انتقد المجلس التشريعي الفلسطيني وحركة "حماس" و "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" المرسوم الرئاسي الذي اصدره الرئيس محمود عباس اول من امس وعدّل بموجبه قانون الانتخابات، وجعل من التزام منظمة التحرير الفلسطينية واعلان الاستقلال والقانون الاساسي شرطاً للترشح للانتخابات، ما يعني حرمان"حماس"من المشاركة فيها او الموافقة على هذه الشروط. واعتبر رئيس المجلس التشريعي بالانابة الدكتور احمد بحر في مؤتمر صحافي عقده في مقر شركة"بال ميديا"في مدينة غزة امس، قرار عباس خرقاً فاضحاً للقانون الاساسي المعدل للعام 2005، مضيفا ان قراراته ناجمة عن مأزق يعيشه بسبب ذوبان الاجماع الدولي من حوله او عدم جدية الموقف الاميركي ازاءه. وتعهد التصدي لهذه القرارات وافشالها، واصفا حكم الرئيس عباس بأنه يشبه"اعتى النظم الدكتاتورية المستبدة". وشدد بحر على ان تعديل قانون الانتخابات الفلسطيني"يشكل خرقاً فاضحاً لطبيعة نظام الحكم في فلسطين والذي يقوم على التعددية السياسية والحزبية كونه يدعو الى اقصاء الشرائح الواسعة من الشعب الفلسطيني التي لا تؤيد اتفاقات اوسلو"الموقعة عام 1993. ورأى ان المرسوم"يصادر الحقوق والحريات العامة المكفولة في الباب الثاني من القانون الاساسي المعدل الدستور الموقت واجب الاحترام، وانه لا يُمارس الا في ظل اعتى النظم الدكتاتورية المستبدة". واضاف ان اصدار هذا القرار بقوة القانون"ينطوي على تمييز واضح وصريح بين الفلسطينيين، بسبب الرأي السياسي، في ممارسة حقهم الدستوري بالمشاركة في الحياة السياسية والانتخابات العامة، الامر الذي يشكل انتهاكاً صارخاً لأحكام نص المادة التاسعة من القانون الاساسي المعدل، والتي تؤكد ان الفلسطينيين امام القانون سواء لا تمييز بينهم بسبب الرأي السياسي". واعتبر ان المرسوم يقدم اعترافاً مجانياً بالدولة العبرية في حال صوّت الناخبون لمرشحين التزموا التعديل الجديد. ووصف القرار بأنه"يخالف جميع الشروط الدستورية المنصوص عليها في المادة 43 من القانون الاساسي المعدل الواردة في شأن القرارات التي لها قوة القانون، خصوصا ان النص الدستوري المذكور يؤكد وجوب صدور مثل هذه القرارات في حال الضرورة التي لا تحتمل التأخير". وتنص المادة 43 من القانون على ان"لرئيس السلطة في حالات الضرورة التي لا تحتمل التأخير في غير ادوار انعقاد المجلس التشريعي، اصدار قرارات لها قوة القانون، ويجب عرضها على المجلس التشريعي في اول جلسة يعقدها بعد صدور هذه القرارات، والا زال ما لها من قوة القانون. اما اذا عُرضت على المجلس التشريعي على النحو السابق ولم يُقرها، زال ما يكون لها من قوة القانون". وقال بحر انه يدرك"حجم مأزق الرئيس عباس ابو مازن بسبب ذوبان الاجماع الدولي او عدم جدية الطرح الاميركي"، خصوصا بعدما كرر عباس في تصريحات اخيرة ضرورة الاعداد الجيد للاجتماع الاقليمي في الخريف المقبل، اذ بدا انه غير متفائل بتحقيق نتائج تذكر من ورائه. واضاف ان مراسيم الرئيس التي اصدرها خلال الفترة الاخيرة التي تلت سيطرة"حماس"على قطاع غزة في 14 حزيران يونيو الماضي"لم تأت الا للتغطية على فشل الكيان الصهيوني واعوانه"، مشدداً على ان"رئاسة المجلس ستتصدى لهذا الانتهاكات"وخرق الدستور"في شكل فاضح". واتهم عباس بأنه يهدف من وراء اصدار هذا المرسوم الى أنه يقوم"بمحاولة مكشوفة لعرقلة الانتخابات الرئاسية المقبلة مطلع 2009 بهدف البقاء في الحكم للأبد". من جانبها، انتقدت"حماس"بشدة القانون لاسباب عدة، منها ان القانون الاساسي يحصر صلاحيات التشريع بالمجلس التشريعي فقط، فضلاً عن ان الحركة ليست عضواً في منظمة التحرير، علاوة على اعترافه بالاحتلال. وقال ان"المنظمة لا تزال تستثني اكثر من نصف الشعب الفلسطيني"، متهماً عباس بعدم التزام اعلان القاهرة الذي ينص كما القانون الاساسي على تنظيم الانتخابات التشريعية لاختيار اعضاء المجلس ال 132 مناصفة بين نظام التمثيل النسبي القوائم الانتخابية والدوائر. والتزم معظم فصائل منظمة التحرير الصمت ازاء القرار، فيما رحب البعض بالتعديلات على قانون الانتخابات التي تمنح الفصائل الصغيرة التي لم تتمكن من اجتياز نسبة الحسم في الانتخابات التشريعية السابقة، الفرصة في الدخول تحت قبة البرلمان. ولم يصدر عن حركة"الجهاد الاسلامي"التي ترفض المشاركة عادة في الانتخابات التشريعية او الرئاسية او أي من"افرازات"اتفاق اوسلو، أي ترحيب او رفض للمرسوم الذي لا يعنيها لا من قريب او من بعيد. لكن"الجبهة الشعبية"عبرت عن تحفظها على المرسوم، على رغم ترحيبها بضرورة تنظيم الانتخابات وفقاً للقوائم النسبية والغاء نظام الدوائر. وقال ناطق باسم الجبهة في بيان امس انها كانت ولا تزال"تدعو الى اقرار مبدأ التمثيل النسبي كنظام للانتخابات الفلسطينية"، لكنه شدد على ان"التوافق الوطني لاجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية ضرورة موضوعية ووطنية في آن"، داعياً"الجميع، خصوصاً الرئيس ابو مازن، الى تجنب كل ما من شأنه ان يزيد الازمة الراهنة ويعمقها". واشار الى ان"الجبهة وفي وقت تؤكد تمسكها بالمنظمة كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني، فانها ترى ان يحفظ حق الجميع في ان يقدم نفسه للناخبين وفقاً لما يمثل وما يعتقد، وان يطرح برنامجه الانتخابي وفقاً لرؤيته وبرنامجه الخاص حتى تشكل الانتخابات ونتائجها تعبيراً حقيقياً عن البرامج والقناعات الفعلية لاصحابها من القوى والاشخاص على السواء".