أعادت إسرائيل أمس إغلاق المعابر الحدودية مع قطاع غزة متعللة باستمرار الهجمات الصاروخية على بلداتها، رغم تحذير وكالات الإغاثة الدولية من نقص كبير في إمدادات الطعام والوقود. ودعت الأممالمتحدة الدولة العبرية إلى فتح المعابر، معتبرة إغلاقها عقاباً جماعياً يهدد سكان القطاع ويتنافى مع القانون الدولي. وكانت إسرائيل فتحت أول من أمس للمرة الأولى منذ أسبوعين معبراً حدودياً مع غزة، وسمحت بدخول 33 شاحنة من المساعدات الإنسانية بعدما أكد رئيس الوزراء الاسرائيلي إيهود أولمرت للرئيس الفلسطيني محمود عباس أنه لن يسمح بحدوث أزمة إنسانية في القطاع. لكنها عاودت إغلاق المعابر أمس. وقال الناطق باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية بيتر ليرنر إن"المعابر أغلقت نظراً إلى استمرار إطلاق الصواريخ". وحذرت هيئات مساعدة دولية من أن الشاحنات التي أرسلت أول من أمس غير كافية لسد النقص في مواد منها الوقود، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن سكان غزة. وقال الناطق باسم وكالة الأممالمتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين"أونروا"كريس غانيس إن الإمدادات"ستكفي بضعة أيام. ثم ماذا؟". وأعلن الجيش الإسرائيلي وحركة"حماس"أن ناشطي الحركة أطلقوا قذائف مورتر على جنود إسرائيليين توغلوا بدباباتهم للبحث عن متفجرات قرب السياج الحدودي لغزة أمس، كما قال ناطق عسكري إسرائيلي إن قوات الاحتلال اعتقلت 32 فلسطينياً يشتبه في أنهم ناشطون خلال مداهمات لمخابئ في الضفة الغربية أمس. ولم تسمح إسرائيل ل"أونروا"التي يعيش نصف سكان القطاع على مساعداتها الغذائية، بإدخال إمدادات منذ الرابع من الشهر الجاري حين أغارت قوات إسرائيلية على القطاع لتدمر ما وصفته بأنه نفق حفره ناشطون لخطف جنود إسرائيليين، وقتلت أكثر من 12 ناشطاً. وردت"حماس"وغيرها من الفصائل بإطلاق صواريخ على إسرائيل. وفي جنيف، دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، إسرائيل إلى رفع الحصار عن غزة، معتبرة أنه ينتهك القوانين الدولية. وقالت المفوضة العليا لحقوق الإنسان الجنوب أفريقية نافي بيلاي في بيان إن"الحصار تسبب في حرمان 1.5 مليون شخص من رجال ونساء وأطفال، طوال شهور من حقوقهم البشرية الأساسية". وأضافت أن"ذلك يناقض مباشرة القوانين الدولية لحقوق الإنسان والقوانين الإنسانية". واعتبرت أن"رفع الحصار يجب أن يليه تدخل إنساني كبير، كفيل لوحده بتخفيف المعاناة البشرية الكبرى التي تلاحظ اليوم في غزة". وشددت على"ضرورة اتخاذ اجراءات لضمان كرامة وسلامة السكان المدنيين الذين يتجاوز عدد الأطفال نصفهم". وقالت وكالة"أوكسفام"الإنسانية الدولية في بيان إن"الحد الأدني من السلع هو فقط الذي دخل غزة خلال اليومين الماضيين". وأضافت المديرة التنفيذية للمنظمة باربرا ستوكينغ أنها"تخشى من تفاقم خطير للموقف الإنساني مرة أخرى إذا لم يتخذ إجراء ملح". وتهافت مئات الفلسطينيين على مراكز توزيع المعونات الغذائية فور استئناف الأممالمتحدة أمس توزيع المساعدات. وقال غانيس إنه تم إهدار كميات من الحليب المجفف بقيمة بضعة آلاف من الدولارات أثناء كشف السلطات الإسرائيلية على البضائع. وأوضح أنه"تم تمزيق الرزم فتناثر مسحوق الحليب وأهدر". وأضاف:"يجب عدم معاقبة الأطفال بحرمانهم من الحليب. لا أعلم عن أطفال يطلقون صواريخ أو بحليب للأطفال يستخدم في شحنات الصواريخ". وتجمع مئات الفلسطينيين أمام مراكز التوزيع التابعة ل"أونروا"في غزة صباح أمس للحصول على الطحين والسكر والارز والزيت والحليب المجفف واللحوم المعلبة. وفي مخيم الشاطئ للاجئين، وقف رجال ونساء في طوابير طويلة للحصول على بطاقة لتلقي المساعدات الغذائية. وقالت أم سعيد 60 عاماً التي تعيل مع زوجها 15 طفلاً:"نحن ننتظر هذه المساعدات بفارغ الصبر لأن حياتنا مدمرة. ليست لدينا إمكانات لشراء ما نحتاجه. بالكاد تكفينا هذه المعونة عشرة أيام، لكنها أفضل من لا شيء". وأضافت جارتها أم جاهد 55 سنة:"نحن نموت والفصائل الفلسطينية تتخاصم على السلطة بدلاً من توفير لقمة العيش للشعب الذي بات يعتمد على المساعدات".