تتبدل الأماكن وتتغير الأزمنة ويظل المنتخب السعودي وفياً لبطولته المفضلة وهي بطولة كأس آسيا، بدأ السعوديون كتابة تاريخهم الرياضي في بطولة كأس آسيا في عام 1984، وكانت فأل خير عليهم، ثم كرت السبحة بعد ذلك فكرروا انجازهم في الدوحة 1988 وحلوا في المركز الثاني في عام، 1992 لكنهم عادوا بعد ذلك بأربع سنوات واستعادوا لقبهم في الإمارات، ثم تنحوا عن بطولتهم المفضلة في دورتين متتاليتين، الأولى في بيروت وحققوا المركز الثاني، وفي البطولة التي استضافتها الصين قبل ثلاثة أعوام تعرض السعوديون لأقسى فشل في تاريخ البطولات الآسيوية بخروجهم من الدور الأول في سابقة لم يعهدها أنصار الكرة السعودية عن فريقهم. واللافت أن الألقاب التي حصدها السعوديون تحققت جميعها خارج قواعدهم، وهم يسعون أمام عندما يواجهون العراق في نهائي كأس أمم آسيا الرابعة عشرة في العاصمة الإندونيسية جاكرتا إلى ضرب أكثر من عصفور واحد بدءاً بالفوز باللقب واعتلائهم قائمة الفرق التي فازت بالكأس وهو رقم قياسي يمكن للسعوديين أن يظفروا بهم عندما يحققون البطولة للمرة الرابعة مسجلين بذلك انجازاً غير مسبوق، كما ان مسيري الاتحاد السعودي لكرة القدم يراهنون على فريقهم الشاب المكون حديثاً بقيادة مدرب جديد، ونجاح هذه المجموعة الشابة يدعم سياسة الاتحاد المحلي في الاعتماد على الجيل الجديد لتجهيزه للبطولات المقبلة، خصوصاً الهدف الأكبر وهو نهائيات كأس العالم 2010 التي تستضيفها جنوب أفريقيا. نجح المنتخب السعودي في استمالة كل الرياضيين المحايدين بتقديمه عروضاً لافتة طوال مشواره في البطولة فبعد تعادل مع كوريا، نجح"الأخضر"في التغلب على المنتخب الإندونيسي الذي لعب بين 12 ألف من أنصاره، وبعد هذا الفوز أدرك الجميع أن اللاعبين السعوديين ماضون لهدف بعيد، فالتغلب على البلد المضيف بلاعبين جلهم من الشباب أدخل الثقة إلى كل أنصار المنتخب السعودي. ثم واجه الفريق السعودي نظيره البحريني في مباراة خليجية صرفة، وظن البعض أن البحرين ستمارس هوايتها المفضلة وهي اللعب بشكل مختلف أمام السعودية، لكن رد تيسير الجاسم وزملاؤه كان مدوياً برباعية أقصت البحرين من النهائيات. ثم قابل السعوديون نظراءهم الأوزبك في مباراة الكروت الصفراء وكان الفوز حليف"الأخضر"بعد أداء مقنع، وكانت المرحلة الأخطر لزملاء ياسر القحطاني عندما توجهوا إلى فيتنام في أول زيارة للسعوديين إلى هذا البلد لمواجهة حامل اللقب المنتخب الياباني، وعرف المدرب البرازيلي آنغوس كيف يترك الملعب لأبناء مدرب اليابان أوسيم ويطير مع فريقه بثلاثة أهداف لهدفين إلى المباراة النهائية. حظي المنتخب السعودي طوال مسيرته في الدورة الحالية بدعم من كل الأوساط السعودية بدءاً من خادم الحرمين الشريفين وولي العهد، ومروراً بالإعلام الرياضي والمصنف بحدة انتقاداته وانتهاء برجل الشارع. التحضيرات السعودية لم تختلف عن أي مباراة، لكن اللاعبين يدركون معنى عودة الكأس إلى الرياض، وفي جاكرتا لا يمكن الحديث عن الفريق السعودي من دون التطرق إلى الدعم الذي يحظى به هنا في إندونيسيا من رئيس لجنة المنتخبات الأمير نواف بن فيصل الذي بعث رسائل في كل اتجاه مفادها أن المنتخب جاهز وأن خطط اتحاده المحلي هي النظر إلى أبعد من الكأس القارية بإيجاد جيل من الشباب يخدم الكرة السعودية لخمس سنوات مقبلة على الأقل. وإذا كان المنتخب السعودي يملك التاريخ والحضور القوي على الساحة الآسيوية فإن المنتخب العراقي لا يقل شأناً عنه، خصوصاً على صعيد الكرة الخليجية والعربية، لكن حضوره الآسيوي كان على استحياء، إذ كان التأهل إلى الدور نصف النهائي هو الأبرز في مسيرة فريق"أبناء الرافدين"وكان ذلك في عام 1976. ويحاول العراقيون أن يضعوا بصمتهم في تاريخ الكرة الآسيوية، وهم يسعون إلى احتلال صدارة الأخبار الرياضية، بعد أن بقيت بلادهم في المركز الأول في قائمة الأخبار بمشكلاتها السياسية والمذهبية. يملك المنتخب العراقي الكثير من الدوافع لعل من أبرزها الحرص على توحيد العراقيين بعد أن فرقتهم المشكلات الداخلية. ولم يكن وصول الفريق العراقي ضربة حظ على رغم تعادله في المباراة الافتتاحية أمام تايلند، بل إن يونس محمود وزملاءه قدموا عروضاً لافتة ليس أقلها الفوز على ضيف آسيا الجديد المنتخب الاسترالي بثلاثية غير منتظرة، ثم إقصاء المنتخب الكوري وهو أحد صقور الكرة الآسيوية وأحد ممثليها الكبار في بطولات كأس العالم منذ عام 1994. نجح السعوديون والعراقيون في تأكيد علو شأن كرة غرب آسيا وتفوقها على كرة شرق القارة، ونجح المنتخبان كذلك في تقديم وجوه شابة للمرة الأولى، ونجح المنتخبان أيضاً في جعل النهائي الآسيوي عربياً خالصاً بعد تجربة أولى في الإمارات عام 1996. ومباراة الفريقين اليوم تجمع فريقاً سعودياً شاباً وفريقاً عراقياً خبيراً يعرف اللاعبون بعضهم بعضاً منذ أكثر من أربع سنوات... فلمن تجير البطولة الآسيوية؟ للفريق السعودي الشاب أم للعراقي الخبير؟