تسارعت وتيرة نزوح المسيحيين من الموصل باتجاه قرى وقصبات في سهل نينوى المحاذي لإقليم كردستان، على رغم إعلان الحكومة إجراءات استثنائية لإعادة العائلات المهجرة. وفيما نفى تنظيم"القاعدة"علاقته بعمليات التهجير وأكد وجود"مراسلات"بينه وبين الطائفة المسيحية، نفى الأكراد بشدة اتهامات وجهتها اليهم أطراف سياسية بالتورط في القضية، واتهموا"جهات عربية متطرفة"بمحاولة افراغ الموصل من المسيحيين والشبك. وأفادت مصادر في بلدة الحمدانية ذات الغالبية المسيحية في شرق الموصل، أن حوالي ألف عائلة مسيحية وصلت بالفعل إلى البلدة، هرباً من أعمال عنف تعرضت لها، وتهديدات على شكل رسائل غير معروفة المصدر، تطالبها بدفع"الجزية"أو الرحيل. وكانت عضو مجلس محافظة نينوى أفلين اتويا أكدت أمس أن مسلحين فجروا خمسة منازل لعائلات مسيحية داخل الموصل، مشيرة الى تسجيل 930 عائلة مهجرة خلال أسبوع، فيما هناك عشرات العائلات الأخرى غير المسجلة لدى لجان متخصصة. وأبدى أهالي الموصل استياءهم من الحملة المنظمة لتهجير المسيحيين، وغادر شيوخ عشائر ورجال دين الى الحمدانية وبعشيقة للقاء العائلات المهجرة والتنديد بما تتعرض له، بعد مقتل حوالي 15 مسيحياً وتهجير مئات العائلات خلال أسبوع. وقال رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي بعد لقاء النائبين المسيحيين في البرلمان، يونادم كنا وعبدالاحد افرام إن"للمسيحيين الحق في العيش بأمان وكرامة، وهم مكون أساس من مكونات الشعب العراقي". ونقل بيان عن المالكي قوله إن"أجهزة الأمن في نينوى ستتخذ الاجراءات اللازمة لعودة المهجرين الى منازلهم والوصول إلى الجماعات الإرهابية التي تقف وراء هذا المخطط الإرهابي". وكانت قوات الأمن أرسلت فوجين الى الموصل لحماية مناطق شهدت التهجير. وتتزامن الحملة ضد المسيحيين في الموصل مع فشل البرلمان في إقرار القانون الخاص بتمثيل الأقليات في البرلمان، والعودة عن إلغاء المادة 50 الخاصة بها في قانون الانتخابات المحلية. وأثارت هذه القضية خلافات سياسية بعد رفض الأطراف الكردية اعتبار الشبك والازيديين الذين يقطنون عادة في مناطق انتشار المسيحيين أقلية مستقلة عن القومية الكردية. وعلى رغم وجود بصمات تنظيم"القاعدة"على عمليات تهجير مشابهة، إلا أن التنظيم الذي يقود ما يسمى ب"دولة العراق الاسلامية"أصدر بياناً أمس نقلا عن"أبو عثمان الأنصاري"أحد قيادييه في الموصل، نفيه الضلوع في عمليات تهجير المسيحيين، على رغم اشارته الى تهديد مبطن للمتعاونين منهم مع الحكومة و"الاحتلال". وجاء في بيان تداولته مواقع الكترونية قريبة من"القاعدة"أمس أن"الدولة الاسلامية لم تنقض عهدها مع نصارى الموصل الذي أقره أبو حمزة المهاجر وكبار الطائفة المسيحية عام 2007". وأكد البيان"التزام الدولة الاسلامية أمان الأنفس والأموال في مناطق سيطرة الدولة لكل من التزم بعهده، والذي أقر قبل أكثر من عام ونصف عام بالاتفاق بين وزير الحرب أبي حمزة وبعض كبراء الطائفة حيث أقرت الجزية حصراً على سكان المناطق الخاضعة في شكل كلي لسيطرة الدولة الاسلامية". وأشار البيان الى إعادة تأكيد هذا الاتفاق لاحقاً"حين قام بعض أبناء الطائفة بمراسلة جهات قريبة من والى الموصل لبيان براءتهم من الذين خانوا العهود واتفقوا مع المالكي وكشمولة. فمن نكث فإنما ينكث على نفسه وعليه وزره". وزاد:"وعليه فإن كل من خالف العهد فشارك في قتال المجاهدين أو أعان عليهم بالدلالة أو التجسس أو العمل مع المحتل وجيشه وشرطته أو الهيئات والأعمال التنصيرية ... نقض بنفسه عهده". إلى ذلك، وجه النائب عن مدينة الموصل أسامة النجيفي اتهاماً الى"الميليشيات الكردية البيشمركة بالوقوف وراء عمليات التهجير القسري للعائلات المسيحية". وقال النجيفي المعروف بمواقفه المناوئة للأكراد، في اتصال مع"الحياة"إن"معظم عناصر قوات الأمن الموجودة في الموصل أكراد ينتمون الى البيشمركة"، مشيراً الى أن"عمليات التهجير القسري للمسيحيين تمارس بواسطة المركبات الحكومية التابعة لقوات الأمن الكردية". وزاد أنه"ليس من مصلحة أي جهة تهجير العائلات المسيحية واجبارها على النزوح إلى قصبات للمسيحيين تقع ضمن حدود أو مناطق قريبة من اقليم كردستان سوى الأكراد الذين يرومون تكريد الموصل". نفي كردي لكن الاكراد نفوا بشدة هذه الاتهامات التي صدرت أيضاً عن جماعات مسلحة في بيانات مختلفة. وقال النائب الكردي عن الموصل محسن السعدون ل"الحياة"إن"هذه الادعاءات لا صحة لها بتاتاً. وعلى من يطرحها أن يقدم دليلاً". وأوضح أن"لا وجود لقوات البيشمركة في الموصل"، لافتاً الى أن"القوات الكردية في المدينة هي قوات أمن ترتبط بوزارة الداخلية". ووجه السعدون اتهاماً الى الاطراف العربية، وقال إن"كثيراً من العائلات الكردية هجرتها جماعات وأحزاب تنادي بعروبة محافظة الموصل". وزاد أن"المسيحيين هم من المكونات المهمة في اقليم كردستان ولا يمكن تهميشهم أو اقصاؤهم".