للمرّة الخامسة على التوالي أطلقت شبكة "دويتشه فيله" الإعلامية مسابقتها العالمية التي تحمل اسم "بوبز" BOBs لاختيار أفضل المُدوّنات الالكترونية الألمانية أخيراً، عبر موقعها على شبكة الانترنت"دي دبليو-ورلد.دي إي"DW-WORLD.DE. ويمكن زوّار الموقع ترشيح المُدوّنات الرقمية المُفضّلة لديهم من خلال موقع المسابقة"ذي بوبز.كوم" thebobs.comالذي يتضمن 16 فئة. وتأتي في مقدم تلك الفئات، المُدوّنات الالكترونية"بلوغز"التي تدافع عن حرية الرأي وتتمتع بتصاميم مميزة وتتناول مواضيع مثيرة ومفيدة. وتشمل اللغات المعتمدة في المسابقة: العربية والألمانية والإنكليزية والفرنسية والإسبانية والروسية والبرتغالية والصينية والفارسية والاندونيسية والهولندية. الجدير ذكره أن مسابقة العام الماضي شهدت إقبالاً واسعاً من"البلوغرز". إذ بلغ عدد المُدوّنات الالكترونية المسجلة فيها أكثر من سبعة آلاف. وحينها، جرى التصويت عليها من جانب ما يزيد على 100 ألف شخص عبر شبكة الإنترنت. بالنسبة الى الإقبال على مسابقة"ذي بوبز"للعام الجاري، أوضح غابرييل غونزاليس المُنسّق الرئيس للمسابقة أنها شهدت مشاركة نحو 10 آلاف مُدوّنة الكترونية، وصل معظمها خلال الأسبوع الأول من انطلاق المسابقة. وبحسب رأيه المنشور على الموقع الشبكي للمسابقة، يبدو أن"شبكة"دويتشه فيله"تهتم بتنظيم هذه المسابقة دعماً منها لحرية الرأي والتعبير، خصوصاً في الدول التي تعاني فيها وسائل الإعلام من الرقابة المباشرة أو تلك التي تشهد ملاحقة الصحافيين ومحاكمتهم". ولاحظ غونزاليس أيضاً أن هذا التوجّه من المُشرفين على"ذي بوبز"، ساهم في إعطائها صيتاً عالمياً إيجابياً خصوصاً في أوساط المُدوّنين الالكترونيين الذين تميل أعمالهم إلى الدفاع عن الحريات الفردية والعامة. ويُظهر الموقع عينه رأياً لافتاً للسيدة أوتا توفيرن مديرة موقع"دويتشه فيله"مفاده"أن المسابقة تسعى لنقل صورة واقعية عن التنوّع الواسع في المواضيع التي تُناقش في مُدوّنات"البلوغرز"... إضافة إلى تشجيع حوار يتخطى حواجز اللغة عبر هذه الصيغة الإعلامية الجديدة". وترى توفيرن أن أهمية المسابقة تأتي من كونها تمثّل دعماً معنوياً ومادياً لعمل المُدوّنين الموجودين في البلدان التي تعاني من القيود على حرية الصحافة في شكل خاص. وبحسب رأي هذه المسؤولة الألمانية، فإن ما يزيد من أهمية المسابقة أن المُدوّنة الإلكترونية أضحت في كثير من الدول الوسيلة الوحيدة لممارسة حرية التعبير عن الرأي. ولذا، تُقدّم"دويتشه فيله"، بالتعاون مع منظمة"مُراسلون بلا حدود"، جائزة خاصة تحمل اسم هذه المنظمة. "بلوغ بيديا"وپ"تاغ كلاود"وپ"فيتشرز" لإضفاء مزيد من صبغة العالمية على مسابقة"بوبز"، أدخلت شبكة"دويتشه فيله"الإعلامية خدمات مستجدّة مثل خريطة المُدوّنات، التي تُمكّن من معرفة التوزيع الجغرافي للمُدوّنين الالكترونيين المسجلين في قسم"موسوعة المُدوّنات"تُسمى أيضاً"بلوغ بيديا"BlogPedia التي يضمها موقع المسابقة. وقد بلغ عدد المُدوّنات الرقمية المسجلة في موسوعة"بلوغوبيديا"لحد الآن 4500 مُدوّنة. وتساعد الخريطة أيضاً على معرفة الدول والمناطق التي تنشط فيها ظاهرة التدوين الشبكي في شكل بارز. كما تساعد على الكشف عن الاختلافات في طبيعة المواضيع المطروحة بحسب كل منطقة. وتُقدم تقنية معلوماتية حديثة تحمل اسم"تاغ كلاود"TagCloud خدمة أوسع لجمهور المسابقة على صعيد معرفة تفاصيل التنوّع الذي تتمتع به"موسوعة المُدوّنات". وتُمثّل هذه الخدمة نوعاً من محرك البحث المُركّز، ما يساعد الجمهور في التفتيش عن المواضيع والأسماء في"بلوغ بيديا"بطريقة سهلة. ويرسم المُحرك خطاً على النتائج، بحيث يزيد وضوحه كلما اتسع استخدام الكلمة أو المصطلح موضوع البحث. وبهذه الطريقة يمكن المُدوّنين الإلكترونيين معرفة طبيعة المواضيع التي يهتم بها قُرّاء المُدوّنات الرقمية. ويشمل بحث"تاغ كلاود"النصوص والتسجيلات الصوتية المنقولة عبر تقنية"بودكاست"والمُدوّنات التي تعتمد الوسائط المتعددة"ميلتي ميديا". تطوّر"البلوغز"عربياً في حديث إلى"الحياة"عن المُدوّنات الالكترونية العربية، لاحظ زاهي علاوي، المسؤول عن الشقّ العربي من مسابقة"بوبز"أنه"من المستطاع لمس التطوّر في هذه المُدوّنات من خلال إدخال التحديثات على عملية التدوين برمتها. إذ يقوم المُدوّنون راهناً بتقديم تقاريرهم بحيث تضم آراء مختلفة، إضافة إلى استخدامهم أشكال تعبير رقمية متنوعة تشمل الأفلام والتقارير الإذاعية والتلفزيونية... وكذلك يروج فيه استعمال تقنيتي"بود كاست"وپ"فود كاست"... مع العلم أن التدوين الالكتروني تركّز في السنوات السابقة، على الكتابة النصية في معظم الأحيان. ورأى علاوي أيضاً أن المُدوّنات الالكترونية صارت عنصراً مؤثراً، إلى حد كبير في الرأي العام العربي راهناً. ففي مصر على سبيل المثال، التي تضم العدد الأكبر من المُدوّنين، استطاع"البلوغرز" تحريك الناس للخروج إلى الشارع والمطالبة بحقوقهم اقتصادياً وسياسياً. وفي الآونة الأخيرة، ساهم المُدوّنون الإلكترونيون بفاعلية في تظاهرات كبيرة للمطالبة بتوفير رغيف الخبز للطبقات الفقيرة، ورفع رواتب الموظفين لتتناسب مع ارتفاع الأسعار وغيرها... ولا يُنسى أنهم نظّموا إضراباً أول من نوعه في نيسان إبريل الماضي... ونظراً للتأثير الكبير للمُدوّنات في الرأي العام، شرع كثير من الكتاب والصحافيين والفنانين وكذلك السياسيين في استخدام المُدوّنات الالكترونية لنشر أفكارهم، خصوصاً أن تلك المُدوّنات الرقمية يصعب مراقبتها في شكل مباشر. وقد استطاع الكثير من"البلوغرز"إصدار كتب وقصص قصيرة وروايات لاقت نجاحاً كبيراً عبر مُدوّناتهم. وأعرب علاوي عن اعتقاده بأن صفحات المُدوّنين الالكترونيين تجذب جيل الشباب في الدرجة الأولى لقلة تكاليفها. وانتقلت حمى المُدوّنات الرقمية إلى المستثمرين وأصحاب الشركات الكبرى أيضاً. والمعلوم أن بعض"البلوغرز"يكتب لجمهور مهتم بالمواضيع العلمية أو السياسية أو الثقافية وغيرها. ويتجه بعضهم الآخر لكتابة مواضيع شتى غير آبهين بالفكرة، فكأنهم لا يهتمون سوى بالتنفيس عما يجول في دواخلهم. ولا يختلف الأمر بالنسبة الى المُدوّنات الإلكترونية الأميركية. ففي بلاد العم سام، لم يعد التدوين الرقمي مقتصراً على شريحة محدودة من رواد الإنترنت. ووجد السياسيون في المُدوّنات الشبكية مسرحاً لمخاطبة شريحة مهمة في المجتمع وهي جيل الشباب."هناك تأثير واضح للمُدوّنات في الوضعين السياسي والاجتماعي. ولاحظنا ذلك في الحملات الانتخابية لمرشحي الرئاسة السناتور الديمقراطي باراك أوباما والسناتور الجمهوري جون ماكين"، على حد تعبير مارك غلاسر، عضو هيئة التحكيم في الولاياتالمتحدة. ورأى غلاسر أن أهمية مسابقة"دويتشه فيله"العالمية للمُدوّنات الإلكترونية"تظهر من خلال تعدّد اللغات وتنوّع الثقافات فيها... إضافة إلى البعد السياسي لهذا الحدث العالمي. ويُضاف إلى ذلك الحضور الإعلامي المتمثّل بحضور شركات عملاقة تعمل في هذا المجال". والمعلوم أن الاشتراك في المسابقة ظلّ مفتوحاً حتى نهاية شهر أيلول سبتمبر الفائت، من خلال موقعها على الانترنت. وستختار هيئة التحكيم المُكوّنة من صحافيين مستقلين وخبراء إعلاميين وپ"بلوغرز"متمرسين، أفضل المُدوّنات الرقمية ثم تفرزها لتشارك في المرحلة الثانية من المسابقة. ويُفتتح التصويت لمصلحة أفضل المُدوّنات الإلكترونية من الجمهور، في 27 تشرين الأول أكتوبر الجاري، ويستمر لغاية 26 تشرين الثاني نوفمبر المقبل. وتُعلن هيئة التحكيم عن الفائزين في المرحلة النهائية من المسابقة لكل الفئات في نهاية تشرين الثاني نوفمبر 2008.