سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
صور اسرائيل ومناطقها باتت أكثر وضوحاً على الانترنت . مصر : "غوغل إيرث" يتسبب في جدل يؤججه محمد حسنين هيكل ومدونات الكترونية "تدافع" عن موقع الخرائط الرقمية وتقنياته
هل صحيح أن"قلب"شركة محرك البحث الشهير"غوغل"يميل إلى إسرائيل أكثر من العرب؟ وهل تحظى إسرائيل بمعاملة أكثر تميزاً من الموقع الذي يضم مجموعة من الخدمات التقنية الأكثر تقدماً وتطوراً على الشبكة العنكبوتية؟ هل نجحت اسرائيل أيضاً في نقل موقعها المميز ومكانتها المتفردة التي تحظى بها لدى أميركا وتثير بسببها حنق العرب، إلى شبكة الانترنت"غوغل"حتى باتت توصف بأنها"طفلة غوغل المدللة"؟ وفي هذه الأيام، تشغل مثل هذه الأسئلة بال المثقفين والمهتمين بشؤون السياسية والتكنولوجيا في مصر. البداية مع هيكل أنفلت نوع من النقاش العشوائي عن هذا الموضوع منذ أن صرّح المفكر المصري المشهور محمد حسنين هيكل عبر برنامجه"مع هيكل"الذي يذاع على قناة"الجزيرة"الفضائية بآرائه عن العلاقة بين اسرائيل و"غوغل". وتطايرت شظايا النقاش عشوائياً، وفي شكل هستيري أحياناً، على الصفحات الالكترونية للشبكة العنكبوتية ومدوّناتها، مترافقة مع سيل من التحليلات السياسية والتنظيرات الثقافية على صفحات الجرائد والمجلات. ولم يتردد البعض في اتهام هيكل بعدم فهم الأبعاد التقنية لموقع من نوع مثل"غوغل إيرث"Google Earth، الذي يقدّم خرائط تفصيلية من الأقمار الاصطناعية لمدن الأرض وقراها وشوارعها. في المقابل، أكّد فريق آخر أن هيكل لم يأت بجديد وأن ما قاله معروف في أوساط المستخدمين والخبراء والمهتمين بالشبكة العنكبوتية وتقنياتها منذ خرج"غوغل إيرث"إلى الحياة العامة على الشبكة الالكترونية الدولية. وأصيب فريق ثالث بحال من الجزع والرعب مما قاله هيكل، في ما ثارت ثورة البعض القومية والوطنية واستشاطت غيرته العربية ودارت دائرة الاتهامات العربية لتتحدث عن تحيّز الموقع الأميركي للمصالح الإسرائيلية. ولم يتأخر أي فريق في اتخاذ الانترنت وسيطاً لنقل آرائه ونشر أفكاره ومشاعره. وفي التفاصيل، أن هيكل أورد أخيراً، في ما يشبه"تفجير القنبلة"، أنه أثناء تصفحه لشبكة الإنترنت رأى المواقع الإسرائيلية على شاشة الكومبيوتر ولكنها كانت غير واضحة. وأعرب عن قناعته بأن عدم الوضوح هذا سببه تدخل من"جهة ما". وقال"الآن توجد أقمار اصطناعية تصور في كل مكان، وشركة"غوغل"تبيع خرائط فضائية مصورة لكل دول العالم إلا الخرائط الخاصة بإسرائيل... فبمقتضى اتفاق مع شركة"غوغل"والكونغرس الأميركي ألزمت الشركة بألا تبيع أي خرائط لإسرائيل، وأن تكون هذه الخرائط في وزارة الدفاع الأميركية". وسرعان ما اندلعت شرارة قوية عبر ألياف الانترنت، إذ سارع رواد عدد من منتديات الدردشة والمواقع الاجتماعية التفاعلية إلى اتهام هيكل بعدم متابعة عالم الإنترنت وبرامجه وإمكاناته المتجددة باستمرار. وأوضحوا أن الجدل المتعلق بإتاحة الخرائط الخاصة بإسرائيل على"غوغل إيرث"قتل بحثاً قبل فترة طويلة. وكذلك أشار بعضهم إلى أن أحد أحفاد الكاتب الكبير أطلعه على الأرجح على هذا الموقع، وأنه ربما اعتقد أنه حدث جديد، لذلك اختار أن يتحدث عنه عبر قناة"الجزيرة"التي استثمرت الحديث بدورها من خلال اللقطات الإعلانية للتنويه عن الحلقة في شكل بدا وكأن"غوغل إيرث"ابتكار جديد، وأن صور المواقع الحساسة عسكرياً مسألة أمن قومي عاجل! واعترض عدد من المُدوّنات الالكترونية"بلوغز"على ما قاله هيكل، ليس لأنه غير صحيح، ولكن لأنهم سبقوه فعلياً في إطلاق ذلك النوع من التحذيرات. فمثلاً، كتب البلوغر وائل عباس صاحب مدوّنة"الوعي المصري"الشهيرة تحت عنوان"سبقناك يا هيكل بسنتين"مؤكداً أنه كتب ما قاله هيكل في 16 كانون ثاني يناير عام 2006 في صفحاته الالكترونية. واتهم مُعدّي برنامج"مع هيكل"ب"سرقة"المعلومات"منه. وأضاف عباس إن"غوغل إيرث""أصبحت أوضح الآن في ما يخص إسرائيل والمناطق الحساسة فيها، وإن لم يكن الوضوح أكثر مما كانت عليه عام 2005 وقت نشرت مدوّنة"الوعي المصري"تلك المعلومات". وتحدث الكاتب يوسف القعيد عن اتصالاته لتوضيح اللبس الذي تسبّبت به تصريحات الأخير، التي وصفها كثيرون بأنها غير دقيقة، خصوصاً بعد أن أورد البعض أن كل الخرائط المتعلقة بإسرائيل مكشوفة للجميع شأنها شأن بقية الدول الأخرى، ومنها الدول العربية التي لمح هيكل الى أن بعضها تظهر تفاصيله بوضوح تحسد عليه معتبراً إياه تهديداً حقيقياً لأمنها القومي! وكتب القعيد تفاصيل مقابلة مع هيكل أجريت بهدف استيضاحه عن أقواله في شأن"غوغل"، وبيّن الأخير أن ما يعرض على"غوغل إيرث"بالنسبة الى إسرائيل ليس إلا"ماكيتات"بديلة لصور الواقع، كما أنها لا تظهر واضحة. ردود من"غوغل" في لقاء مع"الحياة"، أوضح مصدر مسؤول في"غوغل"أن الشركة"لا تطبع الخرائط التي تُعرض في قسم"غوغل ايرث"... نحن لا نقع تحت تأثير أي دولة سواء كانت أميركا أم غيرها... إن أمر الخرائط يرجع كلياً إلى الشركات التي تأخذ على عاتقها تصوير المواقع واختيار ما تعطيه لنا من خرائط لتظهر على موقعنا الالكتروني". واستطرد المصدر موضحاً إن الصور المعروضة على"غوغل ايرث"تأتي من شركات تجارية وعامة متخصصة في التصوير بالأقمار الاصطناعية، وأن"غوغل"لا تتعمد تشويش أو تغيير معالم الصور المعروضة. وزاد:"إن الشركات والحكومات التي تجمع هذه الصور وتوزعها هي المسؤول الاول عن معالجة الامور التي يمكن أن تمس أمنها القومي من طريق استبعاد الصور ذات الحساسية أو ذات صلة بالأمن القومي قبل تداولها... هذا أمر متاح لجميع الدول... إن الصور التي تظهر منطقة إسرائيل أُخذت من شركات تخضع لشروط قانون"كايل بنجامان"الصادر من الكونغرس الأميركي في عام 1996 والذي يحذر من تداول الصور الملتقطة لإسرائيل على بعد مترين". وأنهى مصدر"غوغل"تصريحه بالقول:"نحن دائماً على استعداد لتبادل الحوار مع أي من الحكومات في ما يخص موضوع الأمن القومي". يشار إلى أن جريدة"غارديان"البريطانية نشرت موضوعاً في تشرين الأول أكتوبر الماضي حذرت فيه من أن"المسلحين الفلسطينيين يستخدمون"غوغل إيرث"للتخطيط لهجماتهم على الجيش الإسرائيلي. وقالت مصادر من"غوغل"لل"غارديان"تعليقاً على ذلك أن"غوغل"تعي وجود مخاطر محتملة جراء مثل هذه البرامج، وأنهم يولون اهتماماً كبيراً لفكرة إن"غوغل إيرث"توسع حجم المخاطر الأمنية المحتملة، وأن الصور المنشورة على برنامج"غوغل إيرث"ليست الأولى من نوعها، وأن تداول مثل هذه الصور متاح تجارياً. وعلى رغم أن ما قاله الكاتب الكبير لا يعد سبقاً معلوماتياً، لكنه فتح الباب مجدداً أمام أسئلة مزمنة: هل إسرائيل تتمتع بمكانة متميزة لدى الشركات العالمية الكبرى؟