ألقت محكمة الخمير الحمر التي ترعاها الأممالمتحدة القبض على نيون شيا، القيادي الثاني في الخمير الحمر، بتهمة ارتكاب جرائم ضد الإنسانية. وعملية التوقيف هذه هي الثانية بعد القبض على دوش، رئيس سجن"أس 21"المشين بتيول سلانغ. وقد توحي عمليتا التوقيف هاتان ان العدالة تبسط جناحيها على كمبوديا، وان محاكمة مرتكبي افظع عمليات ابادة بالقرن العشرين، وهي أودت بحياة أكثر من مليون كمبودي بين 1975 و1979، بدأت. ولكن، عمليات التوقيف هذه تتستر على فضيحة فساد جديدة في الاممالمتحدة. وهذا الفساد قد يطيح مشروعية المحاكمة كلها. بعد عقد من المفاوضات المتوترة والصعبة بين الاممالمتحدة والحكومة الكمبودية، ابرم اتفاق"هجين"ينص على الاحتكام الى القانون الدولي والقانون الكمبودي، وعلى تعيين قضاة دوليين وكمبوديين. وعلى خلاف محكمتي تيمور الشرقية وسيراليون، منحت الاممالمتحدة القضاة الكمبوديين صلاحيات كبيرة تخولهم اصدار القرارات، والبت في التهم والأحكام. وفساد النظام القضائي الكمبودي معروف. والقضاة الكمبوديون ملزمون النزول على"تمنيات"رؤسائهم السياسيين. ولم تخالف الحكومة الكمبودية التوقعات. فهي انتهكت قانون المحكمة الداخلي في آب اغسطس الماضي، وعينت قاضي التحقيق المشترك، يو بنلغ، رئيساً لمحكمة الاستئناف. وأُقصي قاض كمبودي تعاون مع قاضي تحقيق فرنسي من منصبه، وعيّن محله قاض مقرب من رئيس الوزراء، هن سين، ومن الحزب الحاكم. وعجزت المحكمة الكمبودية عن توضيح سبل انفاق مساعدات صندوق برنامج التنمية في الاممالمتحدة، وبلغت قيمة هذه المساعدات 13،3 مليون دولار في الاعوام الثلاثة الماضية. ويشتبه في ان هذه الاموال هدرت على رشاوى سياسيين. فثمة أخبار عن دفع الموظفين جزءاً من رواتبهم للمسؤولين عنهم. وهذه الرشاوى هي ثمن احتفاظهم بمناصبهم. ورفض برنامج التنمية في الاممالمتحدة نشر نتائج تدقيق حسابات المحكمة المالية للوقوف على سياسات التوظيف المتبعة. وخلص هذا التقرير الى ان المسؤولين الكمبوديين لم يراعوا معايير الكفاءة المهنية العلمية في توظيف القضاة والمحققين. والحق ان اجازة مؤسسة من مؤسسات الأممالمتحدة للحكومة الكمبودية التدخل في عملية المحاكمة والتستر على الفساد، تبعث على القلق. وعلى برنامج التنمية التابع للامم المتحدة نشر تقرير تدقيق الحسابات المالية. وفي حال لم ينشر هذا التقرير، ولم يفضح الفساد، انتظر الشعب الكمبودي العدالة 30 عاماً سدى. عن جون أز هال، "ويل ستريت جورنال" الاميركية، 21/9/2007