ينتشر في القاهرة الكثير من قاعات الفن الخاصة التي تقدم أنواعاً مختلفة من الفنون التشكيلية بحسب توجه كل قاعة والتي يحتفي القليل منها بالأعمال الحداثية كالفوتوغرافيا والفيديو والتجهيز في الفراغ وغيرها من الفنون البصرية الأخرى. وكان عرض مثل هذه الأعمال حكراً على القاعات الرسمية التابعة لوزارة الثقافة قبل سنوات إلى أن بدأت هذه الفنون تزحف شيئاً فشيئاً إلى عدد من القاعات الخاصة المنتشرة في وسط القاهرة وعدد من أحيائها الراقية، كغاليرى"تاون هاوس"الذي بات متنفساً للكثير من الفنانين الشباب المهتمين بمثل هذه الفنون. لكن هذه النشاطات على رغم جرأتها، ظلت خاضعة لمركزية النشاط الفني في القاهرة بعيداً من الكتل السكانية الواقعة على أطراف العاصمة حيث المناطق الشعبية والعشوائية المكتظة بالناس التي كان مجرد التفكير في وجود قاعة للفن فيها، ضرباً من الخيال أو الدعابة. حمدي رضا، شاب مصري من خريجي الفنون الجميلة أقدم بجرأة على كسر هذه المركزية والخروج من هذا الحصار المفروض على قاعات الفن بإنشائه قاعة"آرت اللوا"وهو اسم محرّف لا يخلو من سخرية لمنطقة"أرض اللواء"، أحد الأحياء العشوائية الواقعة على أطراف القاهرة. فهناك وسط الحارات والأزقة والشوارع الضيقة أنشأ رضا الغاليري بمجهود فردي ودعم من الأصدقاء ليعرض فيه نماذج من الفنون المعاصرة لفنانين مصريين وأجانب. وتبدو القاعة كياناً مثيراً للدهشة، فهي إذ لا تتعدى مساحتها الأربعة أمتار فقط، تبدو من بعيد كأي دكان أو محل من المحال البسيطة المنتشرة هناك. ولكن ما إن تدخل حتى تفاجأ بأن البضاعة مختلفة تماماً... صور فوتوغرافية على الجدران أو أحد أعمال التجهيز في الفراغ التي تعتمد على التوليف بين عناصر عدة ووسائط فنية مختلفة. والقاعة هي مشروع غير هادف الى الربح تعتمد في تمويلها على موارد صاحبها الشخصية. وحاول رضا الحصول على دعم من الهيئة العامة لقصور الثقافة المصرية للتخفيف من وطأة الأعباء المالية على كاهل الفنانين العارضين أو لتطوير القاعة، إلا أن جهوده في سبيل الحصول على الدعم قوبلت بالرفض من المسؤولين في الهيئة لأسباب لا يعلمها حتى الآن ولا يجد لها تفسيراً. وكانت آخر العروض التي استضافتها قاعة"آرت اللوا"أعمال الفنان بيكا بارسون تحت عنوان"خلف عينيك"وهو فنان يعيش ويعمل في النروج ويعتمد في أعماله على أساليب وتقنيات متعددة. ويقول الفنان النروجي عن معرضه أنه لا يستطيع أن يجعل أي شخص يفهم بالضبط نياته أو معنى ما يريد إيصاله، ويضيف مخاطباً المشاهد:"إن العمل المعروض أمامك مجرد غرفة بصرية لك لترى، وما يجري وراء عينيك متروك لك لتقوله. إنها فقط حال من التواصل".