الإنجاز الذي حققه الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى في رعايته للقاء الرئيس أمين الجميل ورئيس كتلة"المستقبل"النيابية النائب سعد الحريري ورئيس"تكتل التغيير والإصلاح"النائب ميشال عون يبقى منقوصاً ما لم يأت لاحقاً مقروناً بإجماع قوى 14 آذار والمعارضة على تبني خطة العمل العربية التي توصل إليها وزراء الخارجية العرب في اجتماعهم الأخير في القاهرة كإطار عام لحل الأزمة في لبنان على قاعدة التسليم بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية. فالأمين العام لجامعة الدول العربية لعب دوراً في التمهيد للاجتماع الذي لم يقتصر كما كانت تطالب المعارضة على الحريري ? عون وانضم إليهما الرئيس الجميل وواكبه عن كثب سفير المملكة العربية السعودية في لبنان عبدالعزيز خوجة الذي لم يكن، كما قالت مصادر سياسية بارزة لپ"الحياة"، في صورة الاتصالات التي قام بها موسى فحسب وإنما واكبها عن كثب في مشاوراته المفتوحة مع الحريري ورئيس"اللقاء النيابي الديموقراطي"وليد جنبلاط والنائب ميشال المر وشجع على ضرورة كسر الحلقة المفرغة من خلال التفاوض المباشر بين الأكثرية والمعارضة بناء لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، وكبار المسؤولين في المملكة انطلاقاً من حرص الأخيرة على الإسراع في حل المشكلة في لبنان. وفي إطار التحضير للاجتماع الثلاثي الذي رعاه موسى وتبناه رئيس المجلس النيابي نبيه بري، التقت قيادات 14 آذار ليل أول من أمس موسى في دارة آل الحريري في قريطم. وأبلغته بصراحة انها مع تسهيل مهمته لترجمة المبادرة العربية في شأن حل الأزمة، في خطوات ملموسة. ونقلت مصادر في الأكثرية عن قيادات في 14 آذار قولها لموسى انها لا تتحفظ في المبدأ عن أي لقاء مع المعارضة وأنها كانت السبّاقة في الدعوة إليه وإلا لا تكون منسجمة مع قرارها تسهيل مهمته في بيروت، باعتبار ان البنود الواردة في خطة العمل العربية تشكل خريطة الطريق التي من دونها لا يمكن إنهاء الأزمة في لبنان. لكن القيادات ذاتها، أبلغت موسى، بحسب المصادر، في الوقت نفسه، ان إنجاح أي اجتماع بين الأكثرية والمعارضة يستدعي اولاً إعلان موافقة الأخيرة على خطة العمل العربية ببنودها الثلاثة الأساسية أسوة بما كانت أعلنته الأكثرية في كل مناسبة وعلى خلفية الموقف الذي اتخذته ووضعته في صورته في جولته الأولى على بيروت والتي جاءت فور الإعلان عن الخطة العربية. وتابعت المصادر:"الأكثرية على استعداد للتقدم من موسى بموقف خطي من المبادرة إذا شاء لكنها لا تبدي ارتياحاً لموقف المعارضة ليس لما فيه من تناقضات تتعارض وروحية الخطة العربية وإنما ايضاً لأن قرارها تكليف عون التفاوض باسمها مع الأكثرية طرح تساؤلات في شأن الهدف من العودة الى الحوار وما اذا كان يتعلق بالتعاون لتسويق المبادرة العربية أو للتفاوض على نقاط من خارج جدول أعمال الخطة العربية خصوصاً في ضوء ما أعلنه عون من مواقف تشكل التفافاً على التحرك العربي ويمكن ان تؤدي الى إطاحة الدور العربي". وفي هذا السياق، سألت الأكثرية:"هل المطلوب منا ان ننقلب على المبادرة العربية ونعود بالحوار الى نقطة الصفر؟ وإلا ما هو المبرر الذي دفع بعون الى الدعوة الى انتخاب رئيس جمهورية مباشرة من الشعب إضافة الى تشكيل حكومة انتقالية وبالتالي إجراء انتخابات نيابية مبكرة؟". كما سألت الأكثرية بحسب مصادرها، عن تحضير الأجواء للحوار أو للتفاوض"وهذا يتطلب في بادئ الأمر من المعارضة ان تجيب عما اذا كانت موافقة على انتخاب سليمان رئيساً للجمهورية وعلى تفسير موسى للبند الثاني من المبادرة وفيه:"الدعوة الى الاتفاق الفوري على تشكيل حكومة وحدة وطنية تجرى المشاورات لتأليفها طبقاً للأصول الدستورية على ألا يتيح التشكيل ترجيح قرار أو إسقاطه بواسطة أي طرف ويكون لرئيس الجمهورية كفة"الترجيح"، خصوصاً ان التفسير المتعارف عليه الذي سمعناه منكم يتناقض كلياً مع تفسير المعارضة له لجهة اعتباره الطريق الى تطبيق مبدأ المثالثة في توزيع الوزراء بين الأكثرية والمعارضة ورئيس الجمهورية". وإذ أكدت الأكثرية كما تقول مصادرها، انها مع اعتماد القضاء دائرة انتخابية، سألت في المقابل عن"مدى التزام المعارضة بانتخاب سليمان من ضمن التوافق على أسهل طريق لإيصاله إلى القصر الجمهوري في بعبدا وهل هي قادرة على مواجهة الرفض له من قبل تيارات أخرى في المعارضة بخلاف ما كانت تدعي في السابق من انها تؤيده". فضلاً عن ذلك، ترفض الأكثرية إدراج مواضيع أخرى على جدول أعمال التفاوض من خارج ما نصت عليه المبادرة العربية أو الانجرار في البحث في تفاصيل تطبيق البنود خصوصاً بالنسبة الى تسمية الوزراء والحقائب. وبحسب مصادرها، سألت الأكثرية في حضور موسى:"كيف تسمي المعارضة عون كمفاوض وحيد عنها وتنوب عن الأكثرية في تسمية من يمثلها في الحوار"؟ وقالت:"من حق المعارضة ان تختار من تريد لكن لا يحق لها تسمية المحاور من فريق الأكثرية". وتم التوصل في خلاصة المشاورات بين موسى وقيادات 14 آذار الى ان الأكثرية ليست في وارد تعطيل مهمة الجامعة العربية لكن من حقها ان تطالب بضبط أداء الفريق الآخر لجهة ان يبادر الى قول كلمته وبوضوح في شأن موقفه من بنود المبادرة العربية. وفي هذا الشأن قيل لموسى ان لا اعتراض على التفاوض مع عون وإنما الموقف النهائي يتقرر في ضوء الأجوبة التي سيحصل عليها من الأخير عندما يلتقيه في اليوم التالي امس. وقيل له أيضاً ان الأكثرية ماضية في تسهيل مهمته وأنها تقترح ان يكون الرئيس الجميل طرفاً أساسياً في الحوار"ليس لكسر قرار المعارضة في حصر التفاوض بالحريري وإنما للتأكيد ان المشكلة ليست بين السنّة والموارنة أسوة بما كان يقال سابقاً بأنها بين السنّة والشيعة عندما توقف الحوار بين بري والحريري مع اننا لا نريد الآن تسليط الأضواء على الأسباب التي كانت وراء توقفه وبالتالي لقطع الطريق على خطة بعض قوى المعارضة القائلة ان 14 آذار لا تريد مشاركة الآخرين في السلطة، إضافة الى تصحيح مسار الحوار لجهة التأكيد ان الخلاف سياسي بامتياز". واعتبرت الأكثرية، بحسب مصادرها، ان حضور الجميل اللقاء الى جانب الحريري"أمر اساسي يراد منه التعبير عن ان الأكثرية تتصرف كجسم سياسي موحد وأن لا حروب إلغاء بين أطرافها بخلاف المعارضة التي يبدو من خلال مواقفها انها لا تقرأ في كتاب واحد وهذا ما يفسر التعددية في خطابها السياسي". وحينما عاد موسى للقاء الحريري بعد اجتماعه بعون والنائب ميشال المر ونجله نائب رئيس الوزراء وزير الدفاع الياس المر، لوحظ انه اظهر ارتياحاً لمحادثاته في الرابية وتمنى على الحريري الاحتفاظ لنفسه بكل ما أطلعه عليه بالنسبة الى أجواء اجتماعه بعون. وأبدى الحريري تجاوباً مع رغبة موسى الذي نقل إليه ان عون يرى ان اجتماعه به ? أي مع الحريري ? سيقود الى نتائج طيبة، على رغم انه طرح بعض الأسئلة التي يود استيضاحها منه. وعليه فإن لقرار الحريري الاشتراك في المفاوضات مع عون اهمية تكمن في انه يريد ان يسحب الذرائع من الفريق الآخر وأن يضعه امام مسؤولياته للتأكد من مدى التزامه المبادرة العربية وبالتالي يكون قد قطع الطريق على فريق من المعارضة لديه ما يقوله منذ الآن وبغض النظر عن نتائج لقاء الجميل والحريري وعون في حضور موسى في البرلمان، خصوصاً بالنسبة الى تحميل الحريري مسؤولية اساسية عن الإخفاق في التوصل الى تفاهم لتطبيق المبادرة العربية، تحت عنوان انه يرفض التفاوض مع عون.