سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
المحافظون الجدد يتمسكون برهانهم على "الديموقراطية في العراق" والبراغماتيون يعدون للانسحاب . أولويتان لخليفة بوش : تقليص نفوذ طهران واستعادة المبادرة في الشرق الأوسط
لم يكن في حسابات الرئيس جورج بوش الانتخابية حين كان مرشحاً عن حزبه في العام 2000، الانهماك في هذا الشكل في تحديات السياسة الخارجية والانخراط في حربين ستطبع نتائجهما شرعيته السياسية، كما لم يكن في رهانات سلفه الرئيس بيل كلينتون أن يولي الكثير من الأهمية لمنطقة البلقان والتدخل عسكرياً في حرب البوسنة. الا أن السياسة الخارجية وقرارات الحرب والسلم تفرض نفسها على خليفة بوش، سواء كان الديموقراطي باراك أوباما أو الجمهوري جون ماكين، وخصوصاً في منطقة الشرق الأوسط حيث سيكون باستقبال الرئيس الأميركي الجديد"ارث ثقيل"من الإدارة الحالية انما في الوقت ذاته"مجموعة فرص"للانعطاف بصورة الولاياتالمتحدة واستعادة الدور الأميركي في حل أزمات المنطقة. الرئيس ال44 للولايات المتحدة سيدخل المكتب البيضاوي في البيت الأبيض في 21 كانون الثاني يناير المقبل، محاصراً برزمة أزمات داخلية وخارجية ضعضعت بحسب المراقبين، موقع القوى العظمى في ولاية بوش الثانية وبفعل الأزمة الاقتصادية الأخيرة والعبء العسكري والسياسي لحربي العراقوأفغانستان. ويرى مارتن أنديك، المسؤول السابق لشؤون الشرق الأدنى في ادارة كلينتون، أن بوش سيترك لخلفه"ارثاً ثقيلاً ومجموعة غيوم ملبدة"في الشرق الأوسط، ويسمي في هذا الخصوص الوضع الأمني المتأرجح في العراق وفشل الادارة في تحقيق أهداف محورية وضعتها في 2004 مثل التوصل الى اتفاق بين الفلسطينيين والاسرائيليين الى جانب"الفشل في عزل سورية وحماية استقلال لبنان". أما الفشل الأكبر لبوش برأي أنديك، فهو في تعامل الإدارة مع التحدي الإيراني، و"عجزها عن احتواء نفوذ طهران وطموحاتها الإقليمية والنووية"والتي يعتبر هذا الخبير المقرب من المرشح أوباما، انها ستكون التحدي الأصعب والأهم للرئيس المقبل. ارث بوش هو سيف ذو حدين، اذ من جهة، سيدخل الإدارة الجديدة في سلسلة مطبات وملفات ازدادت تعقيداً نتيجة سياسات الإدارة الحالية، انما في الوقت ذاته وكما يرى أنديك، ستمنح هذه البيئة من التعقيدات"فرصاً جمة"لخليفة بوش للانخراط في شكل أكبر وتحقيق اختراقات ديبلوماسية استعصت على الرئيس الحالي لأسباب مرتبطة برصيد إدارته واستراتيجيته في التعامل مع بعض الأطراف. مخرج من العراق؟ أنديك الذي يتواصل مع المرشح الديموقراطي، يرى أن على الإدارة المقبلة أن تبدأ بإيجاد مخرج"مسؤول"من المستنقع العراقي. ويقترح الدفع بحلول سياسية في العراق في قضايا المصالحة وقانون توزيع النفط والاستمرار في تدريب قوى الأمن والجيش العراقيين، اذ يرجح مدير مركز سابان في معهد بروكنيغز للدراسات، أن خريطة طريق عراقية على هذا الشكل ستعني امكان بدء الانسحاب الأميركي التدريجي من العراق وبمعدل نصف عدد القوات بحلول منتصف العام 2010، وبالتالي إزاحة عبء ثقيل عن كاهل الجيش الأميركي. التركيز على أفغانستان وإيران الانسحاب التدريجي من العراق سيكفل تحويل الانتباه الى الساحة الأفغانية والحرب على الإرهاب والتي حتى بحسب رأي بوش ستكون على رأس أولويات الرئيس المقبل. كما سيمهد خفض الدور العسكري الأميركي في العراق بحسب أنديك، الى التركيز في شكل أكبر على ايران وسلبها ورقة أمنية حاسمة في حال حدوث أي مواجهة عسكرية خلال ولاية الرئيس المقبل، وهي ورقة الرد على الأهداف الأميركية في العراق والتي ستختفي بعد الانسحاب كما يشير الخبير. "المساران"السوري والفلسطيني أما على صعيد عملية السلام، سيرث الرئيس المقبل المسارين الفلسطيني - الاسرائيلي والسوري - الاسرائيلي، وفيما يتوقع المراقبون انخراط أكبر في حال فوز أوباما في عملية السلام وبسبب عودة مفاوضي ادارة كلينتون الى الواجهة مثل دنيس روس ودانيال كرتزر، في حين تبقى الوساطة الأميركية في أي مفاوضات اسرائيلية - سورية رهناً بمدى جدية دمشق واستعدادها"لتحول استراتيجي"في علاقتها مع ايران ومع تنظيمات تعتبرها واشنطن إرهابية مثل"حماس"و"حزب الله". صورة الإدارة المقبلة فيها خيبة أمل للمحافظين الجدد والذين أفلسوا سياسياً مع هبوط أسهم بوش، وتحول المرشحان الرئاسيان أوباما وماكين نحو وجوه أكثر براغماتية في تعييناتهم السياسية مثل بوب زوليك مرشح محتمل لوزارة الخارجية في حال فوز ماكين ووزير الدفاع الحالي روبرت غيتس والمحتمل ابقائه في منصبه سواء فاز الديموقراطيون أو الجمهوريون. الا أن حرب العراق تبقى الشأن المهيمن على أجندة المحافظين الجدد والتي يرون فيها المحرك الأساسي للإدارة المقبلة في سياسة المنطقة. ويقول الخبير من صفوف المحافظين الجدد في معهد"أميركان انتربرايز"مارك غيريت أن أوباما وفي حال فوزه، سيعي حقيقة أهمية المعركة في العراق والتي ستتحول الشأن الوحيد المرن والمهيئ للحلول السياسية أمام ادارته. ويعتبر غيريت أن عملية السلام والمسارين السوري والفلسطيني، ليست لديهما مقومات الحل في ظل التركيبة السياسية الحالية وضعف موقع حركة فتح وصعوبة فصل المحور السوري - الايراني. غيريت يشير الى أن أوباما سيجد نفسه مجبراً على ملاحقة الملف العراقي واستكمال"إنجازات"الإدارة الحالية هناك والتي تلت الخطة الأمنية الأخيرة، ويعتبر أن نجاح النموذج العراقي وبناء ديموقراطية في بغداد سيقوي موقع واشنطن في أي مفاوضات أو مواجهة مع طهران. ويرفض أنديك والخط البراغماتي، هذه النظرية ولا يرى فائدة استراتيجية محورية في الاستثمار الأميركي في العراق، عدا عن ضمان الاستقرار الإقليمي في هذه المرحلة، تمهيداً لانسحاب يعيد تسليط الضوء على التهديد الحقيقي لأميركا والنظام الإقليمي، وهو الآتي من طهران.