السياسة الخارجية تغير آراء الناخبين في الانتخابات الأمريكية    سينر وألكاراز يواصلان تألقهما وينتقلان إلى نهائي "The six Kings Slam"    5 مواجهات في انطلاقة دوري الدرجة الأولى للكرة الطائرة    لصوص الأراضي.. القانون أمامكم    الدفاع المدني ينبه من استمرار هطول الأمطار الرعدية على بعض مناطق المملكة    «تحجّم».. بحذر!    اللثة.. «داعمة الأسنان» كيف نحميها؟    تركي بن طلال.. العاشق المحترف    «وقاء نجران» يشارك في مهرجان مزاد الإبل بأعمال الفحص والتقصي    عبدالرحمن يحصد ذهبية الاسكواش بالألعاب السعودية    ذاكرة الهلال لن تنساني    استيقظ يااا مانشيني    التسويق الوردي!    المساقي عليها تضحك العثّري    البريد السعودي يصدر طابعاً بريدياً عن هيئة تطوير محمية الملك سلمان بن عبدالعزيز الملكية    الابتعاث للدراسة الأكاديمية للباراسيكولوجي    مفهوم القوة عند الغرب    أبسط الخدمات    الحل في لبنان.. يبدأ من لبنان    إيطاليا: مقتل السنوار يدشّن «مرحلة جديدة»    الحضور السعودي «أوروبياً» .. لردم هوة العثرات العالمية    الأمير فيصل بن سلمان يدشّن الأعمال الكاملة للمؤرخ إبراهيم بن صالح بن عيسى    الدولار يدخل معركة الرئاسة الأمريكية    إنفاذًا لتوجيهات القيادة: تمديد فترة تخفيض سداد المخالفات المرورية    العلاقات العربيّة / الصينيّة: نحو مجتمعٍ ذي مصيرٍ مُشترَك    المملكة تعقد اجتماعًا وزاريًا للدول العربية لتعزيز جهود مواجهة الجفاف واستصلاح الأراضي    «وثيقة الإيمان في عالَم متغير».. إعلان عالمي يؤكد مركزية الدين في قيام الحضارات وازدهارها    قمة الشباب والنصر تشعل عودة دوري روشن بعد فترة التوقف    "الصحة الفلسطينية" توثّق قتل الاحتلال 6587 عائلة في قطاع غزة    وزير الثقافة يشهد توقيع هيئتي المتاحف والتراث أربعة برامج تنفيذية في الصين    الهلال ينهي تحضيراته لمواجهة الفيحاء وتأكد غياب بونو    «المواصفات السعودية» : تبني المنشآت الصناعية لمعايير الجودة يعزز قدراتها التنافسية والإنتاجية    وزير الإعلام يفتتح أكاديمية "واس" للتدريب الإخباري بالرياض    «اسبقيه بخطوة»... معرض للكشف المبكر ومكافحة سرطان الثدي    محمية الشمال للصيد.. رؤية الحاضر بعبق الماضي    «آل أبو الفرج» يتلقون التعازي في فقيدهم    الصَّوتُ بَينَ عَلامَتِهِ وَمَقَامِهِ    «حاجي» ضالة المنتخب    الأمير فيصل بن بندر يطلع على إنجازات جمعية تحفيظ القرآن الكريم بالرياض    برقية شكر للشريف على تهنئته باليوم الوطني ال94    تجمع الرياض الصحي الأول يطلق فعاليات توعوية بمناسبة "اليوم العالمي للإبصار"    الشؤون الإسلامية في جازان تنظم جولة دعوية في بيان مفهوم الأمن الفكري والحديث عن نعمة الأمن    متوفاة دماغيًا تنقذ ثلاثة مرضى في الأحساء    أمير المدينة يدشن المشاريع التعليمية الجديدة    الموارد البشرية تُضيف الاستقدام من دولة تنزانيا بسقف أعلى قدره 5700 ريال    اليوم..ظهور القمر العملاق في سماء السعودية    مغادرة الطائرة الإغاثية الخامسة ضمن الجسر الجوي السعودي الذي يسيّره مركز الملك سلمان للإغاثة لمساعدة الشعب اللبناني    الأرصاد: رياح نشطة مثيرة للأتربة والغبار في 5 مناطق    الذكاء الاصطناعي يقارع الخبرات الإنسانية    36 ألف جولات رقابية على جوامع ومساجد منطقة المدينة المنورة    ولي العهد يترأس وفد المملكة في القمة الخليجية - الأوروبية    نباح من على منابر الشيطان    السعودية إنسانية تتجلى    100 ألف ريال غرامة إنشاء مصنع للمستحضرات بلا ترخيص    أمير القصيم يرأس اجتماع "الإسكان".. ويستقبل مجلس الربيعية    نائب أمير تبوك يستقبل أعضاء جمعية الدعوة والإرشاد وتوعية الجاليا    أمين الطائف يقف على المشاريع التطويرية بالمويه وظلم    26 من الطيور المهددة بالانقراض تعتني بها محمية الملك سلمان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر إقتصادية - الدولار الأميركي ينتصر ضعيفا
نشر في الحياة يوم 30 - 07 - 2007

تواجهُ الولاياتُ المتحدة، بقطبيةٍ أحادية، لتحقق السيطرة على معظم مقوّمات الاقتصادي العالمي. هي تقودُ مواجهاتها مرّةً بالاجتياح والاحتلال العسكري، كما في العراق، ومرّةً بفرض العقوبات العسكرية على دولٍ ليستْ حليفة لها، وفي حالاتٍ كثيرةٍ تواجه بالأدوات الاقتصادية المباشرة، سواء بمخالفتها أو رفضها لأحكام منظمة التجارة العالمية واتفاق كيوتو، أو بتأثيرها في أسعار النفط وأسواق المال وتغيير قيمة عملتها الخضراء. وليس غريبًا أن يتدهور سعرُ الدولار أمام العملات الرئيسة بنسبٍ مقلقة، ولا تتدخل السلطاتُ النقدية ، برفع الفائدة ، وهي ارتفعت منذ أعوامٍ تدريجًا، أو بامتصاص السيولة من الأسواق بالاكتتاب الداخلي في سندات الخزانة الأميركية.
بين عامي 2004 و2005، تباطأ النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة بعض الشيء، وتراجع من معدّل 4.2 إلى 3.5 في المئة، لقاء معدّل نموٍّ سنوي 3.1 في المئة بين 1995 و2005، أعلى من المعدّل الذي حققه الاتحاد الأوروبي، في الفترة ذاتها، وهو 2 في المئة. الظاهرة حملت دول"منظمة التعاون والنمو الاقتصادي"أن تعتبر الاقتصاد الأميركي مدهشًا، وتصفه بالمتين والصلب. لكنّ الإحصاءات الصادرة عنها، أشارت إلى تقاربٍ في نصيب الفرد من الناتج المحلي القائم، في الكتلتين الاقتصاديتين، إذا احتسبَ بملاءة القدرة الشرائية، أي ما يخوّل صاحبه شراء سلّةٍ من السلع ذاتها، في كلٍّ منهما.
ظاهرة انتعاش الاقتصاد الأميركي، تثيرُ تساؤلات المحلّلين، لا سيّما بعد النمو إلى 5.3 في المئة المحقّق في الفصل الأول من 2006، وإلى 4.3 في الفصل الثاني من 2007. وعزوه إلى ضعف قيمة الدولار، الذي نجح في أن يُخفّضَ العجزَ التجاري بشكلٍ خجول، بعد أن فقد 27 في المئة من قيمته بين 2002 و2006، و يتوقع خفضه من 5 إلى10 في المئة لغاية 2010.
صحيح أن قيمة الدولار عرفت تموّجاتٍ كبيرة ومتعاكسة، فهو تدهور بشكلٍ خطير جدّا في 1973 ، أمام العملات الأوروبية والين الياباني التي كانت تخلّت عن نظام الصرف الثابت باستثناء بريطانيا. ورغم أن حكومة الرئيس رونالد ريغن، دعمت الدولار بفائدة مثالية تجاوزت 30 في المئة في 1982، إلا أن اتفاق بلازا في نيويورك خريف 1985، تضمن في أحد بنوده خفضًا لقيمة الدولار بلغ في العام التالي 40 في المئة، وسبب مشاكل للأوروبيين أنفسهم.
يندرج هذا الانخفاض المستمر، ضمن فرضية أن"دولارًا ضعيفًا هو أقوى اقتصاديًا". فمسؤولو الإدارة الأميركية يتركون للسوق أن تحدّد قيمته، ويعتبرون التدخل، يناقض التوجه بشأن رعاية نظام السوق الحر على المستوى العالمي. وأن الدولار الضعيف يوفّر زخمًا قويًّا للصادرات الأميركية. وأن إدارة الرئيس جورج بوش غير قلقة من تداعيات انخفاضه بعكس هواجس الشركاء الاقتصاديين.
وترجمةً للواقع، أنعش الدولار الضعيف الصادرات الأميركية. فبعد ثباتها على 100 بليون دولار في الشهر منذ 2004، ارتفعت إلى 117 بليونًا في كانون الثاني يناير 2006، وتراجعت الواردات من 183 بليونًا إلى 178 بليونًا. لكن الإدارة الأميركية تهدف، من ضعف عملتها، إلى أبعد من تحسين الميزان التجاري، إنها تصوّب إلى الاقتصاد الآسيوي، تتقدمه الصين، على صعيدي سندات الخزينة الأميركية والميزان التجاري، وثمّ فائض عائدات النفط.
وسط كثرة المحلّلين الاقتصاديين، برزت، في 2005، ظاهرة ارتسمت بعودة رؤوس الأموال الخاصّة الأجنبية، لشراء السندات الأميركية، بعد مرحلةٍ حرجة قلّصت خلالها، المصارف المركزية في الصين واليابان وتايوان، نصيبها بهذه السندات. وبما أن الأميركيين ينفقون أكثر مما ينتجون، فإن الفجوة بين الإنفاق والإنتاج، لا تتوقف عن الاتساع منذ 15 سنة. هي ارتفعت من 5.7 في المئة من الناتج المحلي في 2004 إلى 6.4 في 2005 و7.2 في 2006. والعجز المتنامي بين الاثنين، تعوّّضه رؤوس الأموال الأجنبية العامة والخاصّة، التي تشتري سندات الخزانة وأسهم المؤسسات الأميركية. لكنَّ عوامل رمت بظلها على استمرار حركة رؤوس الأموال المباشرة إلى الولايات المتحدة، منها الاعتقاد شبه الأكيد، بأن الخلل الأميركي لا يمكن احتماله، وأن تصحيحه يوجب خفض سعر الدولار، مما يسبب خسارة كبيرة لحاملي سندات الخزانة والأسهم الأمريكية. ولتعزيز جذب الاستثمارات أظهر المسؤولون مرونةً حيوية تسمح لرؤوس أموال من الصين أولا ومن الشرق الأوسط ثانيًا أن تراقب مؤسسات أميركية، بتمويلٍ يتوفّر من الاحتياط الضخم بالعملات الأجنبية، ومعظمه بالدولار، لدى المصارف المركزية. فالصين، تتمتع بأكبر احتياط بالعملات الصعبة، ارتفع من 818.9 بليون دولار في 2005 إلى 875.1 بليونًا في 2006، متجاوزًا، للمرة الأولى، احتياط اليابان 852.03 بليون دولار. ويزداد الاحتياط 17 بليون دولار شهريًا، ويشكل 13.5 ضعفًا احتياط الولايات المتحدة نفسها.
هذا الخلل المالي يعكس فداحة العجز التجاري الثنائي بين واشنطن وبكين ، المقدر ب201 بليون دولار إجمالي العجز الأميركي 800 بليونًا، في السنة. ويزيده أكثر، خلاف أميركي صيني حول قيمة العملة الصينية تجاه الدولار، ومطلوب خفضها. هذان العملاقان تقودهما مصالحهما الجيواقتصادية، إلى المواجهة بحدّةٍ أكبر. الحجم الهائل للاحتياط النقدي الصيني يخدم في تمويل عجز الموازنة الأميركية. الصين تكتتب بكثافة في سندات الخزينة ل 5 وعشر و15 سنة، لذا تخضع السياسة العامة الأميركية وقيمة الدولار أيضًا، إلى استراتيجية استثمار أموال العملاقين الأسيويين الصين واليابان. فديون أميركا تمثل 64.7 في المئة من ناتجها المحلي، وتبلغ 8200 بليون دولار، أكثر من نصفها لحاجات الإدارة بين الولايات، والجزء المتبقي هو دين عام، يُغطّى بسندات خزينة، 44 في المئة منها يملكها أجانب، وحصّة المركزي الياباني 20 في المئة .
أما على صعيد النفط، فالعائدات النفطية، لا سيّما في الشرق الأوسط، صارت كبيرة. وبما أن الولايات المتحدة هي المستهلك الأكبر، فإن حصتها من العائدات تأتي في المقدمة. لذا تجد ان خفض قيمة الدولار، يحوّل هذا الفائض إلى الأسواق الأميركية، خصوصًا أن العائد المالي مرتفع.
وتبقى مسألة الدول التي تربط عملتها بالدولار، هذه في الغالب من الدول النامية، أي أنها تستورد اكثر مما تُنتج، ويقع عليها عبء الخسارة. اما الدول المصدّرة للنفط، فهي أوفر كسبًا من غيرها، علمًا أن مكسبها هو تضخمي. فسعر برميل النفط حاليًا، يوازي سعره الثابت قبل ثلاثة عقود، بعد تجريده من عوامل التضخم والمؤثرات الخارجية، بحسب ما أكدّه رئيس منظمة أوبك الوزير الإماراتي محمد الهاملي. في لبنان قيمة الناتج المحلي لم تتجاوز، بالسعر الثابت، سقف ما كانت عليه في 1974.
الولايات المتحدة الأميركية تريدُ للصين عملة قويّة، وتريدها أن تكافح التلوّث الناتج عن التصنيع، هي تهدف بأي ثمنً أن تزيد تكلفة السلع المنتجة لديها. لكن أميركا نفسها تعصى الاتفاقات الدولية التجارية والمناخية، وتحارب بدولارٍ ضعيف. إنها تصدّر التضخم إلى العالم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.