لا شك في ان وقف الجمهورية الشعبية الديموقراطية الكورية العمل في المفاعلات النووية، وقبولها رقابة وكالة الطاقة الذرية الدولية على أنشطتها النووية هو دليل على انفراج الأزمة الكورية الشمالية. وقد ترسي المفاوضات المتعددة أسس الحوار بشرق آسيا. فهذه البقعة من العالم والجزيرة الكورية جزء منها، لا تزال أسيرة الحرب الباردة، منذ وقف إطلاق النار في 1953 الى يومنا هذا. والأزمة الكورية الشمالية النووية اندلعت بسبب توسل أطراف النزاع العقائد الأيديولوجية عوض انتهاج الواقعية السياسية. ولا ريب في ان الوضع الجغرافي السياسي بشرق آسيا أسهم في نشوء الأزمة. فثمة علاقات وثيقة بين الكوريتين الجنوبية والشمالية من جهة، وبين الصينوكوريا الشمالية، من جهة أخرى. وشرط بقاء النظام الكوري الشمالي هو مساعدة الصينوكوريا الجنوبية له. وهذان البلدان حريصان على تفادي زعزعة هذا النظام. فانهيار السلطة الحاكمة في بيونغ يانغ قد يفضي الى نزاع في شبه الجزيرة الكورية. وهذا يضطر الصينوكوريا الجنوبية الى استقبال موجات اللاجئين. والى اليوم، عرقل الوضع الجغرافي - السياسي، ومصالح الاطراف المعنية، مسار السياسة الاحادية الاميركية. وفشلت الديبلوماسية الاميركية في معالجة الأزمة النووية الكورية، ولم تنجح في حصرها وتجميدها، ولا في الحؤول دون حيازة بيونغ ينغ سلاحاً نووياً، وتطويرها الصواريخ الباليستية. وعلى رغم الطعن في قدراتها النووية، يخشى المراقبون نشر كوريا الشمالية التكنولوجيا النووية في الخارج، وحذو دول أخرى حذو بيونغ يانغ النووي. ولا ريب في ان فشل الديبلوماسية الأميركية ذريع. فاتهام واشنطن بيونغ يانغ بتخصيب اليورانيوم أفضى الى رفع قيد وكالة الطاقة الدولية الذرية عن المفاعلات النووية الكورية الشمالية، والى تيسير إنتاج بيونغ يانغ البلوتونيوم. وبحسب يانغ سانغ شول، سفير كوريا الجنوبيةبالولاياتالمتحدة، على واشنطن الاقرار بمسؤوليتها عن تدهور الأزمة الكورية الشمالية. وقوّض هذا الفشل دور الولاياتالمتحدة في حل الأزمات، وأضعف صدقيتها في شرق آسيا. وترى الصين ان مفاوضات الدول الستة، روسياوالصين والكوريتين الجنوبية والشمالية وواشنطن واليابان، هي أول مبادرة ديبلوماسية إقليمية بعد انتهاء الحرب الباردة. وهي تسعى الى لعب دور أساسي في مفاوضات تتناول بلداناً تقع على قاب قوسين منها. وعلى الأوروبيين إعادة النظر في سياسة مجاراة واشنطن في أزمة كان تفاديها في متناولهم. فحيازة كوريا التكنولوجيا النووية هي أمر ثانوي لا يعدل الوضع القائم في شبه الجزيرة الكورية منذ نصف قرن. عن فيليب بونس، "لوموند" الفرنسية، 20/7/2007