أولى مهمات الرئيس المنتخب هي مباشرة مسيرة العلاج الاقتصادي، أو، على أقل تقدير، الحؤول دون تفاقم الازمة. وهذه مهمة صعبة. ففي هذا العام، فقدت الولاياتالمتحدة نحو 1.2 مليون فرصة عمل، وشارف وقت بوليصات تأمين من البطالة يستفيد منها ثلاثة ارباع مليون أميركي، على الانتهاء. ولا تتعدى نسبة العاطلين من العمل من الحاصلين على مساعدات البطالة ال32 في المئة. ويترتب على خسارة الاميركيين عملهم خسارتهم التأمين الصحي. وقد يصادر أكثر من 3.5 مليون منزل من أصحابها. وعائدات الولايات تنكمش. وفي حال لم تتلق الولايات مساعدة، اضطرت الى عصر نفقاتها، فتسهم على رغمها، في الانكماش الاقتصادي. وثمة خطوات على طريق حل الازمة المالية لا يصعب التكهن بها، ومنها مساعدة أصحاب المنازل، وإصلاح قوانين الافلاس، وتمديد وقت بوليصات تأمين البطالة، والتعويض عن خسارة الولايات عائداتها، والانفاق على ترميم البنى التحتية لتحفيز الاقتصاد. ولا شك في ان الاقتصاد الاميركي في حاجة ماسة الى محفز. وعلى الرئيس الاميركي ال44 التأني في اختيار هذا الحافز. فالرئيس بوش يورثه تركة ثقيلة. والدين القومي الاميركي بلغ 10.5 ترليون دولار. وهو الى ارتفاع. وحريّ باوباما الغاء الضرائب التي فرضت بين 2001 و2003 على الاثرياء، واحتساب احتمال فرض ضرائب على أرباح الرساميل تضاهي الضرائب على الرواتب العادية. ومثل هذه الخطوات شأنها تقليص العجز، وتقليص آثار الأزمة السلبية القصيرة الاجل، وجعل سلم الضرائب أكثر عدالة. وعلى أوباما مواجهة مشكلة توسع هوة التفاوت الاجتماعي في الولاياتالمتحدة، والحرص على ألا يحال بين أميركي وبين متابعة دراسته بسبب ضيق حاله المالية، وتمويل المدارس الابتدائية والثانوية. والحق أن أوباما تعهد خفض مستوى الحرب في العراق. ويسهم انفاق جزء من مخصصات هذه الحرب على استثمارات محلية أميركية في تقليص العجز، وبعث النمو الاقتصادي. وعلى رغم تخييم طيف العجز الفيديرالي على مداولاتها الاقتصادية، حريّ بإدارة أوباما ألا تمتنع من الاستدانة لتمويل مشاريع كبيرة. ويبدو ان خطة بوش ووزير الخزانة، هنري بولسون، المالية غير ناجعة. ويدور، اليوم، الكلام في أوساط المصارف على صرف أموال دافعي الضرائب على توزيع الارباح، ودفع مكافآت مالية، وشراء مصارف أخرى، عوض إنفاقها على الائتمان والتسليف. وأبرمت واشنطن ودافعو الضرائب الأميركيون صفقة خاسرة مع المصارف مقارنة بالصفقة التي أبرمتها بقية الحكومات، على غرار الحكومة البريطانية. ورد الاسواق السلبي على هذه الخطة هو خير دليل على إخفاقها. والحق أن النظام المالي الاميركي، وهو كان الى وقت قريب رمز نجاحنا الاقتصادي، خذلنا. وعلى خلاف مهمتها المفترضة، أي إدارة المخاطر وتوزيع الرساميل، بددت الاسواق المالية الرساميل، وبعثت المخاطر. وعلى أوباما أن يسهم في تغيير ضوابط الاسواق المالية، وأن يعيد النظر في نظام العقوبات والحوافز لتعود الثقة الى الأسواق، ويتجدد الإقراض، وتؤدي الأسواق المالية مهماتها. ويجب فرض قيود على امكان المصارف الحصول على قروض من الاحتياط الفيديرالي، وحصر هذه القروض بالمؤسسات التي تلتزم منح القروض، وإنفاق المساعدات إنفاقاً مسؤولاً وحكيماً. ويترتب على مثل هذه الإجراءات تسديد المصارف التي حصلت على مساعدات فيديرالية قيمة المساعدات، وتعويض دافعي الضرائب. ولتُفرض الضرائب على هذه المصارف، إذا كانت أي الضرائب السبيل الى هذا. وعلى أوباما أن يعالج ثغرات اقتصادنا. وبعض القطاعات الاميركية، مثل قطاع التعليم الجامعي أو القطاع التكنولوجي، رائدة في العالم. ولكن وضع بعضها الآخر مخز، على غرار وضع نظامنا الصحي. وينبغي تقليص نفقات الولاياتالمتحدة العسكرية، الحؤول دون تبديد الاموال على أسلحة مصممة لمحاربة أعداء متخيلين. وعلى رغم أننا أثرى بلد في العالم، لم نخصص سوى 0،16 في المئة من الناتج المحلي للمساعدات الخارجية، وهي أدنى نسبة في العالم المتطور. عن جوزيف ستيغليتز حائز نوبل الاقتصاد في 2001،"واشنطن بوست"الاميركية، 9 / 11 / 2008 نشرت في عدد 16658 ت.م: 2008-11-12 ص: 29 ط: الرياض