يظهر حرص "منظمة الدول المنتجة للنفط" أوبك على تزويد السوق العالمي بما يحتاجه، نية الدول المنتجة، وفي طليعتها المنتج الأكبر المملكة العربية السعودية، في المساهمة في عدم تحمل مسؤولية أي ركود أو تراجع كبير في الاقتصاد العالمي. وكثيراً ما يتهم الغرب، خصوصاً المسؤولين في وكالة الطاقة الدولية، دول"أوبك"بعدم التعاون لتلبية الطلب، في حين أن المنظمة كانت حريصة باستمرار على حماية الأسواق النفطية والاقتصاد العالمي واستقرارهما. وعلى رغم الانخفاض الكبير في سعر الدولار، الذي يخفض عملياً السعر الفعلي للنفط، أرادت الدول النفطية العشر اعطاء إشارة للعالم على حرصها على حماية الاقتصاد العالمي. ولا شك أن الأزمة التي هزت الأسواق المالية الأميركية، غير مرتبطة بأسعار النفط، فالأوساط الأميركية تبررها بالقروض الضخمة التي مولت القطاع العقاري الأميركي. والبعض يتوقع حدوث أزمة مماثلة في أوروبا. والواقع أن ارتفاع سعر النفط مرتبط بالمضاربات والأحداث السياسية في منطقة الشرق الأوسط، وفي مناطق نفطية مثل نيجيريا وأميركا اللاتينية. كما ان هذا الارتفاع يفيد الدول المنتجة التي تستخدم هذه الموارد للتخطيط لتطورها، على رغم أن البعض يكرس هذه الموارد لأهداف بعيدة كل البعد عن مصالح شعوبه، وهذا خصوصاً في ما يتعلق بإيران وفنزويلا. وقرار"أوبك"ضخ كميات نفطية إضافية في الأسواق يندرج في هذا الإطار، خصوصاً أن وزراء الدول الأعضاء في المنظمة يدركون هشاشة وضع العرض العالمي لأسباب عدة من بينها الأعمال الإرهابية، مثلما حدث في المكسيك حيث تم تفجير أنبوب كبير للنفط، او الاوضاع الامنية التي تحول دون تمكن العراق من تطوير قطاعه النفطي. فالعراق، الذي يملك ثاني أكبر احتياطي نفطي في"أوبك"، لم يستطع منذ الاحتلال الأميركي زيادة انتاجه وتجاوز مستوى مليونين و100 الف برميل في اليوم، ما يظهر فشل الاحتلال في انهاض القطاع النفطي العراقي. أما إيران وبسبب سياستها المبنية على التحدي والشعارات العدائية، فإنها أهدرت عائداتها النفطية بتمويلها لجبهات الرفض في لبنانوالعراق والأراضي الفلسطينية. وعلى رغم انها حققت في السنة الماضية عائدات بقيمة 50 بليون دولار، فإنها تشهد غياباً تاماً للاستثمارات الأجنبية لتحسين قطاعها النفطي وحقولها التي باتت في طور النضوب. وكان مساعد وزير الخزانة الأميركي اجتمع في واشنطن مع كبار مسؤولي شركات"شيل"و"توتال"و"بي بي"وطلب منهم عدم الاستثمار في إيران. ويترافق ذلك مع أوضاع سياسية هشة في دول منتجة اخرى مثل الجزائر حيث نفذ تنظيم"القاعدة"أخيراً عمليات أسقطت أبرياء وحملت العالم على التخوف. وهناك دول نفطية مهمة مثل الإمارات العربية المتحدة، التي تقوم، كأي بلد آخر، بصيانة منشآتها وقد تخفض انتاجها خلال فترة الصيانة، لكنها تبلغ زبائنها كذلك وتزودهم إما مسبقاً أو مستقبلياً بالكميات التي توقفت بسبب الصيانة. وعلى سبيل المثال، فإن أبوظبي ستقوم بعمليات صيانة في شهري تشرين الأول اكتوبر وتشرين الثاني نوفمبر، ما سيؤدي إلى نقص موقت لن يكون له تأثير على تزويد زبائنها بحوالي 600 ألف برميل في اليوم. وعلى عكس ما تقوله"وكالة الطاقة الدولية"، فإن"أوبك"تبدي جهوداً وتعاوناً للتصدي لأزمات اقتصادية حتى عندما تتخوف من انخفاض في الأسعار، مثلما حدث بعد مؤتمر جاكرتا، قبل حوالي 10 سنوات، حيث عملت المنظمة على زيادة انتاجها، فتلا ذلك الانهيار الاقتصادي في دول آسيا الذي دفع أسعار النفط إلى التدهور. إلا أنه في ذلك الوقت كان سعر برميل النفط حوالي 18 دولاراً، في حين أنه يفوق الآن 70 دولاراً، وهناك نمو متوقع على الطلب في آسيا. ولدى دول"أوبك"، وتحديداً السعودية باعتبارها المنتج الأكبر فيها، القدرة على أن تضخ في الأسواق كميات اضافية من النفط، لأن لديها قدرة زائدة تبلغ مليون ونصف مليون برميل في اليوم، وهي تدرك أن مسؤوليتها كبيرة في حماية الاستقرار العالمي.