عالم فيزياء اسكوتلندي شاب طوّر طريقة ثورية للتنبؤ بثورات البراكين، وذلك باستخدام مروحية صغيرة بدون طيار يمكن التحكم بها عن بعد، مزودة بأجهزة استشعار وحاسب آلي، ولا يتجاوز وزنها ثمانية كيلوغرامات. فقياس الغازات المنبعثة من فوهات البراكين يوفر معلومات حيوية عن أي نشاط بركاني محتمل، وهذا يعطي إنذاراً مبكراً قد ينقذ حياة آلاف البشر. أما الناشط في العمل الانساني أندرو موير، فقد استثمر إمكانات الطبيعة لمساعدة أبناء ضحايا مرض"الايدز"في بلده جنوب افريقيا، حيث يوجد أكثر من مليون يتيم توفي أحد والديه بالمرض القاتل. فهو أطلق برنامجاً لتدريب الأيتام على مهن في السياحة البيئية، من مراقبة الطيور والحيوانات البرية إلى ارشاد السيّاح وحراسة الغابات وادارة المواقع الطبيعية. وهكذا استطاع الجمع بين إنقاذ آلاف الايتام من الفقر والحفاظ على البيئة في آن معاً. وفي الباراغواي، حوّلت إلسا زالديفار"الليفة"من اسفنجة للاستحمام إلى منازل تأوي الفقراء. فهي طورت خلطة من الليف وبقايا البلاستيك لصناعة ألواح صلبة خفيفة الوزن وعازلة، تستخدم في بناء المنازل. وإلى جانب معالجتها مشكلة سكنية، فهي تحمي الغابات أيضاً، إذ إن سكان الأرياف في الباراغواي يقطعون الأشجار لاستخدامها في البناء، فضلاً عن اعادة تصنيع قطع البلاستيك غير القابلة للتحلّل. ولحماية مدينة البتراء الأردنية المنحوتة في الصخر من الاندثار، كرّس أستاذ الكيمياء طلال عكشة 26 عاماً من عمره لحماية هذه الجوهرة المعمارية في الصحراء. وهو يعمل على توثيق معالمها، التي تتآكل بفعل الرياح والرمال، للمساعدة على صيانتها وحفظها للأجيال المقبلة. الدراجات النارية ذات العجلات الثلاث والمحركات الثنائية هي المصدر الرئيسي لتلوث الهواء في المدن الآسيوية. مئة مليون من هذه العربات، التي تسمى"تُك تُك"، تجوب الطرقات من مانيلا الى نيودلهي وكاتمندو، وتصدر انبعاثات سامة تبلغ أضعاف ما تنفثه السيارات. المهندس الميكانيكي الأميركي تيم باور طوّر آلة صغيرة رخيصة وسهلة، تُحوّل محرك"التُك تُك"إلى نظام حقن مباشر، فتخفف الانبعاثات واستهلاك الوقود بنحو 60 في المئة. خمسة أفراد مبدعين قدموا اسهامات لخير البشرية، كرمتهم جوائز رولكس للمبادرات الطموحة في احتفال أقيم الشهر الماضي في دبي. هؤلاء لم ينتظروا دعماً من حكومات ومؤسسات، بل وضعوا نصب أعينهم هدفاً نبيلاً وعملوا على تحقيقه، للمساهمة في جعل هذا الكوكب مكاناً أفضل للعيش. جرّاح القلب العالمي الدكتور مجدي يعقوب، الذي شارك في المناسبة، قال إن الطريق لدخول العالم العربي إلى العصر الحديث يمرّ عبر حرية التفكير والتعبير وتشجيع الفكر النقدي وشغف الاستطلاع والاكتشاف. كنا نحتاج الى جرّاح ليضع الاصبع على الجرح: فالتربية عندنا تقوم على التلقين، والجو السائد يميل إلى كبت حرية التفكير والتعبير وقمع الفكر النقدي وتأليه"أولياء الأمر". فإذا برز أفراد مبدعون خارج المؤسسات، يحركهم خلق المستقبل وشغف الاستكشاف، يتم التعامل معهم بالاستخفاف والتجاهل. أما المبادرات الطموحة التي تنطلق من خارج الأجهزة الرسمية، فغالباً ما تُعتبر غير شرعية وغير موثوقة. التغيير نحو الأفضل يبدأ من الناس. والمجتمعات التي لا تحترم مبدعيها ولا تستمع إلى علمائها ومؤسساتها المدنية محكوم عليها بالتقهقر. ناشر ورئيس تحرير مجلة"البيئة والتنمية" [email protected] نشر في العدد: 16677 ت.م: 01-12-2008 ص: 32 ط: الرياض