أحد عوارض التفتيت. * كاتب وإعلامي لبناني