جاء رفض مجلس النواب الأميركي، خطة الإنقاذ المالية، التي وضعتها الإدارة الأميركية لنجدة سوق المال في"وول ستريت"والمصارف المتعثرة، ليضع العالم على أهبة الاستعداد، وسط خيبة املٍ، ليس للرئيس الأميركي جورج بوش فحسب، بل أيضاً لكثيرين من رؤساء العالم والمصارف المركزية وأسواق المال العالمية. ودعت المفوضية الأوروبية أمس، الولاياتالمتحدة إلى"تحمل مسؤولياتها"في مواجهة الأزمة المالية العالمية. وقال الناطقٌ باسمها يوهانس لايتينبيرغر:"نتوقع أن يتخذ القرار الخاص بتبني خطة الإنقاذ قريباً، وعلى الولاياتالمتحدة أن تتحمل مسؤولياتها في هذا الوضع، فالخطة لا ترتبط فقط بمصير المؤسسات الأميركية بل أيضاً"بمصير بقية العالم". وأكد أن إجراءات الإنقاذ التي أقرتها حكومات أوروبية في شأن ثلاثة مصارف متعثرة، أظهرت أن السلطات العامة في أوروبا"يمكنها الاضطلاع بمهمة تحقيق الاستقرار المالي". وأعلن المفوض الأوروبي لشؤون التجارة بيتر ماندلسون، أن البرلمانيين الأميركيين"فقدوا رشدهم"برفضهم خطة الإنقاذ. وأمل، بحديث إلى"بي بي سي"،" أن تكون السلطات الأوروبية قادرة"على تفادي هذا النوع من اللامسؤولية وروح التحزب الذي شاهدناه في واشنطن". وشدد على أهمية صياغة قواعد وتنظيمات اكثر إلزاماً للنظام المالي لكي تقلل المصارف من المجازفات في المستقبل. وكان الرئيس جورج بوش أعرب عن خيبة أمله من رفض مجلس النواب الأميركي خطة إنقاذ المصارف التي تقدمت بها إدارته. وتسبب الرفض في تفاقم الأزمة المالية العالمية، وأدى إلى تراجع أسواق المال وبورصة نيويورك التي شهدت هبوطاً حاداً، بينما تسارع إعلان إفلاس مؤسسات مالية في أوروبا وأميركا على السواء. وخلافا ًللتوقعات، صوت النواب الأميركيون بپ228 صوتاً، ضد خطة وزير الخزانة هنري بولسون، في مقابل 205 نواب معها، وهي تنص على تخصيص 700 بليون دولار لامتصاص الديون الهالكة التي تراكمت لدى المصارف اثر أزمة الرهن العقاري. ويبدو مصير خطة الإنقاذ غير واضح. وعبر الرئيس بوش عن"خيبة أمله"وأعلن انه سيعمل"مع أعضاء الكونغرس وقادتهم حول طريقة لتحقيق تقدم". وتوقع أن يقر البرلمانيون هذه الخطة في نهاية المطاف. وأكدت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي، أن الأمر لن يتوقف عند رفض الخطة بل"يجب العمل على تحقيق تقدم". وأكد بولسون، بعد لقاء مع بوش في البيت الأبيض:"علينا العمل في أسرع وقت. يجب أن نفعل شيئاً ما". وأضاف: إن"الرهان مهم جداً ولن نسمح لأنفسنا بالفشل"، مشيراً إلى"التوتر في أسواق المال في أنحاء العالم". ولن يجرى تصويت جديد على الخطة قبل الخميس المقبل على الأرجح لأن الكونغرس في عطلة نظرياً الثلاثاء والأربعاء، لمناسبة رأس السنة اليهودية. وجاء رفض الخطة من جانب جمهوريي الإدارة في الكونغرس، الذي تهيمن عليه غالبية ديموقراطية. ورفضها اثنان من كل ثلاثة جمهوريين. وينتقد هؤلاء بشدة تدخل الدولة في القطاع الخاص، في شكل لا سابق له في تاريخ الولاياتالمتحدة. وقبل التصويت على الخطة، هيمن التشاؤم على الأسواق بعد أسبوعين من أزمة مالية تخللتها إعلانات شبه يومية عن إفلاس مصارف. وقال المحلل في مجموعة"شيفرز"اندريا كرامر، إن"تبني القانون يمكن ألا يكون كافياً لإعادة الثقة". وامتدت لائحة ضحايا النقص في السيولة بين المصارف. وأنفقت المصارف المركزية بلايين الدولارات لتجنب توقف النظام المالي. وضاعف الاحتياط الفيديرالي الأميركي الأموال التي يخصصها للمصارف المركزية الأخرى لتتمكن من تقديم قروض إلى المصارف، في مستوى 620 بليون دولار. وأعلن المصرف المركزي الأوروبي انه سيقرض المصارف التجارية 120 بليون يورو مدة 28 يوماً.