سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
السودان : عودة التوتر بين الشمال والجنوب وسلفاكير يتهم الجيش بتسليح قبائل المسيرية . البشير يدافع عن تعيين قيادي في "الجنجاويد" مستشاراً : موسى هلال شخصية مؤثرة في دارفور ولا صحة للتهم ضده
رفض نائب الرئيس السوداني رئيس حكومة الجنوب سلفاكير ميارديت سحب قوات "الجيش الشعبي" من مناطق حدودية مع شمال البلاد، متهماً القوات المسلحة التابعة للخرطوم بتسليح قبائل المسيرية العربية التي دخلت أخيراً في معارك مع الجنوبيين راح ضحيتها عشرات القتلى، الأمر الذي أعاد التوتر مجدداً الى علاقات شريكي الحكم في البلاد المؤتمر الوطني والحركة الشعبية. وجاء أ ب، رويترز، أ ف ب الخلاف الجديد بين شمال السودان وجنوبه في وقت ثار جدل واسع في أعقاب تعيين الخرطوم قيادياً في ميليشيات عربية تتهمها واشنطن بارتكاب فظاعات في دارفور، في منصب حكومي كبير. لكن الرئيس عمر البشير دافع عن تعيين موسى هلال الذي منعته الأممالمتحدة من السفر، مستشاراً خاصاً لوزارة الشؤون الفيديرالية، وقال في مستهل زيارته لتركيا، أمس،"إن السيد هلال مواطن سوداني. إنه شخصية مؤثرة جداً في دارفور. لقد ساهم مساهمة كبيرة في تحقيق الاستقرار والأمن في المنطقة". وأضاف البشير في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره التركي عبدالله غل،"إننا في السودان لا نصدّق أن المزاعم ضد هلال صحيحة. لا نصدقها أبداً. إن الأشخاص الذين يرتكبون حقاً القتل في دارفور يحظون بمساعدة من أوروبا وجهات أخرى". وأكد البشير ان الأمن أعيد"بنسبة 90 في المئة في دارفور"، مضيفاً:"نعمل كل ما في وسعنا من أجل ارساء الأمن بنسبة 100 في المئة في دارفور". أما الرئيس التركي غل فدعا نظيره السوداني إلى العمل على التوصل إلى تسوية سلمية لنزاع دارفور، مشيراً إلى استعداد تركيا للمساعدة. وقال غل:"هناك مأساة إنسانية في دارفور أدت إلى موت عشرات آلاف المدنيين .... أدعو الجميع الى العمل بفاعلية من أجل وضع حد للمعاناة". وتابع"نأمل في أن تحل مشاكل الشعب السوداني بوسائل سلمية وبالحوار في اطار احترام سيادة السودان ووحدته وسلامة أراضيه". ووصل البشير بعد ظهر الاثنين الى انقرة، وسيلتقي أيضاً رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان ورئيس البرلمان كوكسال توبتان قبل أن ينتقل الى اسطنبول للقاء رجال أعمال ويغادر تركيا الأربعاء. وقال وزير الشؤون الفيديرالية السوداني لوكالة أسوشيتد برس إن هلال يمارس مهمته فعلياً و"انه يتولى شؤون القبائل في كل السودان". وتدير الوزارة علاقات الحكومة المركزية بالأقاليم. ويتزعم هلال قبيلة"المحاميد"التابعة لقبيلة الرزيقات العربية النافذة في دارفور. وهو نفى سابقاً المزاعم انه قيادي في ميليشيات"الجنجاويد"ونأى بنفسه عن فظاعات دارفور. وانتقدت منظمة"هيومن رايتس ووتش"في شدة أمس تعيينه في منصبه الجديد. وقال ريتشارد ديكر مدير برنامج العدالة الدولية داخل المنظمة التي تتخذ من نيويورك مقراً لها، في بيان، ان"موسى هلال هو رمز فظائع الجنجويد في دارفور". وأضاف ان"مكافأته عبر منصب حكومي خاص يشكل صفعة لضحايا دارفور ومجلس الأمن الدولي". وتابعت ان"هلال ورجاله أدوا دوراً مهماً في حملة التطهير العرقي التي شنها الجيش السوداني وميليشيات الجنجويد طوال عامين". وذكرت ان"عشرات من الضحايا والشهود على الهجمات، وحتى عناصر في القوات المسلحة السودانية اكدوا ان هلال هو قائد ميليشيات الجنجويد". خلاف الشمال والجنوب على صعيد آخر، قال سلفاكير إن الجنوب يرفض مطالب الشمال باعادة نشر جنود"الجيش الشعبي"على مسافة أبعد جنوباً في أعقاب اشتباكات على طول منطقة الحدود الغنية بالنفط أثارت توتراً بين الخصمين السابقين. وأبلغ كير حشداً من الجنوبيين في احدى الكنائس في مدينة جوبا، عاصمة الجنوب، الليلة قبل الماضية ان الجانبين وافقا العام الماضي على الانسحاب الى جانبي نهر كير الذي يفصل جانبي الحدود، في أعقاب أربعة اشتباكات بين قبيلة المسيرية الشمالية وقوات"الحركة الشعبية"التي يتزعمها أسفرت عن سقوط عشرات القتلى. لكن الجيش السوداني سارع أمس إلى نفي صلته بالميليشيات التابعة للقبيلة العربية جملة وتفصيلاً. وقال كير ان جيش الخرطوم طلب من جيش الجنوب التحرك لمسافة 50 كيلومتراً أخرى جنوباً حتى بلدة أويل. وأضاف متسائلاً:"هل أويل هي حدود جنوب السودان مع الشمال؟". وتابع:"لا أحد يمكن أن يقبل ذلك وقد رفضناه بطبيعة الحال". ومضى يقول:"يريدون أن يبعدوا الجيش الشعبي حتى إذا جاءت لجنة الحدود فإنها ترسم الخط حيثما يوجهها حزب المؤتمر الوطني الحاكم في الخرطوم". واعتبر كير ان المسيرية الذين يرحلون في العادة جنوباً لرعي أغنامهم في موسم الجفاف، رفضوا نزع سلاحهم. لكنه ذكر أن البدو لن يسمح لهم بالسفر جنوباً إلا إذا كانوا لا يحملون سلاحاً، مثلهم في ذلك مثل قبائل الجنوب. وقال:"حزب المؤتمر الوطني والقوات المسلحة السودانية يريدان قبول مجيئهم إلى الجنوب مسلحين، ونحن نقول: إذا جاؤوا بأسلحتهم سنحاربهم". وذكر أن الاسلحة الكثيفة التي يحملها المسيرية تثبت أن جيش الشمال أمدهم بالسلاح. وقال:"نعرف كل الأسلحة التي يستخدمها الجيش السوداني وهي التي يستخدمها المسيرية، ولن نقبل أن يفرض هذا الأمر علينا". وأضاف:"لذا فما زالت أمامنا مشكلة نحتاج إلى حلها مع شركائنا". غير الجيش السوداني نفى أي صلة له بقبيلة المسيرية. وقال مدير مكتب الناطق باسمه المقدم الصوارمي خالد سعد ان مراقبين تابعين للأمم المتحدة في امكانهم التحقق في الاتهامات، مشدداً على ان الجيش حريص على المسيرية والجنوبيين معاً باعتباره كياناً قومياً لا يدعم أي طرف في النزاع. لكنه اعتبر ان كل المعارك التي خاضتها المسيرية كانت شمال حدود 1956، في إشارة إلى أن"الجيش الشعبي"لم يسحب قواته جنوباً بموجب اتفاق السلام. وفي السياق ذاته، حذّر وزير الخارجية السوداني السابق الدكتور لام اكول، القيادي في"الحركة الشعبية"الذي استُبعد من الحكومة في آخر تعديل لقائمة الوزراء الجنوبيين، مما اسماه مخاطر عديدة تحيط باتفاق السلام، متهماً قوى دولية بمحاولة استغلال خلافات شريكي الحكم، المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، لتنفيذ اجندتها الهادفة الى اسقاط النظام الحاكم في البلاد. ونقلت صحيفة"أخبار اليوم"السودانية أمس عن أكول أن هناك أناساً داخل المؤتمر الوطني لم يستوعبوا التغيير الذي حدث بسبب اتفاق السلام. وأضاف:"هؤلاء يعتقدون بأن الأمور يجب أن تسير بالوتيرة السابقة نفسها، وهذا ليس صحيحاً". ورأى أكول، في المقابل، ان هناك عناصر جنوبية في"الحركة الشعبية"لم يستطع الاتفاق أن يغيّر نظرتهم الى حكومة الوحدة الوطنية، وقال إن هؤلاء يتعاملون مع هذه الحكومة وكأن الحركة ليست جزءاً منها، معتبراً أن هؤلاء في الطرفين"يسبحون عكس التيار". في غضون ذلك، قرر خمسة عشر حزباً معارضاً رفع مذكرة عاجلة الى المفوضية الدستورية تطعن في اعلانها الخميس المقبل آخر يوم للتشاور حول مشروع قانون الانتخابات الجديد. وأوضح ممثل الحزب الشيوعي صدّيق يوسف للصحافيين أن المذكرة تحتوي على اقتراحات في شأن مشروع القانون، محذراً من العجلة في إجازة القانون، ومتهماً جهات لم يسمها بالضغط على المفوضية لتمرير القانون من دون اجراء مشاورات واسعة مع الأحزاب.