يسير وزير الدفاع الإسرائيلي الحالي ايهود باراك في درب أسلافه بحثاً عن تحايلات جديدة ل "تبييض" عشرات البؤر الاستيطانية في أنحاء الضفة الغربية التي اعتبرها تقرير رسمي أعدته مسؤولة سابقة في النيابة العامة"غير قانونية"لأنها لم تحصل على ترخيص حكومي رسمي، فيما التزم رئيس الحكومة السابق ارييل شارون ازالتها في رسالة خطية للإدارة الأميركية قبل أكثر من عامين، إلا ان السلطات الإسرائيلية لم تفكك سوى واحدة فقط. وعادت قضية"البؤر العشوائية"إلى الواجهة أمس مع التئام"اللجنة الوزارية الخاصة لشؤون البؤر الاستيطانية غير القانونية"للبحث في وضع معايير البناء في المستوطنات في الضفة، وسط أنباء عن اتصالات يجريها أحد مستشاري باراك مع"مجلس المستوطنات"لإبرام صفقة تقضي بإزالة بعض البؤر في مقابل شرعنة غالبيتها ضمن اعتبارها جزءا من المستوطنات القائمة ولقاء تمكين المستوطنين من توسيع نشاطهم الاستيطاني في المستوطنات الكبرى. وكان شارون كلف قبل ثلاثة أعوام المحامية طاليا ساسون من النيابة العامة إجراء مسح للبؤر العشوائية، فأحصت هذه أكثر من مئة واعتبرت 89 منها غير شرعية"أي أنها أقيمت من دون إذن حكومي رسمي"، ودعت إلى إزالتها لتأكيد احترام القانون. وشكل شارون لجنة وزارية لدرس تقرير ساسون، إلا أنها لم تلتئم سوى مرتين من دون أن تبت في التقرير. صلاحيات اللجنة وقال رئيس اللجنة الحالي النائب الأول لرئيس الحكومة حاييم رامون أمس ان ليست للجنة صلاحيات للبت في تفكيك البؤر من عدمه، إنما هي مخولة فقط وضع معايير للبناء المستقبلي في المستوطنات القائمة. وأضاف ان رئيس الحكومة ووزير الدفاع ورئيس هيئة أركان الجيش هم المخولون وضع جدول زمني لتفكيك البؤر غير القانونية، مضيفا أن لا حاجة لينتظر وزير الدفاع انتهاء عمل اللجنة الوزارية المتوقع بعد ثلاثة أشهر. وأكدت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني أقوال رامون وعارضت موقف زميلها وزير الشؤون الاستراتيجية أفيغدور ليبرمان القائل إن اللجنة هي صاحبة القول الفصل في مستقبل البؤر التي اعتبرها قانونية. وقال عضو اللجنة وزير الأمن الداخلي آفي ديختر إن اللجنة الوزارية ليست مخولة صلاحية اتخاذ قرارات عملية بإخلاء النقاط الاستيطانية،"ولذا فإن قضية الإخلاء ليست مطروحة على جدول جلسات أعمال اللجنة"التي قال انها ستحدد التعريف القانوني للنقاط الاستيطانية العشوائية والبناء اليهودي غير المرخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة"بينما قرار تفكيك البؤر بيد الجهات السياسية المختصة". من جهته، قال ليبرمان، وهو نفسه مستوطن على أراضي بيت لحم الفلسطينية، انه لا توجد مستوطنات غير قانونية"بل جميعها شرعية"بداعي أنها أقيمت تحت بصر الجيش الإسرائيلي،"ولا فرق بين مصادقة حكومية رسمية وغض الطرف عن إقامتها". وكان رامون توصل قبل استقالته العام الماضي من وزارة القضاء إلى تفاهمات مع قادة المستوطنين تقضي بمنح الصبغة الشرعية لأكثر من 30 بؤرة استيطانية. وشهد عهد وزير الدفاع السابق شاؤول موفاز"تبييض"العشرات من البؤر المقامة على أراض فلسطينية، خصوصا من خلال ربطها بالمستوطنات المقامة منذ عشرات السنين التي تعتبرها إسرائيل شرعية وتطالب بضمها إلى تخومها في إطار أي اتفاق تسوية دائمة. وبحسب التقارير الصحافية، فإن أوساط بارك تحاول التوصل إلى اتفاق مع قادة المستوطنين يقضي بمنح الشرعية لغالبية البؤر وتفكيك ما يتبقى من بؤر ليس ممكناً الدفاع قانونياً أمام المحكمة العليا عن شرعيتها. وترى هذه الأوساط ان عدد البؤر التي يجب فحص إمكان شرعنتها لا يتجاوز 26 فقط يرتع فيها 1200 مستوطن. ووفقاً لتقارير صحافية أخرى، فإن بارك يحاول إقناع مجلس المستوطنات بمقايضة إخلاء بعض البؤر بالسماح له بتوسيع الاستيطان في المستوطنات"القانونية"، رغم ان"خريطة الطريق"الدولية تقضي بوقف النشاط الاستيطاني. ويأتي البحث المجدد في قضية البؤر عشية نظر المحكمة العليا الأسبوع المقبل، في طلب حركة"السلام الآن"اليسارية تفكيك إحدى هذه البؤر، ما سيمهد لفتح ملف سائر البؤر. وتخشى وزارة الدفاع أن تستجيب المحكمة للطلب، ما ينذر بمواجهات بين الجيش والمستوطنين على غرار ما حصل عند إخلاء بؤرة"عمونا"بقرار من المحكمة مطلع العام الماضي. مبادئ التفاوض من جهتها، ذكرت"هآرتس"ان باراك أعطى تعليماته لمستشاره باعتماد ثلاثة مبادئ في التفاوض مع مجلس المستوطنات: عدم نقل أي بؤرة سيتم تفكيكها إلى موقع استيطاني آخر، وعدم السماح بإقامة بؤر جديدة غير قانونية، والسماح بتوسيع النشاط الاستيطاني في المستوطنات القائمة. وكانت"السلام الآن"كشفت أخيراً توظيف الحكومة أكثر من 70 مليون دولار في شق شوارع وطرق في نحو 52 مستوطنة في الضفة. ورداً على استئناف البحث في مصير البؤر، أعلنت جمعيات استيطانية نيتها إقامة خمس بؤر جديدة في أنحاء الضفة خلال عيد العرش اليهودي أواخر الشهر الجاري.