تنبئ معطيات المشهد الفلسطيني الداخلي بأن الأمور تسير في شكل سيئ، ونسبة البطالة والفقر في تصاعد، مع سقوط لكل الرهانات على المفاوضات العقيمة في ظل هجمة استيطانية شرسة. هذه المؤشرات جعلت المواطنين في ذروة الغليان، ويبدو أن هذه المرة ليس فقط على الاحتلال وتداعياته، وإنما على الفساد المستشري حتى النخاع في أجهزة السلطة ومؤسساتها، وعلى حال الانقسام الذي يدمر المشروع الوطني التحرري الفلسطيني يوماً بعد يوم، والأهم من كل ذلك، أن الشعب الفلسطيني ضاق ذرعاً وصبراً من الأفق السياسي المغلق تماماً، وضاق ذرعاً من العقلية الفصائلية الكارثية التي تودي بالمشروع الوطني والاستقلال إلى الهاوية. الأحداث والمآسي والصور اليومية تنتقل في لقطات متراكمة سريعة ومسلوخة عن سياقها، تتناحر وسائل الإعلام المحلية والمواقع الإلكترونية ترجمة لتناحر سياسي بين حكومتين كل منها تنفي الشرعية عن الأخرى، الناس في غزة بين مطرقة حكومة الضفة وسندان حكومة حماس وما تبعه من الانقسام الحاصل على حياة الشعب الفلسطيني ومستقبله، وغياب آفاق الحوار بين فتح وحماس، وتعطيل بل غياب المجلس التشريعي، فتبعات الوضع القائم الآن تجاوزت السياسة ووصلت إلى أدق تفاصيل الحياة اليومية. ويبدو أن صناع القرار الفلسطيني لا يضيّعون جل وقتهم بالتفكير في أثر هذه الإحداث في البنية الثقافية والاجتماعية وفي جيل قادم عاش النقيضين وازدواجية المواقف. الغريب أن لا حراك لمن يسمون أنفسهم حماة المشروع الوطني سواء أكانوا تربويين أم اجتماعيين أم سياسيين أم حتى أناساً عاديين، ولم يعد الدم الفلسطيني خطاً أحمر، ولم يعد الواجب عند الطرفين ضرورة التصرف بصورة أفضل بعيداً من الأنانية والإيثار، ولم تعد الجهود منصبة على مواجهة الاحتلال ومقاومة الاستيطان والجدار الذي يتلوى كالثعبان في أراضي الضفة يأكل الشجر والحجر! خالد وليد محمود - الأردن - بريد إلكتروني