تواجه الموانئ الأوروبية اختناقاً وتأخيراً فوضوياً متزايداً في تسليم البضائع، بسبب عدم قدرتها على استيعاب حركة الحاويات المزدهرة، خصوصاً القادمة من آسيا. وتعتبر موانئ"فيليكس ستو"وپ"ساوثمبتون" في بريطانيا، و"روتردام"في هولندا و"هامبورغ"في ألمانيا الأكبر في أوروبا، إلا أن إداراتها اضطرت إلى تحويل مسار سفن الشحن، هذه السنة، بسبب عدم توافر الأحواض والأرصفة لرسو هذه السفن، بحيث وصل معدل تأخير تسليم البضائع المستوردة، في هولندا وبلجيكا، إلى يومين تقريباً. وتنتظر شاحنات نقل الحاويات ساعات طويلة في ميناءي"روتردام"وپ"أنتويرب"قبل إفراغ شحنات السفن. ويرى مسؤولو الصناعة الأوروبيين أن العلاج الوحيد لهذا الاختناق يتمثل في توسيع طاقة الموانئ الأوروبية على استيعاب طفرة استيراد السلع الآسيوية، لا سيما الصينية منها. لكن مشاريع التوسع لا تتقدم بسرعة كافية لمُجَاراة التجارة الآسيوية المنتعشة. وتوقعت بيانات الجمعية الأوروبية للنقل والخدمات اللوجستية والتموينية"كليكات"نمو حركة شحن الحاويات بنسبة 7.8 في المئة سنوياً، حتى عام 2011، فيما ستنمو طاقة استيعاب الحاويات في الموانئ الأوروبية كلها بنسبة 4.2 في المئة سنوياً. ومع ذلك، لا يقترب وضع الموانئ الأوروبية الغربية من أوضاع الاختناقات الخطرة المسجلة في بعض الموانئ الروسية أو الآسيوية أو الأميركية. لكن عدم تدخل الاتحاد الأوروبي، في المستقبل القريب، لمعالجة هذه المشكلة سيؤدي إلى تدهور أوضاع الموانئ الأوروبية بصورة مقلقة. فقد شهد النصف الأول من هذه السنة، تأخر 73 في المئة من سفن الشحن في دخول الموانئ الأوروبية، بسبب عدم قدرتها على الرسو، مقارنة بتأخر طاول 45 في المئة من هذه السفن في الفترة ذاتها من السنة الماضية. وفي سياق متصل، أفاد العاملون في المشغل الرئيسي لمحطة الحاويات في ميناء"روتردام"،"آي سي تي"، بأن نمو الحركة التجارية المتدفقة من الشرق الأقصى أصبح خارج سيطرتهم، ما ينعكس أحياناً في تأخير"محرج"في تسليم البضائع على الأراضي الأوروبية. وتنمو حركة شحن الحاويات في ميناء"روتردام"بنسبة 15 في المئة سنوياً، وزاد حجم الحاويات فيه في النصف الاول من السنة الحالية بنسبة 10 في المئة. و18 في المئة في ميناء"أنتويرب"، و9.6 في المئة في ميناء"هامبورغ". وتسعى موانئ أوروبا الغربية الكبرى إلى إنشاء محطات حاويات لمواجهة المشكلات والمصاعب الناجمة عن تعاظم الحركة التجارية الآسيوية، على ان تبدأ عملها بين عامي 2008 و2009. وتصل القيمة الإجمالية لكل مشروع استثماري أوروبي، يهدف إلى توسيع نشاطات الموانئ الأوروبية، إلى 3.7 بليون دولار تقريباً. بيد أن معظم هذه المشاريع تواجه معارك قضائية بسبب المخاوف البيئية. لذا لا يتوقع المحللون إكمال هذه المشاريع قبل عام 2012، علماً أن أوروبا تحتاج إلى إنجازها قبل هذا التاريخ بكثير، لتفادي انهيار بنية موانئها. والحل المنطقي الوحيد لمشكلة الاختناق هذه، جاء عبر ميناء"دنكيرك"الفرنسي وشركة"يوروتونيل"التي تدير نفق المانش، بحيث تفرغ شحنات السفن في"دنكيرك"، ثم تنقل بالقطارات عبر النفق إلى بريطانيا.