قبل انتخابات المحافظات في 31 كانون الثاني يناير المقبل، احتدم الصراع بين الأحزاب الشيعية في جنوبالعراق، بعدما وافقت المفوضية العليا للانتخابات على طلب النائب وائل عبداللطيف علماني يدعمه حزب الفضيلة إجراء استفتاء لتحويل البصرة إلى اقليم فيديرالي مستقل، فيما يسعى"المجلس الأعلى"، بزعامة عبدالعزيز الحكيم إلى إعلان كل محافظاتالجنوب والوسط اقليماً. أما حزب"الدعوة"الحاكم فيتحفظ عن المشاريع، كون زعيمه رئيس الوزراء نوري المالكي يخوض معركة مع اقليم كردستان لانتزاع صلاحيات من الاقليم، وهو الآن ليس في موقع يتيح له إقامة أقاليم جديدة تتنازعه السلطة. ويبقى موقف الزعيم الشيعي مقتدى الصدر الذي يرفض الفيديرالية من أساسها. على صعيد آخر، تضاربت المواقف في بغداد امس من الاتفاق الأمني مع واشنطن بعد يومين من توقيعه. وربط المرجع الشيعي آية الله علي السيستاني موافقته عليه بتحقيق شرطي السيادة والتوافق الوطني، وحمّل البرلمان مسؤولية تحقيق هذين الشرطين. فيما أعلن رئيس البرلمان الإيراني علي لاريجاني معارضته الاتفاق، وأكد رئيس أركان الجيوش الأميركية الجنرال مايكل مولن أن انسحاب قواته من العراق ما زال مرتبطاً بالأوضاع على الأرض، على رغم احترامه للمواعيد التي حددها الاتفاق. وتتزامن وتيرة الاستقطاب السياسي حول الاتفاق الامني مع استقطاب لا يقل أهمية حول مدينة البصرة التي تتزاحم عليها ثلاثة تيارات لإقامة فيديرالية مستقلة. فبالإضافة الى مشروع اقليم البصرة الذي قدمه عبداللطيف ونجح في إقرار الاستفتاء العام عليه عبر البرلمان، أعلن"المجلس التأسيسي"لإقليم الجنوبالبصرة، الناصرية، العمارة تنظيم حملة جمع تواقيع لضمان الحصول على 2 في المئة من أصوات الناخبين، واعتبر المشروعان منافسين غير متوقعين لمشروع"المجلس الأعلى"الساعي إلى إقامة"اقليم الوسط والجنوب"الذي يمتد من بغداد الى البصرة ليشمل 9 محافظات شيعية. وكان ممثل المجلس في البصرة فرات الشرع اتهم أنصار مشروع"اقليم البصرة"باتباع"طرق غير سليمة لجمع تواقيع الناخبين"، ما اعتبره أنصار المشروع رد فعل طبيعياً على مشروعهم الذي يتعارض مع فكرة"اقليم الوسط والجنوب". على صعيد ردود الفعل على الإتفاق الأمني مع واشنطن انتقد المالكي ما اعتبره مواقف مزدوجة لبعض الأطراف، وقال في كلمة متلفزة مساء أمس ان"السيادة منقوصة ولا بد للعراق من ان يتخلص من القوات الاجنبية، ومعارضي الاتفاق والمؤيدين يطلقون تصريحات قبل الاطلاع على المفاوضات". واضاف:"استغرب الازدواجية السياسية في مواقف من يتحدثون الى وسائل الاعلام بما يختلف عما يبلغوننا به بهدف تشويش الرأي العام بالحديث عن تحكم الولاياتالمتحدة عبر بنود سرية بوزارة الدفاع والداخلية". وزاد:"لدينا ملاحظات على الاتفاق لكنها تشكل مقدمة متينة لاستعادة العراق سيادته خلال ثلاثة أعوام". وكان السيستاني قال في بيان امس انه يشترط"ضمان الاتفاق للمصالح العليا للشعب العراقي في حاضره ومستقبله واستعادة سيادته الكاملة وتحقيق أمنه واستقراره"، بالإضافة الى"حصول التوافق الوطني"للموافقة عليه. إلى ذلك، أفادت وسائل اعلام إيرانية أمس ان لاريجاني حض المشرعين العراقيين على مقاومة الاتفاق. وقال ان هدف واشنطن الرئيسي هو"تعزيز الهيمنة الاميركية الشاملة في العراق". ونقلت وكالة أنباء الجمهورية الاسلامية عنه قوله:"يجب ان تدرك الأمة العراقية والبرلمان أن وقت المقاومة لم ينقض بعد". على الصعيد ذاته، رأى مولن خلال مؤتمر صحافي الاثنين ان الانسحاب الأميركي من العراق المقرر عام 2011 بحسب مشروع الاتفاق بين بغدادوواشنطن سيكون مرتبطا بالوضع على الارض. واضاف ان"الوضع يواصل التحسن ... وفي الوقت ذاته، ومن وجهة نظر عسكرية، اعتقد ان من المهم ان يكون الانسحاب مرتبطا بالوضع على الارض". نشر في العدد: 16665 ت.م: 19-11-2008 ص: الأولى ط: الرياض عنوان: الصراع على الفيديراليات يبدأ في جنوب العراق