صدح بالآذان 40 عاماً .. الموت يغيب المؤذن محمد سراج ليلة العيد    استقبل ونائبه المهنئين بعيد الفطر.. المفتي: حريصون على نشر العلم الشرعي بالأحكام العامة والخاصة    سماحة المفتي العام و"نائبه" يستقبلان المهنئين بعيد الفطر    المملكة ترأس الاجتماع الثالث بالدرعية.. لجنة صندوق النقد تناقش تعزيز استقرار الاقتصاد العالمي    بهدف تزويد رؤساء ومديري إدارات تقنية المعلومات بالخبرات.. أكاديمية طويق تطلق برنامج «قادة تقنيات المستقبل»    تمهيداً لبدء رحلاته حول العالم.. طيران الرياض يتسلم الرخصة التشغيلية    انفراجة لأزمة السودانيين العالقين بمعبر أرقين.. الدعم السريع ينفذ مجزرة تجاه مدنيين في «إيد الحد»    تونس تنجز عملية إخلاء مخيمات المهاجرين    بعد تغلبه على تايلاند في كأس آسيا.. أخضر- 17 عاماً يتأهل إلى كأس العالم 2025 في قطر    في ختام الجولة 26 من دوري" روشن".. الشباب يتغلب على الوحدة.. والخليج يعمق جراح الرائد    غداً.. جدة تحتضن قرعة بطولة كأس آسيا للسلة    الزهراني يحتفل بزواج «أسامة»    منسوبو مركز التنمية الاجتماعية في جازان يقيمون حفل معايدة بمناسبة عيد الفطر    زياد البسام يحتفي بلقاء العيد    العثور على تائهين في صحراء حلبان    المرور: الحجز والتنفيذ بعد انتهاء مهلة التخفيض    «المنافذ الجمركية» تسجل 1071 حالة ضبط    طريق عفيف - ضرية.. الخطر قادم    إطلاق "أسبوع فنّ الرياض" لتعزيز التبادل الثقافي    ليالي في محبة خالد الفيصل.. معرض يجسد سيرة قائد وشاعر وإداري مبدع    حفل معايدة لأهالي «القرص» بأملج    العلاقة بين وسائل التواصل والتربية السليمة    تأخر إجراء جراحة يفقد بريطانية ساقها    منصة TikTok فرعية للفنانين    هل يقرأ الذكاء الاصطناعي رسائل WhatsApp    الوجه المظلم لتغطية YouTube انخفاض المستخدمين والمبيعات في صناعة الألعاب    من الرؤية إلى الريادة.. رحلة سعودية نحو سوق عمل تنافسي    مساعد رقمي للعمل في المصانع    واشنطن.. الانقلاب على العولمة الأميركية    من اختطف الهلال؟!    الهلال يجدد الثقة بجيسوس    الجيل يقترب من دور «يلو»    أطفال الحارة الشعبية حكايا وأناشيد    شوف الزهر بعد عَنَا كل هوجاس    القصّة أثر تثقف 1000 طفل    "أخضر السيدات" للشابات يتعادل وديّاً مع البحرين    "البصيلي": يستقبل المهنئين بعيد الفطر المبارك    ذكاء تحت التهديد.. مستقبل العقل البشري في عصر الذكاء الاصطناعي    ساعة على الهاتف تزيد من الأرق    دور غير متوقع للخلايا الميتة    أطعمة للحفاظ على صحة المفاصل    «أبوظبي» يطلق مؤشراً لقياس «قوّة ارتباط المجتمع باللغة العربية»    سعود بن نهار يستقبل مهنئي العيد    إيران: عُمان وسيط المحادثات مع الولايات المتحدة    أميركا تلغي تأشيرات مواطني جنوب السودان    اليمن: مقتل وإصابة ستة أشخاص في قصف أميركي    نائب أمير الشرقية تلقى تهاني منتسبي الإمارة    أمير حائل: المرحلة المقبلة تتطلب تحقيق التحول المؤسسي والخدمي    الهيئة الملكية لمدينة الرياض تحذر من الادعاءات المضللة بشأن المساعدة في التقديم على الأراضي    حصاد العمر المثمر كتب المصحف بخط يده    التعليم تشارك في معرض جنيف للاختراعات    الخليج يغرق الرائد    جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل تقيم حفل المعايدة السنوي بمناسبة عيد الفطر المبارك    مستشفى الرس يُجري أول استئصال لوزتين بتقنية "الكوبليشن"    رجال الأمن.. شكراً لكم من القلب    مطلقات مكة الأكثر طلبا لنفقة الاستقطاع الشهري    بلدية محافظة الشماسية تحتفل بعيد الفطر المبارك    محافظ الطوال يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك في جامع الوزارة ويستقبل المهنئين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



وجهة نظر إقتصادية - أدمغة للاستثمار ... لا للإيجار
نشر في الحياة يوم 23 - 07 - 2007

تُعتبر تجارة الخدمات في العالم، موردًا ماليًا مهمّا للدول النامية، ومنها دول العالم العربي، تبني على أساسه، التوازنَ في ميزانِ مدفوعاتها أو ما يُعرف بحركة الأموال الخارجية. تشكّل هذه التجارة ما يوازي 25 في المئة من حجم تجارة السلع والبضائع، وتبلغ قيمتها 2.5 تريليون دولار. وتتكوّن، أساسًا، من عائد الجهد البشري الذي يؤديه المهاجرون عبر القارات، سواء كانوا من الدول النامية، أو من الدول المتقدمة. ويحتل الاتحاد الأوروبي المرتبة الأولى في تجارة الخدمات، بما يوازي نصف قيمتها، تاركًا للدول الأسيوية المرتبة الثانية بنحو 25 في المئة.
تُركّزُ الدولُ الناميةُ، كثيرًا على أبنائها المهاجرين، لتحقيق التنمية الاقتصادية. وتترجمُ هذه التنمية بما يحوّله هؤلاء من أموال إلى بلدانهم، نتيجةَ خدماتهم للبلدان المضيفة. الحالة تظهر جليّةً بين الدول الحاضنة للمهاجرين، وتلك المصدّرة لهم. ففي العرف الاقتصادي تعتبر دول الجنوب مصدرًا غزيرًا لليد العاملة تورّدها إلى دول الشمال. فالأخيرة، بسبب نمو سكانها البطيء أو السلبي، تفتقر لليد العاملة غير المتوفرة لديها. أما دول الجنوب فبسبب فقرها ونمو أعداد سكانها، لا تملكُ وسيلةً لخلق فرص العمل، بل تجدها في أسواق دول الشمال المتقدمة اقتصاديًا وتقنيًا. هذه الجدلية أنتجت أكثر من 200 مليون مهاجرٍ شرعي، معظمهم من دول الجنوب نحو الشمال، وقلّةٌ منهم من دول الشمال إلى دول الجنوب أو الشمال ومن دول الجنوب إلى دول الجنوب. وتتقدّم المهارة على ما عداها، في مجالات العلوم المتقدمة والتِقانة الحديثة فيتعزّز استخدام الجامعيين في الأبحاث والتطوير، كما في مختبرات الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي، حيثُ يشكّل المهاجرون الغالبية.
الغاية من استثمار المهارات الإبداعية، تتجلّى في تعزيز الابتكار والإبداع. وتزويد حياض الأبحاث في العالم بالأدمغة الكفوءة، التي بواسطتها تحقق الدول إبتكاراتٍٍ تزيد من القيمة المضافة في إنتاجها وتحقق التفاضل في التنافس التسويقي. هنا تلعبُ نشاطات الأبحاث والتطوير، دورًا هامًا. هي مفتاح للإنتاجية الجيّدة، ضمن إطار الاقتصاد المعولم. فالشركات التي تواجه تنافسًا حيويًا منتظمًا، محكومةٌ بالاستمرار في إنتاج سلعٍ جديدة ذات قيمة مضافة عالية، لتحافظ على مواقع محمية لها في أسواق العالم.
وتندرج المجالات التي تحقق أكبر قيمة مضافة ، في نطاق التكنولوجيا العليا، أي الطيران والفضاء، الصيدلة والدواء، التجهيزات المعلوماتية وتجهيزات الاتصالات وأجهزة الدقة. وهي عرفت نموًا سنويًا بمعدل 6.4 في المئة بين 1980 و2003 لقاء معدل نمو سنوي 2.4 في المئة لسائر القطاعات.
حتى 1995، كان الاتحاد الأوروبي يتقدم سائر دول العالم في مبيعات إنتاج التكنولوجيا العليا. بعد عامٍ سبقته الولايات المتحدة فاستأثرت بنسبة 42.5 في المئة من القيمة المضافة المحققة في العالم في هذه القطاعات، الاتحاد الأوروبي 18.4 في المئة بعد 34.2 في المئة، واليابان 12 في المئة. لكن بعد ذلك شهدت دول الجنوب نموًا في القيمة المضافة لمنتجات التكنولوجيا العليا، فصار نصيبُ الصين 9.3 في المئة منها، ومثلها الهند، كوريا الجنوبية 3.7 في المئة، تايوان 3.4 في المئة، واستتباعًا لهذا التطور انخفضت صادرات أوروبا من التكنولوجيا العليا، من 39.4 في المئة من إجمالي الصادرات العالمية في 1980 إلى 32.2 في المئة في 2003 وهي الآن دون عتبة 30 في المئة راهنًا. وفي حقل تكنولوجيا المعرفة، ينخرط عشرات الآلاف من الأدمغة الأسيوية والعربية ودول العالم المتخلف، يساهمون في التطوير وفي تركيب التجهيزات وبنيانها. وتطلب الدول الأوروبية المتقدمة، ومثلها أميركا الشمالية أعدادً كبيرة من المهارات. لذا يزداد مخزون المهاجرين العالميين، بين مليونين وثلاثة ملايين في السنة منذ 1980. وهو ارتفع في الدول المتقدمة 90 في المئة، بين 1990 و2005. ، وتعتبر الصين أهم المناجم البشرية للهجرة، 35 مليونًا، ثم الهند 20 مليونًا، الفليبين 7 ملايين، والمكسيك 26 مليونًا في الولايات المتحدة.
إلاّ أن التغييرات التي طرأت بفعل العولمة، وانتشار الشركات المتعددة الجنسية، وتقدّم دول الجنوب بنموٍّ مطّرد منذ الربع الأخير من القرن العشرين، حتّم عليها الاستعانة بخبراء عالميين ينخرطون في حقل التطوير والأبحاث، ويجددون باستمرار القدرة التنافسية والمناخ الإبداعي، فيحققون قيمة مضافة عالية. وبدا واضحًا السعي الحثيث إلى استقدام الأدمغة الوطنية التي هاجرت وأبدعت في مجالات شتّى. هؤلاء يشكلون الآن العمود الفقري في اقتصادي الصين والهند، وبعض الدول الأسيوية الآخذة بتطوير اقتصاد المعرفة.
يأتي هذا الخيار، بعدد فشل التحليلات العالمية، حول تأثير تحويلات المهاجرين، في الاقتصاد الوطني. صحيح أن حجمها يفوق المساعدات المقدَّمة للتنمية، ويوازي الاستثمارات المباشرة أو يتقدمها قليلاً، لكنّها تصبُّ في سلّة الاستهلاك الخاص للأسر. ولا تلعبُ دورًا مهما في الاستثمار.
لذا شجعت دولٌ مثل الصين والهند والمكسيك، الدياسبورا الخاصّة بكلٍّ منها، على الاستثمار المباشر في مشاريع داخلية، أو استقدمت أبناءها المهرة ليعملوا في ميادين التكنولوجيا العليا، ويحققوا مهاراتٍ رائعة، وسلعًا سيطرت بقدرتها التنافسية على معظم الأسواق العالمية. هي نقلت أدمغتها من حال الإيجار إلى الدول المضيفة أو الحاضنة، إلى حال الاستثمار المباشر، والانخراط في البيئة الوطنية حيثُ تشعر باطمئنانٍ أكبر، ويساهمون في تفعيل النمو الاقتصادي الوطني.
يبقى العالم العربي. هو يستفيد بنحو 30 بليون دولار من أصل نحو 200 بليونٍ من التحويلات الإجمالية، لا تشذّ عن كونها أعلى من الأموال المخصصة للتنمية وأقل قليلا من حجم الاستثمارات الخارجية. لكن التحاليل تظهر أن أكثر من نصفها يذهب إلى الاستهلاك الخاص للأسر، والباقي إلى الاستثمارات. لكن إذا استطاعت دول العالم العربي، أن تحمل الدياسبورا العربية على المزيد من الاستثمار في الدول الأم، فإنها تخلقُ فرص عملٍ في مجالات اقتصادية جديدة، تجذبُ الأدمغة والمهارات وتحولها إلى أعشاشها الداخلية، حيث تسهم في التنمية الاقتصادية، وتزيد من الناتج المحلي، وهو مجموع القيم المضافة المحققة في الاقتصاد، ويحوّلون الدمغة من سلعٍ للإيجار إلى أدمغةٍ للإبداع والاستثمار. ويحدُّ ذلك من هجرة المهارات الجامعية الوافدة إلى سوق العمل.
بذلك تبنى الاقتصادات العربية وتتهيّأ للمنافسة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.