أصبحت قضية انسحاب القوات البريطانية من جنوبالعراق من أهم المواضيع، التي تشغل وسائل الإعلام البريطانية، مع تحذيرات أميركية من عواقب الخروج البريطاني السريع او"الهرولة". في الوقت نفسه بعث زعيم حزب الأحرار الديموقراطيين المعارض سير مينزيس كامبل رسالة الى رئيس الوزراء البريطاني غوردون براون يحضه فيها على ضرورة سحب القوات والتركيز في الفترة المقبلة على تحقيق الاستقرار في افغانستان. وكانت وتيرة المطالبات بالانسحاب بدأت بعدما شدد اثنان من كبار القادة البريطانيين على أن القوات االملكية بذلت كل ما يمكنها في العراق وأنه"ليس بوسعها أن تفعل ما هو أكثر من ذلك". وتقول بعض الصحف البريطانية ان القوات"شرعت فعلاً في الانسحاب وأنها بدأت تتمركز في القاعدة الجوية في البصرة". وكان براون أعلن أنه سيدلي ببيان أمام مجلس العموم في تشرين الأول اكتوبر المقبل يحدد فيه الخطوات المقبلة الخاصة بانسحاب القوات من العراق البالغ عددها 5 آلاف جندي تقريباً. وكان خبراء ومسؤولون عسكريون أميركيون هاجموا بصراحة خطة الانسحاب البريطانية وحذروا من أنها تتعرض للمزيد من الهجمات وأنها أخفقت في تحقيق هدفها. في الوقت نفسه، أوضح الزعيم الشيعي الشاب مقتدى الصدر أن البريطانيين ينسحبون وأنهم يدركون أنهم سيرحلون من العراق قريباً. وقال الصدر لصحيفة"ذي اندبندانت"البريطانية ان البريطانيين"أصبحوا يدركون أنه لا ينبغي عليهم أن يقاتلوا في هذه الحرب التي ليس بوسعهم تحقيق النصر فيها". واضاف"أن الهزيمة لحقت فعلاً بالجيش البريطاني في العراق وليس أمامه من خيار سوى الانسحاب والتقهقر بعيداً بعد ارتفاع عدد ضحاياه. وزعم أن القوات البريطانية"تتقهقر نتيجة للمقاومة"التي واجهتها وأنه لولا ذلك لكانت استمرت في العراق مدة أطول. وأشار الى أن جيش المهدي، الذي يتزعمه، لعب دوراً كبيراً في هذا الشأن. وقال الصدر"ان تورط بريطانيا في حرب العراق جعل المملكة المتحدة مكاناً لا يتوافر الأمن الكافي للإقامة فيها". ومن ناحية أخرى، رأى الصدر أن البصرة ستصبح مكاناً يتوافر فيه الأمن عندما ينسحب الجيش البريطاني منها، لكنه اشار الى محاولات بعض الدول التأثير في الموقف العراقي. وبعث الصدر بتحية خاصة للعراقيين من الطائفة السنية الذين بدأوا بالقتال ضد تنظيم"القاعدة"في الرمادي والذين يسجلون أسماءهم في"مآثر التاريخ". وكان مسؤولون أميركيون كبار ذكروا صراحة انه سيتعين على الجيش البريطاني أن يقاتل وهو ينسحب من العراق في عملية تتسم بالقبح والإحراج. ويخشى مسؤولون أميركيون من أن انسحاب بريطانيا من جنوبالعراق على نحو السرعة سيترك هذه المنطقة عرضة لأن تصبح خاضعة لسيطرة الميليشيات الشيعية التي تسيطر أيضاً بالفعل على الثروة النفطية الكبيرة هناك. بدورها قالت صحيفة"ذي دايلي تلغراف"البريطانية ان القوات الملكية تعرضت في الشهور الماضية لنحو 450 هجمة صاروخية وجهت الى القاعدة الجوية في البصرة. واصبح أربعة آلاف من الجنود وآلاف من المدنيين العاملين في القاعدة أكثر قلقاً إزاء التصعيد في هذه الهجمات. واضافت الصحيفة إن"المتمردين يستخدمون برج المراقبة في القاعدة الجوية كمركز لتسديد أهدافهم ولذلك يمكن مشاهدتهم من على مسافة أميال عدة في الصحراء". وتزامن ذلك مع ارتفاع عدد ضحايا القوات البريطانية نتيجة للهجمات العراقية، حيث أصيب نحو 411 جندياً بجراح في الشهور الثلاثة المنتهية في تموز يوليو الماضي.