تجاوز العراقيون ظروفهم الصعبة وعدم لعبهم على أرضهم وبين جماهيرهم منذ فترة طويلة، ونجحوا في تحقيق كأس آسيا للمرة الأولى في تاريخهم، بعدما تجاوزوا نظيرهم السعودي بهدف من دون رد، في المباراة التي أقيمت بينهما في نهائي كأس آسيا ال 14 لكرة القدم في جاكرتا أمس. وسجل المهاجم يونس محمود هدف المباراة الوحيد في الدقيقة 71. وبدا لاعبو العراق سعداء بالفوز الذي حققوه، وأكدوا في تصريحات متفرقة أنهم يتمنون أن يكون هذا الانتصار تنفيساً للشارع العراقي عن الأزمات المتعددة التي يعاني منها، فيما قال أفضل لاعب في المباراة الختامية نشأت أكرم إن تجربته وتجربة مدرب العراق فييرا السابقة في الدوري السعودي ساعدتهم في التعامل مع اللاعبين السعوديين أثناء اللقاء. وتساوت المرات التي خسر فيها المنتخب السعودي بالتي فاز بها في نهائيات كأس آسيا، إذ أحرز اللقب ثلاث مرات اعوام 1984 و1988 و1996، وخسر في 1992 و2000 و2007. وستشارك منتخبات العراق والسعودية وكوريا الجنوبية مباشرة في نهائيات كأس آسيا ال 15 العام 2011، من دون خوض التصفيات، وستقام الدورة المقبلة في قطر، حسبما أعلن الاتحاد الآسيوي رسمياً أمس. وعلى رغم أن الكأس لم تكن لتذهب إلا إلى فريق واحد، إلا أن لقب الهداف تقاسمه ثلاثة لاعبين، هم السعودي ياسر القحطاني والعراقي يونس محمود والياباني ناوهيرو تاكاهارا بأربعة أهداف لكل منهم، بيد ان القحطاني تفوق بالقرعة. كما ظفر عريس النهائي يونس محمود بجائزة افضل لاعب في البطولة، وهو لقب مستحق عطفاً على ما قدمه في المباراة النهائية. مسيرات توحد العراقيين وفي بغداد الحياة، لم تحل"نقاط التماس"الطائفية وحظر التجول المفروض على معظم مناطق العراق وفتاوى دينية رافقت الاجراءات الأمنية، دون تعبير العراقيين عن فرحتهم، وعلى"الطريقة العراقية"، بفوز منتخبهم لكرة القدم بكأس آسيا للمرة الأولى في تاريخه، وذلك في وحدة حال لم يشهدها هذا البلد المنكوب منذ غزوه العام 2003. وفور انتهاء المباراة النهائية لكأس آسيا واعلان فوز المنتخب العراقي، خرج ملايين العراقيين في إحتفالات عفوية غير مسبوقة شهدت اطلاق نار في الهواء ابتهاجاً، وسط هتافات وطنية وزغاريد النساء. وعلى رغم فتاوى مرجعيات دينية حرمت اطلاق النار وحظر الحكومة هذه الظاهرة، دوت سماء بغداد ومدن عراقية أخرى بالعيارات النارية لساعات من دون توقف، فيما انهمرت اتصالات عراقيين في الاغتراب مع أقاربهم للتهنئة، ونحر آخرون عشرات الذبائح احتفالاً بالمناسبة. والفرحة عمت أيضاً في مناطق شهدت تفجيرات دامية أخيراً كالكرادة وسط العاصمة، على رغم سقوط 61 قتيلاً و95 جريحاً في انفجار دمر سوقاً بأكملها قبل أيام قليلة. وفي الأنبار المضطربة أمنياً، شارك مسلحون من مجموعات مختلفة في المسيرات وسط اجراءات مشددة للحؤول دون استهداف جماعات متشددة تجمعات المواطنين. وتحدت مئات الدراجات والسيارات التي حملت أعلاماً عراقياً، حظر التجول المفروض على شوارع العاصمة، فيما لم تمنع الشرطة المواطنين بل شاركت سياراتها وسيارات الجيش والاطفاء في حمل عشرات الشباب في مناطق متفرقة. وكسرت حشود المحتفلين في أحياء ساخنة مثل الدورة جنوب العاصمة، نقاط تماس طائفية أقامها مسلحون لتقسيمها. وردد عراقيون في البصرة أهازيج وطنية مثل"منصورة يا بغداد"و"بروح بالدم نفديك يا عراق"، في حين لم تحل فتاوى دينية للمرجعية وزعها رجال الأمن في النجف أهاليها من اطلاق النار خلال مسيرات عفوية فيها. كما احتفل أهالي اربيل الكردية بالفوز وتجولت فرق موسيقية في ساحات المدينة، فيما شاركت آلاف النساء في احتفالات المدن العراقية كافة بحمل العلم العراقي وإطلاق زغاريد الاحتفال.