سيسعى قادة الدول الصناعية والاقتصادات الناشئة الكبرى، خلال اجتماع مجموعة العشرين الجمعة والسبت المقبلين، الى التوصل إلى اتفاق حد أدنى حول سبل احتواء الأزمة المالية التي تهدد بانكماش خطير في الاقتصاد العالمي. وتواجه مطالبة الأوروبيين بإقرار إجراءات عملية خلال قمة واشنطن عقبات عدة. فالقمة تعقد برعاية الرئيس الأميركي الجمهوري جورج بوش الذي تتهم إدارته بأنها شجعت إزالة الضوابط المالية، ما شكل أحد أسباب الأزمة، فيما لن يتسلم خلفه الديموقراطي المنتخب باراك أوباما مهامه إلا في 20 كانون الثاني يناير المقبل، ولن يحضر بالتالي القمة. وقال رالف براينت، الباحث في"معهد بروكينغز"لوكالة"فرانس برس"، ان"الموقف الأميركي غير واضح وأي قرار يتخذه بوش لن يلزم أوباما بأي من الأحوال". وتمسك مجموعة العشرين بپ85 في المئة من ثروات العالم وتضم ثلثي سكانه ويطالب الأوروبيون برئاسة فرنسية وبأن تطلق القمة عملية إعادة صوغ كاملة للنظام المالي تكون بمثابة"بريتون وودز ثانية"، شبيهة بالاتفاقات التي تحكم النظام المالي العالمي منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. ويقر الأميركيون والأوروبيون بضرورة تعزيز الشفافية المالية وضبط الأخطار والتنسيق بين مختلف أنظمة الضبط الوطنية، والتوفيق بشكل اكبر بين قواعد المحاسبات ورسملة المصارف. وتعتقد إدارة بوش التي أبدت في بادئ الأمر تحفظات على تنظيم القمة، انه سيتم إقرار"خطة عمل"في واشنطن. وقال مسؤول أميركي بارز ان ثمة إمكاناً للتوافق على ان"تنظم كل المنتجات المالية ومؤسسات هذا القطاع بشكل مناسب"وأن لا يفلت أي منها من نظام الضبط والمراقبة. وقال براينت:"الجميع يبتعد عن أفكار بوش والرئيس السابق للاحتياط الفيديرالي الأميركي ألان غرينسبان. وثمة إقرار بنقص في الشفافية وكشف المعلومات بشأن عقود مبادلة الأقساط الهالكة، وكذلك بشأن صناديق المضاربة"، مضيفاً:"لا نعرف إلى أي حد سترغب الولاياتالمتحدة في المضي على صعيد فرض ضوابط". وفي المقابل، لا يمكن ان تقبل الولاياتالمتحدة بسلطة مالية ضابطة فوق السلطة الوطنية، فيما يتقبل الأوروبيون ان يمارس صندوق النقد الدولي هذه السلطة. وأوضح المسؤول الأميركي ان القمة"لا تهدف إلى قيام سلطة ضابطة وحيدة للأسواق، وأن هذه الفكرة لا تحظى بتأييد كبير"، فيما أوضح خبير مطلع على هذا الملف ان واشنطن متشددة جداً بشأن سيادتها الوطنية في المجال المالي. ورأى براينت في حال التوصل إلى اتفاق، يجب تحديد"المؤسسة الدولية التي ستكلف الإشراف المالي ما بين صندوق النقد الدولي أو منتدى الاستقرار المالي أو لجنة بال، وكيفية إشراك الدول الناشئة". وكان رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون قال في وقت متقدم أول من أمس، ان الأزمة المالية أتاحت لزعماء العالم فرصة فريدة لإنشاء نظام عالمي حق. وشدد براون الذي تصدّر الدعوات المنادية بإصلاح المؤسسات المالية الدولية، على ان لبريطانيا والولاياتالمتحدة وأوروبا دوراً رائداً يجب ان تلعبه في إقامة نظام عالمي جديد. واليوم تستضيف تونس مؤتمراً لوزراء المال ومحافظي البنوك المركزية في الدول الإفريقية يخصص لبحث تداعيات الأزمة المالية العالمية على الاقتصاد الإفريقي.