حتى الآن، لا تهب الرياح بما تشتهيه سفن حزب العدالة والتنمية التركي الحاكم الذي يستعد لخوض الانتخابات البلدية في 29 آذار مارس المقبل، خصوصا بعدما رفع سقف التحدي معلنا، على لسان اكثر من مسؤول فيه، أنه يتوقع الحصول على اكثر من خمسين في المئة من اصوات الناخبين هذه المرة. لكن مؤشرات شعبية الحزب لا تبدو مشجعة، بالنسبة الى مسؤوليه وناخبيه على حد سواء. ولعل ذلك ما دفع وزير المواصلات بن علي يلدرم الى التصريح بأن حصول الحزب على 40 في المئة من الاصوات سيكون كافيا، مقارنة مع نسبة 47 في المئة التي حصل عليها في الانتخابات التشريعية في تموز يوليو 2007. علما أن بعض الاوساط السياسية تتوقع الا تتجاوز النسبة في الانتخابات المقبلة حاجز 36 في المئة. اذ اظهرت استطلاعات للرأي تراجع شعبية حزب العدالة والتنمية في عدد مهم من المحافظات، داخل الاناضول التركي وكذلك في الجنوب الشرقي حيث الغالبية من الاكراد. وذلك بسبب كشف أكثر من ملف فساد يتعلق بالحزب الحاكم او المؤسسات القريبة إليه، وبسبب استمرار عمليات قصف الجيش التركي لمواقع حزب العمال الكردستاني في شمال العراق. ومن دلائل تراجع شعبية الحزب، اخيراً، إحجام قسم كبير من الاتراك عن التبرع بأضاحيهم، لمناسبة العيد، لجمعية"دنيز فناري"القريبة الى الحزب الحاكم، بعد كشف عملية فساد كبيرة قام بها مسؤولو فرع الجمعية في المانيا. واشارت الاحصائيات الى أن التراجع في التبرع بأضاحي العيد للجمعية بلغ 75 في المئة ذهبت الى جمعية"محمد شيك"التابعة للجيش التركي، والتي ضاعفت عدد الاضاحي التي تسلمتها هذه السنة لتكون اكبر جمعية تحصل على التبرعات في هذا العيد بواقع 170 الف اضحية. ويرى كثيرون في هذا التحول في ثقة الشارع التركي بمن يستحق التبرع بالأضاحي يعكس تراجع ثقته في حزب العدالة والتنمية، خصوصا أن المعارضة نجحت في الآونة الأخيرة في اطاحة اثنين من أهم مساعدي رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان في الحزب، هما شعبان ديشلي ومير دنغير فرات، بسبب تورطهما في قضايا فساد. ويعتقد محللون بأن تخلي الشارع عن اردوغان وحزبه، وحملات المعارضة القوية التي تتهم جميع اقطاب الحزب الحاكم بالفساد وآثار الازمة الاقتصادية الآخذة بالتفاقم، كل ذلك سيؤثر بشكل سلبي على شعبية الحزب قبيل الانتخابات البلدية التي تحمل في داخلها معاني رمزية كثيرة، خصوصا أنها الانتخابات الاولى التي يخوضها اردوغان من دون ان يكون الى جانبه عبدالله غل الذي اصبح رئيسا للجمهورية. وفي حال ثبت تراجع شعبية الحزب الى اقل من 40 في المئة، سيبدأ كثيرون، من داخل الحزب وخارجه، بطرح اسئلة عن سياسات اردوغان، خصوصا مع انتشار معلومات كثيرة عن جفوة بين رئيسي الحكومة والجمهورية، بسبب تقرب الاول من المؤسسة العسكرية وتراجع عجلة الاصلاحات الاوروبية والاقتصادية. نشر في العدد: 16692 ت.م: 16-12-2008 ص: الأولى ط: الرياض عنوان: تركيا : "الأضاحي" تظهر عودة الثقة بالجيش ... وشعبية أردوغان تتراجع