مجلس الذهب العالمي: الأسعار تستمر بتسجيل مستويات قياسية في 2025    «ليب 25»: 14.9 مليار دولار استثمارات للذكاء الاصطناعي في السعودية    محلل سياسي ل"عكاظ": السعودية.. تعالج المواقف بحكمة وروية وتعقل وعدالة    سلطنة عُمان تُعرب عن رفضها للتصريحات الإسرائيلية بحق المملكة    تحذيرات من تأثير الذكاء الاصطناعي على جودة أعمال الموظفين    أمير الشرقية يدشن مبادرة "شاطئ الزبنة"    أمير الرياض يرعى استعراض مخطط البنية التحتية.. غدا    شركات سعودية تستكشف الأسواق في كينيا وتنزانيا ورواندا    أكد هروب عناصر الدعم.. الجيش السوداني يهاجم الفاشر من كل المحاور    المملكة تواجه التصريحات الإسرائيلية بحزم وتحظى بدعم عربي واسع    مدرسة بنات في وادي الدواسر تُشرك أولياء الأمور في الاحتفال ب "يوم التأسيس"    معرض "آرت نهيل" يواصل فعالياته بحزمة من البرامج الحِرفية والفنون التشكيلية    وكيل إمارة الشرقية يفتتح المؤتمر الدولي الثامن للجمعية السعودية لطب وجراحة السمنة    أربعة ملايين متر مربع.. نادي الفروسية بالدمام يدخل حيز التنفيذ    جيسوس يعترف: نيمار غادر الهلال حزينًا.. أعلن أنني أغضبته!    العين على «إشبيلية».. هل يعود «برشلونة» للمنافسة على لقب «الليقا»؟    مصر تستضيف قمة عربية طارئة حول تطورات القضية الفلسطينية    مركز الملك سلمان للإغاثة يوزّع 500 سلة غذائية في عدة مناطق بجمهورية بنغلاديش    بدرجتين مئويتين تحت الصفر.. طريف تسجل أقل درجة حرارة بالمملكة    تعقد بالقاهرة 27 فبراير.. مصر تستضيف قمة عربية طارئة حول فلسطين    شقيقة زوجة ماهر الأسد: نظام بشار وراء تفجير «خلية الأزمة»    مركز الملك سلمان للإغاثة يسلِّم 25 طنًّا من التمور هدية المملكة لجمهورية سيراليون    بعد المونديال.. هل تستضيف «السعودية» دورة ألعاب أولمبية؟    من أعلام جازان.. الشيخ العلامة الدكتور محمد بن هادي المدخلي    كرستيانو.. التاريخي والأسطورة الأول    "فريق ليجون 13″ يحقق لقب الفرق.. و"ميرونك" بطلًا لفردي بطولة ليف جولف الرياض 2025    «وجهات تهجير» أهل غزة ترفض مخططات تصفية القضية    وزير الحرس الوطني يستقبل سفير البوسنة    سجن محتال 45 ألف سنة بسبب «المزرعة الوهمية»    ثعابين سامة تهاجم مدينة أسترالية    اختتم زيارته إلى الهند.. وزير الصناعة: الرؤية السعودية هيأت فرصاً واعدة للشراكات العالمية    4 برامج في ثلاث جامعات عالمية لتطوير كفاءات قطاع السياحة    دنيا سمير غانم "عايشة الدور" في رمضان    علي خضران.. فقيد الأدب والتربية الراحل    رسالة تهدئة من واشنطن للقاهرة.. ومراقبون: «بيان الفجر» يدفع ترمب للتراجع عن تهجير الفلسطينيين    الحجاج في القرآن    في الجولة 19 من دوري روشن.. الهلال يتعادل مع ضمك.. ويهدي الاتحاد الصدارة    «الغذاء والدواء» : لا صحة لتسبُّب الزنجبيل في الجلطات    "المرض الحلو" يتصدر أعمال مؤتمر الغدد    3 مستشفيات سعودية ضمن أفضل 250 مستشفى في العالم    آل بامخير يستقبلون المواسين في فقيدهم    العزلة.. تهدد أمان الأطفال النفسي والاجتماعي    ضمك يعادل الهلال ويهدي الصدارة للاتحاد    يوم التأسيس.. يوم فريد وحدث تليد    التراث الثقافي والهوية    استدامة بيئية    وصفة إلكترونية للأدوية المخدرة والمؤثرات العقلية    الحكمة.. عقل يفهم العواطف    الحرس الملكي يحتفل بتخريج دورات الأمن والحماية واختتام الدوري الرياضي    ماذا في جعبة وزارة التعليم ؟    التسليم على الرغبات المتوحشة    مفتي المملكة ونائبه يتسلمان تقرير نشاط العلاقات العامة والإعلام    محمية تركي بن عبدالله تعقد لقاءً تعريفيًا مع المجتمع    أمانة المدينة تدشن تقاطع الأمير عبدالمجيد مع سعد بن خيثمة    انعقاد «الملتقى القرآني» لمديري وأئمة الشؤون الدينية بمكة المكرمة    مفوض الإفتاء موجهًا رؤساء الجمعيات اللحمة الوطنية من القيم الأساسية التي تعزز من تماسك المجتمع    خادم الحرمين وولي العهد يُعزيان ملك السويد في ضحايا حادثة إطلاق نار بمدرسة    إطلاق برنامج التعداد الشتوي للطيور المائية في محمية جزر فرسان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر إقتصادية - الدولار الأميركي ينتصر ضعيفا
نشر في الحياة يوم 30 - 07 - 2007

تواجهُ الولاياتُ المتحدة، بقطبيةٍ أحادية، لتحقق السيطرة على معظم مقوّمات الاقتصادي العالمي. هي تقودُ مواجهاتها مرّةً بالاجتياح والاحتلال العسكري، كما في العراق، ومرّةً بفرض العقوبات العسكرية على دولٍ ليستْ حليفة لها، وفي حالاتٍ كثيرةٍ تواجه بالأدوات الاقتصادية المباشرة، سواء بمخالفتها أو رفضها لأحكام منظمة التجارة العالمية واتفاق كيوتو، أو بتأثيرها في أسعار النفط وأسواق المال وتغيير قيمة عملتها الخضراء. وليس غريبًا أن يتدهور سعرُ الدولار أمام العملات الرئيسة بنسبٍ مقلقة، ولا تتدخل السلطاتُ النقدية ، برفع الفائدة ، وهي ارتفعت منذ أعوامٍ تدريجًا، أو بامتصاص السيولة من الأسواق بالاكتتاب الداخلي في سندات الخزانة الأميركية.
بين عامي 2004 و2005، تباطأ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة بعض الشيء، وتراجع من معدّل 4.2 إلى 3.5 في المئة، لقاء معدّل نموٍّ سنوي 3.1 في المئة بين 1995 و2005، أعلى من المعدّل الذي حققه الاتحاد الأوروبي، في الفترة ذاتها، وهو 2 في المئة. الظاهرة حملت دول"منظمة التعاون والنمو الاقتصادي"أن تعتبر الاقتصاد الأميركي مدهشًا، وتصفه بالمتين والصلب. لكنّ الإحصاءات الصادرة عنها، أشارت إلى تقاربٍ في نصيب الفرد من الناتج المحلي القائم، في الكتلتين الاقتصاديتين، إذا احتسبَ بملاءة القدرة الشرائية، أي ما يخوّل صاحبه شراء سلّةٍ من السلع ذاتها، في كلٍّ منهما.
ظاهرة انتعاش الاقتصاد الأميركي، تثيرُ تساؤلات المحلّلين، لا سيّما بعد النمو إلى 5.3 في المئة المحقّق في الفصل الأول من 2006، وإلى 4.3 في الفصل الثاني من 2007. وعزوه إلى ضعف قيمة الدولار، الذي نجح في أن يُخفّضَ العجزَ التجاري بشكلٍ خجول، بعد أن فقد 27 في المئة من قيمته بين 2002 و2006، و يتوقع خفضه من 5 إلى10 في المئة لغاية 2010.
صحيح أن قيمة الدولار عرفت تموّجاتٍ كبيرة ومتعاكسة، فهو تدهور بشكلٍ خطير جدّا في 1973 ، أمام العملات الأوروبية والين الياباني التي كانت تخلّت عن نظام الصرف الثابت باستثناء بريطانيا. ورغم أن حكومة الرئيس رونالد ريغن، دعمت الدولار بفائدة مثالية تجاوزت 30 في المئة في 1982، إلا أن اتفاق بلازا في نيويورك خريف 1985، تضمن في أحد بنوده خفضًا لقيمة الدولار بلغ في العام التالي 40 في المئة، وسبب مشاكل للأوروبيين أنفسهم.
يندرج هذا الانخفاض المستمر، ضمن فرضية أن"دولارًا ضعيفًا هو أقوى اقتصاديًا". فمسؤولو الإدارة الأميركية يتركون للسوق أن تحدّد قيمته، ويعتبرون التدخل، يناقض التوجه بشأن رعاية نظام السوق الحر على المستوى العالمي. وأن الدولار الضعيف يوفّر زخمًا قويًّا للصادرات الأميركية. وأن إدارة الرئيس جورج بوش غير قلقة من تداعيات انخفاضه بعكس هواجس الشركاء الاقتصاديين.
وترجمةً للواقع، أنعش الدولار الضعيف الصادرات الأميركية. فبعد ثباتها على 100 بليون دولار في الشهر منذ 2004، ارتفعت إلى 117 بليونًا في كانون الثاني يناير 2006، وتراجعت الواردات من 183 بليونًا إلى 178 بليونًا. لكن الإدارة الأميركية تهدف، من ضعف عملتها، إلى أبعد من تحسين الميزان التجاري، إنها تصوّب إلى الاقتصاد الآسيوي، تتقدمه الصين، على صعيدي سندات الخزينة الأميركية والميزان التجاري، وثمّ فائض عائدات النفط.
وسط كثرة المحلّلين الاقتصاديين، برزت، في 2005، ظاهرة ارتسمت بعودة رؤوس الأموال الخاصّة الأجنبية، لشراء السندات الأميركية، بعد مرحلةٍ حرجة قلّصت خلالها، المصارف المركزية في الصين واليابان وتايوان، نصيبها بهذه السندات. وبما أن الأميركيين ينفقون أكثر مما ينتجون، فإن الفجوة بين الإنفاق والإنتاج، لا تتوقف عن الاتساع منذ 15 سنة. هي ارتفعت من 5.7 في المئة من الناتج المحلي في 2004 إلى 6.4 في 2005 و7.2 في 2006. والعجز المتنامي بين الاثنين، تعوّّضه رؤوس الأموال الأجنبية العامة والخاصّة، التي تشتري سندات الخزانة وأسهم المؤسسات الأميركية. لكنَّ عوامل رمت بظلها على استمرار حركة رؤوس الأموال المباشرة إلى الولايات المتحدة، منها الاعتقاد شبه الأكيد، بأن الخلل الأميركي لا يمكن احتماله، وأن تصحيحه يوجب خفض سعر الدولار، مما يسبب خسارة كبيرة لحاملي سندات الخزانة والأسهم الأمريكية. ولتعزيز جذب الاستثمارات أظهر المسؤولون مرونةً حيوية تسمح لرؤوس أموال من الصين أولا ومن الشرق الأوسط ثانيًا أن تراقب مؤسسات أميركية، بتمويلٍ يتوفّر من الاحتياط الضخم بالعملات الأجنبية، ومعظمه بالدولار، لدى المصارف المركزية. فالصين، تتمتع بأكبر احتياط بالعملات الصعبة، ارتفع من 818.9 بليون دولار في 2005 إلى 875.1 بليونًا في 2006، متجاوزًا، للمرة الأولى، احتياط اليابان 852.03 بليون دولار. ويزداد الاحتياط 17 بليون دولار شهريًا، ويشكل 13.5 ضعفًا احتياط الولايات المتحدة نفسها.
هذا الخلل المالي يعكس فداحة العجز التجاري الثنائي بين واشنطن وبكين ، المقدر ب201 بليون دولار إجمالي العجز الأميركي 800 بليونًا، في السنة. ويزيده أكثر، خلاف أميركي صيني حول قيمة العملة الصينية تجاه الدولار، ومطلوب خفضها. هذان العملاقان تقودهما مصالحهما الجيواقتصادية، إلى المواجهة بحدّةٍ أكبر. الحجم الهائل للاحتياط النقدي الصيني يخدم في تمويل عجز الموازنة الأميركية. الصين تكتتب بكثافة في سندات الخزينة ل 5 وعشر و15 سنة، لذا تخضع السياسة العامة الأميركية وقيمة الدولار أيضًا، إلى استراتيجية استثمار أموال العملاقين الأسيويين الصين واليابان. فديون أميركا تمثل 64.7 في المئة من ناتجها المحلي، وتبلغ 8200 بليون دولار، أكثر من نصفها لحاجات الإدارة بين الولايات، والجزء المتبقي هو دين عام، يُغطّى بسندات خزينة، 44 في المئة منها يملكها أجانب، وحصّة المركزي الياباني 20 في المئة .
أما على صعيد النفط، فالعائدات النفطية، لا سيّما في الشرق الأوسط، صارت كبيرة. وبما أن الولايات المتحدة هي المستهلك الأكبر، فإن حصتها من العائدات تأتي في المقدمة. لذا تجد ان خفض قيمة الدولار، يحوّل هذا الفائض إلى الأسواق الأميركية، خصوصًا أن العائد المالي مرتفع.
وتبقى مسألة الدول التي تربط عملتها بالدولار، هذه في الغالب من الدول النامية، أي أنها تستورد اكثر مما تُنتج، ويقع عليها عبء الخسارة. اما الدول المصدّرة للنفط، فهي أوفر كسبًا من غيرها، علمًا أن مكسبها هو تضخمي. فسعر برميل النفط حاليًا، يوازي سعره الثابت قبل ثلاثة عقود، بعد تجريده من عوامل التضخم والمؤثرات الخارجية، بحسب ما أكدّه رئيس منظمة أوبك الوزير الإماراتي محمد الهاملي. في لبنان قيمة الناتج المحلي لم تتجاوز، بالسعر الثابت، سقف ما كانت عليه في 1974.
الولايات المتحدة الأميركية تريدُ للصين عملة قويّة، وتريدها أن تكافح التلوّث الناتج عن التصنيع، هي تهدف بأي ثمنً أن تزيد تكلفة السلع المنتجة لديها. لكن أميركا نفسها تعصى الاتفاقات الدولية التجارية والمناخية، وتحارب بدولارٍ ضعيف. إنها تصدّر التضخم إلى العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.