تحولت صورة الرئيس الاميركي السابق بيل كلينتون وهو يغط في النوم اثناء حضوره احتفالاً تكريمياً في ذكرى ميلاد مارتن لوثر كنغ في احدى كنائس حي هارلم في نيويورك نهار الاحد الماضي، الى مادة اخرى تضاف الى الجدل الدائر الآن داخل الحزب الديموقراطي حول ترشيح السناتور باراك اوباما للرئاسة. ومع ان هناك اسباباً كثيرة يمكن أن تدفع كلينتون للنوم اثناء حضوره حفلاً خطابياً، الا ان ظروف الحملة الانتخابية الحالية والبعد العنصري الذي أخذ يطغى عليها نتيجة التهديد الذي يمثله اوباما لمعركة هيلاري، اعطت نوم الرئيس السابق خلال الاحتفال بتكريم مارتن لوثر كنغ معنى آخر، وارتفعت الاصوات"السوداء": هل يستخف كلينتون الى هذا الحد بذكرى أبرز زعيم للحقوق الوطنية للسود في الولاياتالمتحدة؟ ولم تكن هذه المرة الاولى التي"يشارك"فيها مارتن لوثر كنغ في هذه المعركة الرئاسية، فقد سبقت هيلاري كلينتون زوجها عندما انتقدت، خلال الانتخابات التمهيدية في ولاية نيو هامشاير، الدور الوطني الذي لعبه كنغ، والذي يقدره اكثر الاميركيين. وقالت ان الفضل في إقرار قانون الحقوق المدنية يعود حقيقة الى الرئيس الأبيض ليندون جونسون الذي وقع هذا القانون سنة 1964 وليس الى لوثر كنغ. وأثار ذلك الانتقاد ايضاً ردود فعل غاضبة داخل صفوف السود الاميركيين. وهكذا جاء طغيان هذا المناخ العنصري ليحجب صورة مختلفة عن الحزب الديموقراطي وعن الرئيس كلينتون. فالمعروف عن الديموقراطيين انهم الحزب الاكثر مناصرة لحقوق الاقليات والمهاجرين والفئات المحرومة في المجتمع الاميركي، كما كان السود ينظرون الى كلينتون على انه اول رئيس"اسود"في تاريخ الولاياتالمتحدة. وبسبب التعاطف معه، فاز الرئيس السابق بنسبة كبيرة من اصوات ولاية ساوث كارولينا، حيث يشكل الناخبون من اصول افريقية اكثرية الاصوات، وهي الولاية ذاتها التي ينتظر ان تتعرض فيها هيلاري للهزيمة في الانتخابات التمهيدية نهار السبت المقبل. بهذا المعنى ترك دعم كلينتون لزوجته اثره السلبي على معركتها، وفي اوساط السود بشكل خاص. فالرئيس السابق لا يزال يتمتع باحترام ورصيد كبيرين في الوسط السياسي الاميركي ويعتبر ابرز زعيم للحزب الديموقراطي، مع انه لا يحتل اي مركز فيه. لذلك استدعى هجومه المتكرر على باراك اوباما واعتباره احتمال فوز المرشح الاسود"ضربة حظ سيئة"لمنصب الرئيس، ردوداً غاضبة وخصوصاً من وجوه معروفة مثل السناتور تيد كينيدي الديموقراطي هو الآخر الذي اتهم كلينتون صراحة بإثارة القضايا العنصرية ومحاولة استغلالها لخدمة الحملة الانتخابية لزوجته، وحذر كينيدي من ان الحملات التي يخوضها كلينتون وزوجته تهدد ب"شق"الحزب الديموقراطي على أسس عنصرية. نتيجة ذلك تراجعت نسبة التأييد التي تحظى بها هيلاري بين السود داخل الحزب الديموقراطي الى 16 في المئة في مقابل 66 في المئة لباراك اوباما. اما بين الناخبين البيض فتتقدم هيلاري ب41 في المئة على اوباما 27 في المئة. إلا أن"استخدام"مارتن لوثر كنغ في هذه المعركة لا يقتصر على معسكر الكلينتونيين. باراك اوباما لا يجد ايضاًَ حرجاً عندما يلقي خطبه الانتخابية في الاحياء السوداء الفقيرة من الاستشهاد بالزعيم الأسود واستعادة مواقفه الداعية الى اهمية اتخاذ السود في الولاياتالمتحدة موقفاً موحداً يسمح لهم بتحسين اوضاعهم وتحقيق مطالبهم. وفي واحدة من هذه الخطب في الاسبوع الماضي كان اوباما يتحدث امام عدد من رجال الدين السود فقال لهم: حان الوقت لتنفيذ وعود لوثر كنغ بعد اربعين سنة على وفاته! وذلك في ايحاء واضح بأن اوباما هو الشخص المؤهل لذلك. نهار"الثلاثاء الكبير"في 5 شباط فبراير المقبل سيكون حاسماً في تحديد المرشح الديموقراطي لمقعد الرئيس الرابع والاربعين للولايات المتحدة. وسواء خرجت هيلاري فائزة او فاز اوباما وهو الاحتمال الاقل ترجيحاً فإن هذه الحملة ستترك آثاراً سيئة على طبيعة العلاقات العنصرية وموقع السود في المجتمع الاميركي. لقد استُخدمت في الحملة على اول مرشح جدي اسود للرئاسة الاميركية لغة ما كان ممكناً تصورها لو كانت بشرة باراك اوباما من لون آخر!