حكمت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا على الكولونيل السابق في الجيش الرواندي، تيونيست باغوزورا، بالسجن مدى الحياة، ولكن هذا الحكم صدر متأخراً. وفي ربيع 1994، شغل باغوزورا منصب مدير وزارة الدفاع بكيغالي، وكان صاحب نفوذ كبير في الجيش الرواندي. وحملت المحكمة باغوزورا مسؤولية اغتيال رئيسة الوزراء الرواندية، في 7 نيسان أبريل 1994، وقتل عشرة جنود بلجيكيين في بعثة الاممالمتحدة، ومعارضين سياسيين، واتهمته بالمشاركة في"عملية تصفية كثير من المدنيين في كيغالي". وأسهمت هذه الجرائم، وهي نفذت بعد أيام من اغتيال الرئيس الرواندي، في انفلات العنف من عقاله. وراح ضحية اعمال الابادة 800 ألف رواندي، معظمهم من التوتسي. وأنشئت المحكمة الجنائية الدولية الخاصة برواندا في ختام 1994، ولكن عجلة عمل هذه المحكمة بطيئة. فهي اتهمت نحو ثلاثين بالضلوع في ابادة التوتسي، وأخلت سبيل ستة متهمين، منهم العميد في الجيش الرواندي غراسيان كابيليجي. ولم تفلح المحكمة في احترام مبادئ حقوقية أساسية تضمن حق المتهمين في محاكمة سريعة. ويرى فيليب غرانت، مدير منظمة"تراك امبونيتي اولويز"غير الحكومية، أن شوائب كثيرة تشوب عملها، على رغم أن قيمة الاموال المخصصة لها لا تقل عن تلك المخصصة للمحكمة الجنائية الدولية الخاصة بجمهورية يوغوسلافيا السابقة. وأصدرت هذه المحكمة نحو 60 حكماً في قضايا ابادة. ويجمع عدد من المراقبين على أن الحكم على باغوزورا بالسجن مدى الحياة أنقذ سمعة المحكمة، وعزز صدقيتها. وفي 10 تشرين الثاني نوفمبر 2005، أقر باغوزورا من وراء القضبان بأن قوم التوتسي كانوا ضحية مجازر. ولم يُتهم باغوزورا، وغيره من المتهمين، بالتآمر على ارتكاب اعمال ابادة. فالمحكمة لم تجد بينات بائنة على تخطيط الابادة وتنظيمها. فلم تبلغ الهدف المرجو منها، وهو القاء الضوء على حوادث رواندا، وإماطة اللثام عن تفاصيلها. وأغلب الظن أن يضطر مجلس الامن الى تمديد عمل المحكمة الى ما بعد 2009. ويرى بيار هازان، خبير في العدالة الدولية، أن المحكمة لم تنجز ما كان يفترض بها انجازه، أي ملاحقة المسؤولين عن اعمال الابادة، وانزال العقوبة فيهم. وكان من المفترض أن تكون المحكمة في مثابة عبرة عن عدم الإفلات من العدالة تعتبر بها دول الجوار الاقليمي. فبعد 15 عاماً على بدء المحاكمة، تعاني منطقة البحيرات الكبرى من مخلفات الابادة الرواندية. فالقتال مستشر، الى اليوم، في غرب جمهورية الكونغو الديموقراطية. عن أنجيليك مونيه - كوهن،"لوتان"السويسرية، 19/12/2008 نشر في العدد: 16700 ت.م: 24-12-2008 ص: 24 ط: الرياض