شكلت المملكة العربية السعودية حضورا فاعلا وقويا في تجديد الخطاب العربي وفي التعبير عن الغضب من الموقف الاسرائيلي المتعنت، وخصوصاً عندما رفض وزير خارجيتها المشاركة في مسرحية انابوليس لالتقاط الصور والمصافحات، فيما اعتبرت أوساط سياسية ان موقف المملكة عبر عن خيبة امل كبيرة بالوعود الأميركية التي قدمت قبيل انابوليس لتشجيعها على المشاركة. كما يشيد الفلسطينيون بدور الملك عبد الله بن عبد العزيز شخصيا في رأب الصدع الفلسطيني والتوصل الى اتفاق مكةالفلسطيني في شباط فبراير2007، واليوم وبعد التهرب الاسرائيلي من تقديم أي استحقاقات في مقابل المبادرات والتنازلات العربية والفلسطينية التي قدمت بين يدي انابوليس، وفي ظل الانحياز الأميركي المتواصل لإسرائيل وعجز الإدارة الأميركية عن ممارسة أي ضغط عليها، أصبحت حماية قطاع غزة وفك الحصار عنه ونجدة أطفاله ونسائه، ووقف العدوان والتدمير الذي يقع عليه يوميا من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، ناهيك عن محاولة تطبيق نظرية القتل البطيء عبر الحصار الإسرائيلي الخانق على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة البالغ 1,5 مليون نسمة، وكذلك في منع حجاج القطاع من مغادرته لأداء مناسك الحج لهذا العام، أصبحت فرصة جديدة أمام السعودية لتأكيد وقوفها الى جانب الشعب الفلسطيني بفك الحصار عنه وتزويده بحاجاته من الدواء والغذاء واللباس والوقود، ومواد الحياة الاقتصادية، والعمل على وقف هذا الظلم مستندة في ذلك الى ثقلها العربي وامكاناتها المالية ووزنها السياسي والدولي، وأهميتها الاستراتيجية لاقتصادات العالم. وعلى هامش مؤتمر الحوار بين الحضارتين الصينية والعربية الذي تستضيفه السعودية التقى المشاركون بخادم الحرمين الشريفين، والذي أكد في كلمته حاجة العرب الى موقف الصين لدعم قضاياهم وعلى رأسها قضية فلسطين، والتي اعتبرها هما سعودياً، كما اكد ان المملكة على استعداد للقيام بواجبها وتلبية ما يطلب منها خدمة لحوار الحضارات ولرفع الظلم عن البشر وإرساء دعائم السلم القائم على العدل، وتقع قضية فلسطين وحصار قطاع غزة والعدوان المستمر عليها والخلاف الفلسطيني الداخلي وحماية القدس من بين هذه الاولويات القصوى التي يشملها هذا الموقف الملكي. من جهة أخرى تشير مختلف المعطيات الى تطلع المراقبين الى موقف ودور جديد متجدد سوف تلعبه المملكة العربية السعودية لنجدة شعب فلسطين، وللانفتاح على حضارات العالم بروح انسانية عالية تنطلق من عقيدة المملكة وملكها وقناعاتهم المستلهمة من القرآن الكريم كما أكد خادم الحرمين، ويساعد على ذلك الغيرة والنخوة العربية والشهامة التي عرف بها الملك السعودي، والتي ظهرت على قسمات وجهه عندما ذكره احد الضيوف العرب بمعاناة نساء وأطفال فلسطين، ودعوته لنجدتهم ونصرتهم بنخوته العربية. ومما يجدر ذكره ان معاناة الفلسطينيين الى حد الموت على الحواجز وفي المعابر الحدودية المغلقة، ومنع سفر الحالات الطارئة منهم للعلاج، وعدم توفر ما يسد رمق الفقراء بسبب اطباق الحصار الاسرائيلي عليهم وصلت الى درجة الخطر. فهل تشهد الايام القادمة في مطالع الشهر الحرام ذي الحجة وقفة سعودية عروبية مشهودة لملك السعودية وقيادتها! وهل يتسع الموقف ليشمل دول مجلس التعاون الخليجي بين يدي اجتماع القمة الخليجية المتوقع انعقاده في الدوحة؟ * مدير مركز دراسات الشرق الاوسط في الأردن.