في اليوم الثالث لجولته الماراتونية المرهقة على الاطراف اللبنانيين لتنفيذ الخطة التي توصل اليها وزراء الخارجية العرب في شأن انتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل حكومة وحدة وطنية، أحجم الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى عن الإجابة سؤال يتعلق بنسبة تفاؤله بإمكان التوصل الى حل قريب للأزمة السياسية بين الاكثرية والمعارضة، مكرراً القول بوجود"عقبات". واذ انتهى هذا اليوم بإعلان الامانة العامة للمجلس النيابي قرار رئيس المجلس نبيه بري تأجيل الجلسة النيابية التي كانت محددة اليوم لانتخاب رئيس الجمهورية، فإن موسى وصف جدار الازمة اللبنانية بأنه"مصطنع ومن السهل هدمه"، الا ان نتائج جولته ظلت كما قال بين ان"كل شيء ممكن وغير ممكن ايضاً". استهل الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى يومه الثالث في بيروت بلقاء وفد من حزب"الطاشناق"في مقر اقامته. ورحب الوفد بالمبادرة العربية، منوهاً"بجهود موسى لإيجاد حل للأزمة"، مبدياً استعداده للمساهمة في الجهود التي يبذلها". الطاشناق وتحصين الرئاسة وأوضح الحزب في بيان صادر عن مكتبه الإعلامي، أن"موسى تطرق بالتفصيل إلى مختلف البنود في المبادرة العربية مبدياً تفاؤله بالوصول إلى الحلول المرجوة، مناشداً الجهات اللبنانية الارتقاء إلى أقصى حدود المسؤولية الوطنية لمعالجة هذا الظرف الدقيق والصعب والتصدي للخطر المحدق بلبنان والمنطقة". وشدد وفد"الطاشناق"على"ضرورة الإسراع في التوصل إلى توافق بين الفرقاء يؤدي إلى تصحيح الخلل والإعوجاج الحاصل في الحياة السياسية في لبنان"، داعياً إلى"تحصين رئاسة الجمهورية بالقدرة الكبيرة الكافية لمواجهة التحديات في الوطن". وزار موسى رئيس الحكومة اللبنانية السابق عمر كرامي، في منزله في الرملة البيضاء، وبعد اللقاء اكد موسى انه"مرتاح جداً وسعيد بزيارته الرئيس كرامي". وأوضح ان المناقشة مع كرامي كانت"صريحة وواضحة تماماً، والهدف هو إنقاذ لبنان، المبادرة العربية واضحة والجهود المبذولة مع كل الاطراف ومحاولة الوصول الى الاتفاق ما تزال قائمة ومستمرة ونرجو ان نوفق في نهاية اللقاءات الى تحقيق قدر من التقدم". وعن موقف الاكثرية من التفاوض مع رئيس تكتل"التغيير والإصلاح"النيابي ميشال عون، قال موسى:"الكل يعلم ان العماد عون يتحدث باسم المعارضة، ويفاوض باسمها، وتحدثت معه بالأمس، وكما صرحت بالامس المقابلة كانت ايجابية ومهمة وصريحة، وما زلنا نعمل في هذا الاطار والاتجاه". وعن رفض رئيس كتلة"المستقبل"النيابية سعد الحريري التفاوض مع عون، اكتفى موسى بالقول:"كلمة الرفض لم تصلني بالشكل الذي تتكلمون عنه، واقتراح اللقاءات بين الطرفين قائم بأشكال مختلفة، وما زلنا نعمل على ذلك". وعما اذا كان متفائلاً، قال موسى:"هذه المرة لن ارد على هذا السؤال"، معتبراً ان"جدار الازمة اللبنانية مصنّع ومن السهل كسره وهدمه والتخلص منه وان يعمل اللبنانيون جميعاً معاً، فكسر هذا الحائط ليس المشكلة". وأكد وجود عقبات، وقال:"من الضروري وجود عقبات واختلافات في وجهات النظر، وإلا ليس هناك مشكلة، ونرجو الا تستغرق الوقت الطويل". وعما اذا كان سيمدد زيارته للبنان، اكتفى بالقول:"اذا احتاج الأمر". ووصف موسى لقاءه مع الأمين العام ل"حزب الله"السيد حسن نصرالله ليل اول من امس، بأنه"كان جيداً جداً، وانا دائماً استمتع بلقاءاتي معه". كرامي: الأولوية لانتخابات نيابية اما الرئيس كرامي فرأى في تصريح انه بعدما اطلع من موسى على نتائج لقاءاته في اليومين الماضيين ان الأمور لا تزال كما اطلقها منذ وصوله الى المطار"، مشيراً الى انه ابلغ موسى، ان نتيجة عدم الثقة بين الموالاة والمعارضة والتي لا يمكن ردمها بهذه السرعة، وبهذا البيان الصادر عن الجامعة العربية، أن العلة الاساسية هي الانتخابات النيابية التي لم تكن على أساس قانون عادل، وان المعارضة تعتبر ان الاكثرية الشعبية معها، والموالاة تعتبر ان الاكثرية الشعبية معها، إضافة الى ان عند وقوع أي أزمة وطنية أو سياسية في أي بلد في العالم تعود الدولة وتطرح الاستفتاء على الشعب ليقرر ما يريد، لذلك كان اقتراحي كما قال الرئيس امين الجميل، ولكن مع تطوير مبادرته، تأليف حكومة حيادية تعطى مهلة معينة خلال ثلاثة اشهر لإقرار القانون التاريخي وبعد ستة أشهر من تأليفها تجرى الانتخابات النيابية،"واللي بيطلع معه الاكثرية صحتين على قلبو"، لا يعود هناك معارضة تريد الثلث الضامن ولا اكثرية تستأثر بالحكم، فالذي يأخذ الاكثرية يكون الشعب معه". وعن تشكيلة الحكومة والخلاف عليها، لفت كرامي الى انه شرح ذلك لموسى وقال:"هو لا يدخل في الارقام بل يقول بتطبيق المبدأ، والارقام لم يعد لها قيمة وكنت قلت ان المعارضة ايضاً لا يهمها الارقام بل يهمها أن تشعر بالفعل من خلال مشاركتها في هذه الحكومة انها تشارك بالحكم". جعجع والحاجة الى مزيد من الوقت وظهراً اجتمع موسى والوفد المرافق مع رئيس الهيئة التنفيذية لپ"القوات اللبنانية"سمير جعجع في معراب في حضور النائبين ستريدا جعجع وانطوان زهرا. ووصف موسى الحديث مع جعجع بأنه"كان جيداً وتضمن الكثير من الافكار والتحليلات في اطار المهمة". وعن وجود عرقلة للقاء الذي كان يفترض ان يجمع النائبين الحريري وعون خصوصاً انه قيل ان جعجع هو من بين المعرقلين، نفى موسى"ان يكون تم ترتيب لقاء حتى نتحدث عن عرقلة"، مشيراً الى"ان هناك افكاراً كثيرة في ابواق بيروت، تطير يميناً وشمالاً، ولكننا لا نستطيع القول انه تم اتفاق على امر ومن ثم حصلت عرقلة فهذا كلام غير دقيق". وعما اذا قرر اللجوء الى بند المبادرة الداعي الى الاستعانة ببعض وزراء الخارجية العرب مع وصول الوزير القطري اليوم الى بيروت، قال موسى:"انا على اتصال مع بعض وزراء الخارجية العرب كذلك بعض القادة العرب". وعن العراقيل المطروحة، اوضح موسى ان"هناك اختلافات في وجهات النظر ومواقف معروفة يمكن ان يحصل لها تشديد ما وتقريب في ما بينها ونحن استأنفنا العمل منذ يومين ومشكلة لبنان صعبة وتحتاج الى الوقت الكافي". وما اذا كانت المشكلة تكمن في لقاء الحريري وعون، رأى موسى ان"اذا كانت المشكلة في هذه المسألة فهي بسيطة جداً، لكنها اعمق واوسع من ذلك بكثير". وعما اذا كانت هناك شروط متبادلة لعقد هذا اللقاء ان كان ثنائياً او موسعاً، كشف موسى ان"هناك افكاراً كثيرة ولم يجر حتى الآن اتفاق على شيء ولكن كل شيء ممكن وغير ممكن ايضاً". وأشار الى ان هناك"تفاهماً"على تركيبة الحكومة المقبلة"ولن ادخل في مسألة الأرقام". أما جعجع فوصف أجواء اللقاء بپ"الصريحة", وقال:"نقلت له مدى ترحيبنا بالمبادرة العربية التي بنودها واضحة وإذا كانت هناك نيات حسنة من قبل الفريق الآخر فيجب ان تنزل كل الكتل النيابية غداً الى الجلسة المقررة لانتخاب العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية". وأسف جعجع لأن"فريق 8 آذار لا يريد انتخابات رئاسية باعتبار ان المواضيع التي يطرحها هذا الفريق بحجج مختلفة، هي غطاء لعدم الوصول الى انتخاب رئيس جديد", وأشار الى ان"من بين الأمور التي تطرح مسألة الآلية الدستورية"المفهومة"كما ان تعديل الدستور يخضع للمادتين 76 و 77 ". وشدد على ان"لا إمكان للنائب الحريري ولا النائب عون ولا الرئيس بري ولا اي كان تشكيل حكومة من دون انتخاب رئيس للجمهورية", وقال:"ان قوى 14 آذار لاقت فريق 8 آذار على مسافة 95 في المئة من الطريق", مذكراً بانسحاب مرشحي قوى 14 آذار لمصلحة المرشح التوافقي العماد سليمان الذي كان فريق 8 آذار يطرحه على رغم صعوبة خيار تعديل الدستور بالنسبة إلينا". ودعا جعجع الى وجوب"القيام بخطوة تلو الأخرى", محذراً"من ابتزاز رئاسة الجمهورية وأخذها رهينة للوصول الى نيل حصة معينة في الحكومة المقبلة". ونفى جعجع ما تردد عن انه عرقل لقاء الحريري وعون, وقال:"برأيي ان مثل هذه الاجتماعات هي خارج نطاق الموضوع حالياً, سنجتمع من اجل ماذا؟ طالما لا ينفذون الخطوة الأولى المتعلقة بالبند الأول المتفق عليه وهو انتخاب العماد سليمان رئيساً؟ وحتى لو لم نتفق على المرحلة الثانية ما الذي يمنع من تحقيق المرحلة الأولى؟ أمنَ الضروري ان يبقى قصر بعبدا خالياً؟". ونفى ان يكون موسى ناقش مسألة تشكيل الحكومة مع اي فريق, ورأى أن المعارضة في كلامها عن سلة متكاملة"حتى لا تُخذل في ما بعد، تأخذ رئاسة الجمهورية رهينة لتجني مكاسب". لقاء بري وتأجيل الجلسة وعاد موسى بعد الظهر الى عين التينة والتقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري على مدى ساعة، وهو اللقاء الثالث بينهما منذ وصول موسى الى بيروت. ولاحقاً صدر عن الامانة العامة للمجلس النيابي بيان جاء فيه ان رئيس المجلس نبيه بري قرر تأجيل الجلسة التي كانت مقررة غداً السبت لانتخاب رئيس الجمهورية الى الاثنين في21 الجاري في الثانية عشرة ظهراً. وذكرت"الوكالة الوطنية للاعلام"الرسمية انه"علم ان هذا التأجيل يأخذ في الاعتبار المساعي الحميدة التي بذلها ويبذلها الامين العام للجامعة في سياق تنفيذ مقررات مؤتمر وزراء الخارجية العرب". ثم التقى موسى النائب الحريري مجدداً، ولم يدل بأي تصريح.